شن نظام حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الأربعاء، هجوما غير مسبوق على ما اعتبره "انتهاكات" لحقوق الإنسان في
أوروبا، عبر بيان ألقاه المندوب الدائم لمصر لدى
الأمم المتحدة، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع للأمم المتحدة، في وقت أشاد فيه السيسي، في لقاء بالقاهرة، مع وفد برلماني ألماني، بحالة حقوق الإنسان في
مصر، وقال إنها توازن بين الحريات، ومتطلبات الأمن والاقتصاد.
وجاء الهجوم المصري العنيف، في بيان ألقاه مندوب مصر، عمرو رمضان، ردا على بيانات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وسويسرا أمام المجلس، التي قالت إن هناك تضييقا على منظمات المجتمع المدني في مصر، وطالبت مصر باحترام حقوق الإنسان، في إطار مكافحة الإرهاب، بحسب تعبيرها.
لكن القاهرة، فندت، في بيانها شديد اللهجة، أمام المجلس، حالة حقوق الإنسان في العديد من الدول الأوروبية، من باب أن "خير وسيلة للدفاع هي الهجوم"، وفق محللين.
وفي بيانها، طالبت مصر، السلطات الإيطالية، بكشف ملابسات مقتل الشاب المصري، محمد باهر صبحي، الذي وُجدت جثته على شريط قطار في نابولي خلال نيسان/ أبريل الماضي، فضلا عن الشاب هاني حنفي، الذي تُوفي داخل سجنه في روما الأسبوع الماضي، مطالبة بإجراء تحقيق شامل في هذه الحوادث، وكذا في وقائع مقتل 11 شابا في السجون الإيطالية منذ بداية هذا العام بواقع أربعة كل شهر.
وأعربت القاهرة عن القلق، إزاء إجراءات الأمن في السويد، التي أدت إلى أن ربع المحبوسين في السجون لم تتم محاكمتهم بعد فترة احتجاز لبعضهم تصل إلى 1400 يوم، فضلا عن الاستخدام المفرط للقوة، واستخدام أسلحة محرمة دوليا، كرصاص (الدمدم)، واستمرار تطبيق سياسات الفرز الإثني.
وانتقدت مصر، قانون مكافحة الإرهاب في هولندا، الذي يوسع صلاحيات فرض حظر السفر، ويخول للأجهزة الاستخباراتية الرقابة على الاتصالات، فضلا عن استخدام الشرطة للقوة المفرطة في الجزء الكاريبي، والممارسات التمييزية التي يتعرض لها المهاجرون واللاجئون، بحسب البيان.
وأعربت القاهرة عن بالغ القلق إزاء القوانين المقيدة للحريات باسم مكافحة الإرهاب في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا كقانون التجسس، وقانون النقابات في بريطانيا، والانتهاكات البريطانية في أيرلندا الشمالية، وشيوع الإفلات من العقاب إزاءها وحالة الطوارئ المعلنة منذ أكثر من عام في فرنسا.
ودعت مصر فرنسا للوقف الفوري للمداهمات التي بلغت 4 آلاف مداهمة، وكذلك الإقامة الجبرية المطبقة على 400 حالة خلال الأشهر السبعة الأخيرة، وكذلك العنصرية والتعصب ونشر الكراهية والتمييز ضد الأجانب والمسلمين في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، بحسب البيان.
وأدان نظام السيسي، في كلمته، استخدام الحبس الانفرادي بشكل مفرط بما في ذلك ضد الأطفال في الدانمارك، والتوسع في استخدام الاحتجاز قبل المحاكمات وانتهاكات حقوق الإنسان في جرينلاند وجزر الفاروو، وانتشار العنف الجنسي لدرجة تعرض 52% من النساء للعنف الجنسي، و80% للتحرش.
وفي المقابل، أكد المندوب المصري أن مصر تحترم حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب، وأيضا منظمات المجتمع المدني التي تعمل وفقا للقانون في مصر، مشيرا إلى أن قلة من تلك المنظمات والأفراد تتلقى أموالا ودعما خارجيا دون التزام بالقانون، وتلجأ إلى الخارج للتغطية على مخالفاتها للقوانين الوطنية، بحسب تعبيره.
وأشار إلى إدراك مصر الكامل للتهديدات الإرهابية التى باتت تواجه دول الاتحاد الأوروبي، مشددا على ضرورة وفاء تلك الدول بالتزاماتها باحترام وحماية حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب، حسبما قال.
السيسي: نوازن بين الحريات والأمن
وفي تحرك آخر مواز، وهذه المرة بالقاهرة، ادعى رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، حرص مصر (يقصد نظام حكمه) على تحقيق التوازن الدقيق بين حماية الحريات الأساسية، وحقوق الإنسان من جانب، وحفظ الأمن والاستقرار، وعدم الإضرار بمصالح المواطنين، وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية من جانب آخر، على حد وصفه، وفق وكالة أنباء "الشرق الأوسط" الحكومية.(أ.ش.أ).
وتطرق السيسي، لدى استقباله وفد "مجموعة الصداقة المصرية الألمانية"، بالبرلمان الألماني، في مقر قصر "الاتحادية" بالقاهرة، إلى الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أهمية الفهم الصحيح للدين، وتصويب الأفكار الخاطئة، ومواجهة توظيفها لتحقيق أهداف سياسية فضلا عن إعلاء قيم المساواة، وقبول الآخر، حتى في حالة الاختلاف ما دام كان ذلك بالوسائل السلمية، وفق قوله.
وعن العلاقات المصرية الألمانية، قال السيسي إن الظروف الإقليمية والدولية، وما تفرضه من تحديات جسام على مصر وألمانيا تستلزم تعزيز التشاور والتعاون بين البلدين على جميع المستويات.
وبحسب تصريح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، علاء يوسف، فإن أعضاء الوفد أشادوا بما لمسوه خلال زياراتهم لمصر من ترسيخ لحالة الأمن والاستقرار في مواجهة التحديات الإرهابية المتنامية في المنطقة، وشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة بما أسهم في عودة الاقتصاد المصري إلى المسار السليم.
كما أكدوا أهمية دور مصر، وما تمثله من مركز للثقل السياسي والثقافي، في استعادة الاستقرار بالمنطقة، وتسوية الأزمات القائمة بها، فضلا عن التصدي للإرهاب والتطرف على جميع المستويات، خاصة من خلال جهود مصر لدعم التسامح الديني، والتعايش المشترك، بحسب المتحدث الرئاسي.
وجاء لقاء السيسي بالوفد الألماني، برئاسة كارن ماج، في حضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري، والسفير الألماني بالقاهرة.
الصندوق يزور مصر مجددا
وعلى صعيد اقتصادي دولي، كشف وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، أن بعثة صندوق النقد الدولي، ستزور مصر خلال الفترة من 28 نيسان/ أبريل وحتى الثامن من أيار/ مايو المقبل، لمراجعة مدى التقدم في برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وقال الوزير، في تصريحات لصحيفة "الشروق"، الأربعاء، إن المراجعة من قبل بعثة الصندوق تأتي تمهيدا لحصول مصر على الشريحة الثانية من الدفعة الأولى من قرض الصندوق، حسبما قال.