توقع خبراء اقتصاديون ارتفاع معدلات
الفقر في
مصر خلال الفترة المقبلة، مشككين في قدرة برامج الدعم التي تقررها حكومة الانقلاب، ومعاشات الضمان الاجتماعي، والدعم التمويني؛ على تلبية احتياجات المصريين.
وحذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها لعام 2016، من أن مصر دولة شديدة الهشاشة السياسية والاجتماعية، مؤكدة أن الوضع الحالي "يغذي التوتر والعنف في المجتمع".
وتعاني مصر من خلل كبير في توزيع الثروات، حيث يملك واحد بالمئة من المصريين نحو 50 بالمئة من الثروات، وتعد ثامن أسوأ دولة في العالم من حيث توزيع الثروة، وفقا لتقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الصادر الشهر الماضي.
برامج حماية وهمية
وانتقد مدرس الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، منظومة الحماية الاجتماعية بمصر، قائلا: "أكاد أجزم أنه لا يوجد عندنا برامج حماية للفقراء على الإطلاق، مقارنة ببرامج الحماية في المجتمعات الغربية التي تضمن لهم السكن والطعام، وربما مساعدات نقدية".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا يوجد في مصر أيضا برامج للضمان الاجتماعي، وما هو موجود منها عبارة عن وهم لا يغني ولا يسمن من جوع، وخاصة إذا علمنا أن معاش بعض تلك البرامج لا يتجاوز 350 جنيها، كما أنه لا توجد شبكة ضمان اجتماعي لحمايتهم من تبعات برامج الإصلاح المكلفة".
واستهجن "غياب بيئة الأعمال المحفزة؛ التي تجعل المواطنين ينطلقون ويسعون دون الاعتماد على الحكومة"، متهما هذه الأخيرة بأنها "تضع العراقيل من خلال النظم البيروقراطية، والفساد، والاحتكار، وعدم الانضباط في دولاب العمل في مصر، ما يحول دون الإنتاج".
وحذر شاهين من دخول مصر في صندوق مغلق، وهو ما يسميه الاقتصاديون "الحلقات المفرغة للفقر" مشيرا إلى أن "الفقير لا ينتج، ولا يحصل على دخل جيد، وبالتالي لا يستهلك جيدا، ولا تساعده صحته على العمل والإنتاج".
مفيدة ولكن!
أما عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا، عالية المهدي؛ فرأت أن "برامج الحماية الاجتماعية الحكومية مفيدة ومساندة، ولكنها لا تغطي جميع الفقراء، بالرغم من وجود توقعات بوصول المستفيدين منها إلى 1.7 مليون أسرة في نهاية العام الجاري".
وقالت لـ"
عربي21" إن "على الحكومة أن تعمل على أمرين مهمين، أولهما التوقف عن رفع الأسعار، والكف عن اتهام التجار الجشعين بذلك. وثانيهما العمل على خلق فرص عمل كثيرة، فجزء من الفقر ناتج عن قلة العمل".
وحملت المهدي "الحكومة مسؤولية الغلاء، بسبب طباعتها المزيد من النقود التي تؤدي إلى زيادة التضخم"، محذرة من "انضمام فئات فقيرة إلى فئات أكثر فقرا؛ بعد موجات ارتفاع الأسعار الأخيرة".
الدخول للفقر أكثر من الخروج منه
من جهته؛ قال الخبير في علم الاجتماع السياسي، عمار علي حسن، إن "برامج الحماية الاجتماعية تعالج العرَض، ولا تعالج المرض".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مصر تعاني من سوء وخلل في توزيع الثروة منذ عقود، بالإضافة إلى ضعف الإنتاج، وبالتالي اتسعت رقعة الفقر إلى حد كبير"، لافتا إلى "وجود نهب منظم لثروات الوطن والمال العام، ما خلق خللا اجتماعيا أدى إلى اطراد عدد المهمشين تحت خط الفقر".
وانتقد حسن سياسات الحكومة الاقتصادية قائلا: "ليس هناك ما يضمن أو ما يحمي أي أسرة في المجتمع من أن تهب عليها رياح الفقر، وذلك نتيجة السياسات الحكومية التي لا تخرج الفقراء من فقرهم، وإنما تزيد من عدد الداخلين إلى نفق الفقر".
اضطرابات اجتماعية
بدوره؛ قال الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، محمود العربي، إنه "لا يوجد برامج اجتماعية حقيقية"، مستدركا بأن البرامج الموجودة "وفرت جزءا أو موردا لبعض الأسر الفقيرة في ظل الغلاء الفاحش، لكن هذه البرامج لا تشمل جميع الفقراء، فأكثر من نصف المصريين تحت خط الفقر".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "تلك البرامج لا تغطي نسبة كبيرة من المستحقين، بالرغم من أن وجودها شيء جيد، ولكن لا يمكن اعتبارها مظلة حمائية ضد ارتفاع الأسعار".
وأكد أنه "على المدى القريب؛ لا يوجد ما يحول دون اتساع دائرة الفقر، فسبل مكافحة الفقر تتمثل في خلق فرض عمل، وزيادة الإنتاج، وهو ما لم يتحقق حتى الآن"، مشيرا إلى أن "أكثر من تأثر بالأزمة الاقتصادية هم الطبقة العاملة، والموظفون الذين تقلصت دخولهم إلى النصف وأقل".
واستبعد العربي أن تؤدي حالة الهشاشة الاجتماعية إلى "ثورات شعبية ضد الوضع الاقتصادي"، ولكنه رجح أن تتسبب في "اضطرابات اجتماعية، كزيادة عمليات السطو والسرقة، نتيجة لضيق ذات اليد، وليس لجمع المال، وهذه العمليات ازدادت بالفعل بسبب فشل السياسات الاقتصادية الحكومية".