نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن "الانفجار الديمغرافي" الذي قالت إنه بات يهدد
مصر، في ظل الموارد المتاحة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشعب المصري لا يزال يعاني من تبعات الأزمات الاقتصادية، على غرار غلاء المعيشة وارتفاع نسب البطالة. وفي هذا السياق، أفادت الإحصائيات أن عدد سكان الشعب المصري تجاوز 92.5 مليون نسمة، إذ تشهد مصر ارتفاعا سكنيا يقدر بحوالي 2.7 مليون مولود جديد سنويا.
وبينت الصحيفة الصعوبات التي يعاني منها الشعب المصري، الذي لا يقلقه هذا الانفجار
السكاني بقدر ما يقلقه ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي زادت من تفاقم المعاناة والأوضاع المعيشية.
في هذا السياق، لم يخف اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قلقه إزاء ارتفاع عدد السكان في مصر، حيث قال: "إذا سألتم المصريين عما يشغلهم، سيجيبون بأن ما يقلقهم هو غلاء الأسعار والخوف من الإرهاب. أما الكثافة السكانية، فقد كانت تعدّ من آخر اهتماماتهم".
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لهشام مخلوف، المختص في علم السكان في جامعة القاهرة، فإن الحكومة المصرية سبق أن أجرت حملات توعوية داخل القرى التي تعد فيها نسب الزيادة السكانية مرتفعة مقارنة بأماكن أخرى، وذلك للحد من هذه الظاهرة وحثهم على اتباع سياسة تحديد النسل.
وتحدثت الصحيفة عن نسبة الولادات في مصر التي كانت تشهد نموا يماثل النسبة في إيطاليا سنة 1950. بينما في سنة 2014، ارتفع عدد الرضع في مصر بنسبة تفوق العدد الإجمالي للرضع في كل من إيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة والسويد وإسبانيا مجتمعة. ومن جهته، علق أبو بكر الجندي، قائلا: "خلافا لهذه الدول الأوروبية، نحن لا نملك الوسائل الكافية للاستجابة لمتطلبات العائلات الفقيرة ولتوفير حاجياتها".
وتحدثت الصحيفة عن عزبة أبو قرن، الحي الشعبي الذي يقع في ضواحي القاهرة والذي يحتوي على بنايات عشوائية. والناس في هذا الحي يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، حيث تتشكل المنطقة من مبان صغيرة متشابكة في أزقة ضيقة تتناثر فيها القمامة والروائح الكريهة، كما تنتشر تجارة المخدرات.
ونقلت الصحيفة عن مها عبد الله، وهي أم لثمانية أطفال وتبلغ من العمر 37 سنة، قولها: "لا حياة لأطفالي هنا"، معبرة عن غضبها من غياب الدولة. فهي كغيرها من الأمهات تحلم بأن يكون لأطفالها مستقبل زاهر، ومورد رزق من شأنه أن يضمن لهم كرامتهم. ولكن من المستحيل أن يتحقق ذلك الحلم في ظل عدم تمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة والتعلم، كما تقول الصحيفة.
وأضافت الأم قائلة: "ابنتي، فرح، تزوجت في سن 14، وذلك للتخفيف من نفقات الأسرة. أما ابني عبد الرحمن، البالغ من العمر تسع سنوات، فهو يعيش مع عمه، الذي ساعده على العثور على عمل في أحد المقاهي".
وذكرت الصحيفة أن الحكمومة أطلقت حملات للتحذير من "الانفجار الديمغرافي"، وقد لجأت إلى عدة قنوات تلفزيونية خاصة لتساعدها في هذه الحملات.
وأفادت الصحيفة أن الحكومة المصرية أصدرت سنة 2015 برنامجا وطنيا تهدف من خلاله إلى حثّ العائلات المصرية على عدم إنجاب أكثر من طفلين أو ثلاثة أطفال. وفي هذا الصدد، قالت نائبة وزير الصحة لشؤون السكان، ميساء شوقي، إن "استراتيجيتنا واضحة ويجب تطبيقها في 27 محافظة مصرية"، لكنها توقعت أن يواجه البرنامج معارضة داخلية.
وأضافت شوقي أن "هذه الظاهرة أصبحت من أولويات الحكومة، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي نعيشها. وبالتالي، سيكون علينا إما النجاح في وضع حد لهذا
النمو السكاني، أو مواجهة التداعيات التي من الممكن أن تنجم عن فشل هذا البرنامج". وقالت إن هذه الاستراتيجية "ليست مطلبا سياسيا فحسب، بل هي واجب وطني".