نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتب ألان ترافيس، تقول فيه إن قضاة
محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حكموا بقانونية سياسة رئيسة الوزراء البريطانية
تيريزا ماي في نزع
الجنسية البريطانية عن المشتبه في كونهم إرهابيين خلال وجودهم في الخارج؛ لمنعهم من العودة إلى
بريطانيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن رجلا سوداني المولد يشتبه في تورطه في أنشطة إرهابية، حصل على الجنسية البريطانية عام 2000، تقدم لمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية بدعوى يقول فيها إن سحب جنسيته البريطانية ينتهك حقه الخاص، وحقه في حياة عائلية، لافتا إلى أنه عندما نظرت المحكمة في الدعوى المقدمة، فإن القضاة قرروا بالإجماع رفض دعواه.
ويذكر الكاتب أن المحكمة رفضت دعوى الرجل بأنه لن يستطيع الدفاع عن نفسه بشكل فاعل من الخارج؛ لأنه يخشى أن تعترض سلطات مكافحة الإرهاب السودانية مراسلاته مع محاميه، حيث قال القضاة في ستراتسبورغ بأن ماي، التي كانت تشغل وزيرة للداخلية حينها، "تصرفت بسرعة وبجد، وبحسب مقتضيات القانون".
وتلفت الصحيفة إلى أن المدعي كان مواطنا بريطانيا لمدة 10 سنوات، ونشأ في بريطانيا، وتم إسقاط الجنسية عنه خلال وجوده في السودان، مشيرة إلى أن القضاة قالوا إن هناك خلافا حول سفره مباشرة إلى السودان من المملكة المتحدة، أم إنه ذهب عبر الصومال مع "صديقين متطرفين، حيث تورط في أنشطة مرتبطة بالإرهاب وبحركة الشباب".
ويجد التقرير أن الحكم الصادر عن المحكمة في ستراتسبورغ سيشجع وزراء الداخلية على استخدام سلطاتهم لمنع عودة المشتبه في تورطهم في الإرهاب، حتى لو كانوا مواطنين بريطانيين.
ويلفت ترافيس إلى أن الأرقام التي جمعها مكتب الصحافة الاستقصائية، التي نشرت في شهر حزيران/ يونيو، تبين أنه تم إسقاط الجنسية عن ما لا يقل عن 33 بريطانيا؛ على خلفية الاشتباه في التورط في الإرهاب منذ أن كانت ماي وزيرة للداخلية عام 2010، منوها إلى أنهم كلهم يحملون جنسية أخرى، أي إنه لم يُترك أحد منهم "دون جنسية" من خلال استخدام هذه السلطة.
وتنوه الصحيفة إلى أن الوزراء لم يستخدموا هذه السلطة المنصوص عليها في قانون الجنسية لعام 1981 بشكل واسع، حتى تم استخدامها مع المواطنين العائدين من سوريا، حيث إنه تم توسيعها في عام 2014، لتتضمن ليس فقط من يحملون جنسيتين، بل حتى في حالات أن "هناك أرضية معقولة لاعتبار أن الشخص يمكن أن يكون مؤهلا للحصول على جنسية أخرى"، مشيرة إلى أنه تم انتقاد هذا التوسيع للقانون؛ بحجة أنه قد ينتهك الالتزامات الدولية إن تسبب بترك أشخاص دون جنسية.
ويفيد التقرير بأن المحكمة تعاملت يوم الخميس مع رجل مولود في السودان، ولم يذكر اسمه في أوراق المحكمة، وأشير إليه فقط باسم K2، وصل مع أهله إلى بريطانيا طفلا، وحصل على الجنسية عام 2000، وتم اعتقاله عام 2009، ثم وجهت له تهمة الإخلال بالنظام العام، لكنه غادر بريطانيا قبل انتهاء مدة الكفالة، لافتا إلى أن وزارة الداخلية تدعي أنه سافر أولا إلى الصومال، "حيث تورط في أنشطة تتعلق بالإرهاب مرتبطة بحركة الشباب".
ويبين الكاتب أنه عندما كان K2 في السودان قامت ماي بإصدار أمر في 14 حزيران/ يونيو 2010، بنزع الجنسية عنه، بالإضافة إلى أمر آخر يمنعه من دخول بريطانيا بسبب أنشطته المزعومة المتعلقة بالإرهاب وعلاقاته مع المتطرفين، مشيرا إلى أنه كان هناك استئناف ضد منعه من دخول بريطانيا في المحاكم البريطانية، لكن المحكمة العليا رفضت دعواه عام 2013، بالإضافة إلى أنه كان هناك استئناف آخر بخصوص جواز سفره البريطاني، تم تقديمه للجنة استئناف الهجرة الخاصة، التي كان حكمها بأنه يستطيع التواصل مع محاميه عن طريق البريد الإلكتروني و"سكايب".
وتورد الصحيفة أن وزارة الداخلية البريطانية رحبت بحكم المحكمة، قائلة: "الجنسية امتياز وليست حقا، ومن حق وزير الداخلية أن يحرم شخصا من جنسيته، حيث يعتقد أن ذلك يخدم الصالح العام".
وبحسب التقرير، فإن حكم الخميس جاء في وقت أظهرت فيه الإحصائيات الرسمية أن عدد الأشخاص الذين تم سجنهم لمخالفات مرتبطة بالإرهاب في بريطانيا وصل إلى 183 شخصا في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2016، منوها إلى أن هذا الرقم يظهر زيادة عن العام السابق بأربعين شخصا.
ويقول ترافيس إن الإحصائيات تظهر أن واحدا من كل ثلاثة مشتبه فيهم اعتقلوا في بريطانيا العام الماضي هو شخص أبيض، حيث وصل هذا العدد إلى 91 من مجموع 260 معتقلين للاشتباه في تورطهم في مخالفات تتعلق بالإرهاب، مشيرا إلى أن هذا العدد يزيد بعشرين شخصا عن عام 2015، الذي وصل فيه عدد المعتقلين إلى أكبر عدد خلال عام منذ عام 2003، في الوقت الذي وصل فيه المجموع العام في 2015 إلى 282 شخصا.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن عدد الاعتقالات المرتبطة بالإرهاب "محليا" زاد لأكثر من الضعفين من 15 إلى 35، أي 8 من 35، أي بمعدل واحد من كل ثمانية معتقلين.