كشف منع السلطات
المصرية؛ القيادي
الفلسطيني في حركة
فتح، جبريل الرجوب، من دخول مصر، عن حجم التوتر بين القاهرة ورئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس، والذي أخذ منحى تصاعديا في الآونة الأخيرة.
وقامت سلطات مطار القاهرة، الاثنين، بترحيل الرجوب إلى الأردن، حيث كان من المفترض أن يشارك ضمن وفد فلسطيني في أعمال المؤتمر الوزاري العربي حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية، الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ على مدار يومين، بدعوة من الجامعة العربية.
ويقول مراقبون إن النظام المصري يريد بعث رسالة واضحة إلى عباس، مفادها أنه ليس بإمكانه الاستمرار في البقاء على رأس السلطة الفلسطينية، وذلك في إطار الصراع على السلطة مع محمد دحلان المدعوم من مصر والإمارات، إلى جانب دول عربية أخرى.
كما يربط البعض بين منع الرجوب من دخول مصر، وبين شن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في رام الله حملة اعتقالات في صفوف المشاركين في مؤتمر شبابي فلسطيني، نظمه القيادي المفصول في حركة فتح، محمد دحلان، بالقاهرة الأسبوع الماضي.
تأهيل دحلان
وفي هذا الصدد؛ قال مستشار ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار محمد غباشي، إن "ترحيل المسؤول الفلسطيني مسألة ليست مستحبة، وهو تصرف بحاجة إلى تبرير رسمي، لتوضيح الأمور"، محذرا "من خطورة التعامل ما بين أقطاب داخل منظمة أو دولة بعيدا عن القطب الرسمي، المعترف به دوليا".
ورأى غباشي، في حديث لـ"
عربي21" "أنه قد تكون هناك رغبة مصرية في تأهيل أحد الكوادر السياسية داخل فتح لخلافة أبو مازن؛ ومن الطبيعي أن يكون للقاهرة رأي أو رؤية، شريطة ألا تكون مؤثرة في مجريات القضية، أو في طريقة تداولها، أو في طريقة تعاطي المواقف الإقليمية والدولية معها"، كما قال.
وأضاف: "الرئيس الفلسطيني ما زال هو الشخص الرسمي، والمعترف به إقليميا ودوليا، ولكن كون وجود قطب من أقطاب حركة فتح تميل القاهرة للتعامل معه، أمر وارد، ولكن لا ينبغي ألا يؤثر على تعاطي مصر مع القضية الفلسطينية"، على حد قوله.
لماذا دحلان
من جهته، أرجع وكيل وزارة الخارجية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، تصرف السلطات المصرية إلى "وجود خلاف مع القيادة الفلسطينية المتمثلة في محمود عباس، وأن مصر لا تتوافق معه، وأنها تؤيد تولي دحلان الدفة في الفترة المقبلة، واليوم قبل الغد، وهناك ازدواجية في التعامل مع الطرفين"، على حد قوله.
وقال في تصريحات لـ"
عربي21": "لا يوجد معنى، أو أي احتمال أن مصر الحالية تعمل من أجل القضية الفلسطينية؛ فهي تخضع لضغوط كثيرة، ولديها تطلعات غريبة، وسياسة غامضة ليس فقط في فلسطين فقط، وإنما في ليبيا وسوريا واليمن وإيران".
وعن سبب تأييد نظام السيسي لدحلان، رأى يسري أن "أجندة الغرب كلها دحلان، وأموال الإمارات كلها دحلان، وهو الشخص الوحيد القادر على تنفيذ كل ما يطلب منه خلال الفترة المقبلة، والتي يعاد فيها تشكيل القضية الفلسطينية"، مضيفا: "الخط المصري في هذا الصدد مؤسف للغاية، وأصبحت مصر أداة في يد الغرب، وبعض الدول الأخرى"، على حد وصفه.
الصورة بدون عباس
ووصف الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الإسرائيلية، أبو بكر خلاف، علاقة السيسي بعباس "بالمتوترة، بعد رفض الأخير مبادرة الأول فيما يتعلق بعملية السلام العام الماضي، الذي حاول استغلال المبادرة في خطب ود الغرب والخروج من عزلته السياسية"، وفق قوله.
وأكد في حديثه لـ"
عربي21" أن "القاهرة تسعى بالتعاون مع الإمارات وإسرائيل وحماس إلى إزاحة أبو مازن، وهو ما تؤكده الشواهد حينما تم استبعاد حضور الأخير في اجتماع العقبة العام الماضي الذي جمع عاهل الأردن ونتنياهو والسيسي وكيري، لمناقشة قضية السلام".
رسالة لعباس
أما الحقوقي المصري نجاد البرعي، فأشار إلى أن منع السلطات المصرية دخول شخصية سياسية يتم من خلال الأجهزة الأمنية.
وقال لـ"
عربي21": "هذا الفعل يعني أن مصر تضغط باتجاه معين، لتوصيل رسالة معينة، وهذه ليست المرة الأولى التي تمنع فيها مصر مسؤولا فلسطينيا سواء محسوبا على حماس أو فتح من دخول أراضيها".
وأضاف: "في ظل وجود الخلافات الوقتية تستخدم مثل هذه الأوراق بالمنع من الدخول كنوع من أنواع الغضب، أو التعبير عن الاستياء الشديد من الجهة التي ينتمي لها هذا المسؤول أو ذاك"، وفق تقديره.
طرف في الأزمة
بدوره؛ ذكّر الناشط السياسي هيثم أبو خليل بالتسريب الذي أذاعته قناة مكملين (المعارضة في تركيا) بين مسؤول في المخابرات المصرية ودحلان، "والذي يؤكد أن مصر باتت طرفا في أزمة فتح الداخلية"، وفق قوله.
وأضاف لـ"
عربي21": "دحلان لا يمثل نفسه، ولكنه يمثل خط تفاهمات مع الصهاينة؛ فهو أكثر ابتذالا وتنازلا، وكذلك خط مدعوم إقليميا من النظام الإماراتي؛ فدحلان هو كلمة السر في إعادة الشكل العربي الأكثر تطبيعا بمعاونة السيسي وملك الأردن"، على حد قوله.