تسود أجواء من الغضب المتصاعد في مدينة عين العرب (
كوباني)، في ريف حلب الشمالي، جراء قيام قوات الأمن الكردية "الأسايش" باعتقال الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما، بغرض إلحاقهم بالتجنيد الإجباري في صفوف
الوحدات الكردية.
وأوضح عدد من الناشطين من داخل المدينة؛ أن عناصر الإدارة الذاتية تقتحم المنازل والمحلات التجارية، بحثا عن الشباب، ما أدى، بحسب الناشطين، إلى توقف مظاهرة الحياة المدنية بشكل شبه كامل في المدينة.
وتأتي هذه الحملة التي وصفت بـ"الهستيرية"، مع احتدام المعارك التي تخوضها قوات
سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، ضد تنظيم الدولة على أطراف مدينة الرقة وريف دير الزور.
وقال الحقوقي الكردي محمود كرعو، من مدينة عين العرب، إن الحملة قوبلت برفض شعبي من الأهالي، مرده إلى رفض
الأكراد المشاركة في معارك لا شأن لهم بها.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21": "لقد نفد صبر أكراد سوريا من سياسات حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، التي لا تخدم قضيتهم، والتي أدت إلى هجرة الشباب الكرد من المناطق الكردية السورية".
من جانبه، أرجع الناشط الإعلامي الكردي جوان رمو؛ قيام الوحدات الكردية بالتجنيد الإجباري إلى حاجتها لمقاتلين في معارك الرقة، وأوضح لـ"
عربي21" أن غالبية المجندين سيزج بهم في المعارك التي من المرتقب أن تزداد حدتها في الأيام المقبلة، بعد تلقيهم تدريبات عسكرية.
ولا تقتصر حملات
التجنيد هذه على الشباب الأكراد، بحسب رمو؛ الذي أكد أنها تستهدف أيضا أترابهم العرب في منطقة تل أبيض بريف الرقة.
في الأثناء، دعت "هيئة الدفاع" في مدينة عين العرب المطلوبين لـ"واجب الدفاع والحماية الذاتية"، لتسوية أوضاعهم والالتحاق بقوات الدفاع الذاتي.
لكن الهيئة نفت في بيان نشرتها على صفحتها على "فيسبوك"؛ ما تردد عن حملات تجنيد إجباري، وقالت إن "قواتنا قوات الدفاع الذاتي (..) تتكون من شبان المنطقة بجميع مكوناتها" ممن "التحقوا طواعية".
وجاء في البيان: "نحن في هيئة الدفاع والحماية الذاتية في مقاطعة كوباني ننفي كل الادعاءات التي تروجها بعض الأطراف المعادية لاستقرار ومكتسبات وحرية مكونات الشمال السوري عن حملات تجنيد الإجبارية"، وفق البيان.
لكن البيان تابع قائلا: "إن أخطاء فردية بتنفيذ سوق بعض الشباب المتخلفين عن أداء الواجب الدفاع الذاتي بشكل غير أصولي؛ أمر مدان ولا نتقبله، وليس أسلوبا حضاريا نطلبه لشعبنا، لذا إن حصلت مثل تلك الانتهاكات، فإننا نعتذر من الشعب كونه مصدر قوتنا، ونتعهد له بأننا سنقوم بمحاسبة هؤلاء المخطئين إن وجدوا"، على حد تعبير البيان.
استغاثة دولية
من جهتها، دعت ممثلية المجلس الوطني الكردي في أوروبا؛ المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف حملات التجنيد في مدينة كوباني.
وقالت الممثلية في بيان وصلت لـ"
عربي21" نسخة منه: "لقد وصل الحال بالسكان إلى إطلاق نداءات استغاثة، لحماية أبنائهم من الموت"، مشيرة إلى أن الوحدات الكردية تغلق منافذ المدينة.
ورفضت الممثلية "بشدة هذه الحملة وغيرها؛ التي تتسبب في تفريغ كردستان سوريا من سكانها الكرد، وخصوصا من فئة الشباب"، وفق تعيبر البيان.
كفى قتلا لشبابنا
كما صب ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي جام غضبهم على حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، متهمين إياه بخوض معارك "لا ناقة ولا جمل للأكراد فيها" على حساب الشباب الأكراد.
وفي هذا الإطار، كتب الصحفي الكردي ماجد حاج كبة، على صفحته الشخصية في "فيسبوك" ساخرا: "داعش يجمع المجاهدين من العالم لترتوي من دمائهم أرض سوريا، وجماعة ألدار خليل (قائد الوحدات الكردية) كذلك تجمع الشباب الكرد من شوارع كوباني وعفرين والجزيرة، لتحولهم إلى سماد طبيعي في منبج والرقة وريف دير الزور".
وقال راشد محمد: "على الإدارة الذاتية أن تعلم أن شبابنا ليسوا ملك أحد، ليتم رميهم في معارك لا ناقة ولا جمل لنا فيها".
وغرد محمود أحمد: "لندن مدينة للضباب بقدرة إلهية، وكوباني خالية من الشباب بقدرة بشرية".
وتابع جيلو حسن: "كوباني لا تستحق كل هذا العقاب.. لقد أصبحت جهنم".
ووصف الصحفي الكردي زارا سيدا، من يسكت عن حملات التجنيد في عين العرب وتل أبيض بـ"الشيطان الأعمى".
وتحت وسم "#PYD كفى قتلاً لشبابنا"، اقترح كانيوار برزان تغيير اسم "قوات سوريا الديمقراطية"، إلى "قوات تحرير الكون"، لأن هذا القوات يمكن أن تذهب في يوم من الأيام "إلى المريخ لتحريره أيضا".
وشن برزان في تدوينة أخرى هجوما على الشيخ القبلي العربي حميدي دهام الجربا، المتحالف مع الوحدات الكردية، بالقول: "شيخ شيوخ رعاة الغنم الشيخ حميدي دهام أنتم تمرحون وشبابنا إلى الموت يساقون".