هاجم عميد بلدية أبو سليم في العاصمة الليبية، عبد الرحمن الحامدي، بعض وسائل
الإعلام المحلية الموجودة في الخارج، متهما إياها بـ"تزوير وتحريف" أحداث الاشتباكات التي شهدتها المنطقة في اليومين الماضيين، مطالبا إحدى القنوات المحلية بتحري الدقة ونقل ما يحدث في الشرق الليبي مثلما تنقل ما يحدث في الغرب.
واتهم الحامدي؛ قناة ليبية مقرها الأردن، بتأجيج الوضع في منطقة أبو سليم "ونشر الفتن"، وأنها تناولت بشكل "غير حيادي" موضوع الاشتباكات الأخيرة، مضيفا للقناة ذاتها، "قناة
ليبيا روحها الوطن": "إن كان يهم قناتكم أطفال أبو سليم، فأطفال "قنفودة" (غربي مدينة بنغازي والتي تحاصرها قوات خليفة
حفتر منذ فترة)، أقرب لكم وأنصحكم بأن تنقلوا ما يحصل لهم، فقناتكم تؤجج الوضع، وتحاول نشر الفتن وتأزيم الوضع"، بحسب قوله للقناة ذاتها السبت.
وبحسب مراقبين، فإن تغطية بعض القنوات الليبية، خاصة المتواجدة في مصر والأردن، للأحداث الأخيرة لاقت ردود فعل غاضبة في الداخل الليبي، بعد وصف بعضها للعاصمة بـ"مدينة المليشيات والفوضى"، في حين تغاضت القنوات ذاتها عن تغطية أحداث المنطقة الشرقية، والانتهاكات التي تُىهم قوات حفتر بارتكابها هناك، وهو ما طرح تساؤلات عن توجهات هذه القنوات وسياساتها.
"غياب ضمير أخلاقي"
وفي هذا السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي، بجامعة عمر المختار الليبية، رمضان بن طاهر، إن "واقع الإعلام الليبي الحالي يتلخص في انتمائه لمصلحة المالك وتوجهه السياسي، لذا أصبح يدافع عن الأطراف التي يمثلها ويفتقد الإحساس بالمسئولية الأخلاقية تجاه المجتمع".
وأضاف لـ"عربي21": "الإعلام الحالي بمختلف توجهاته وأماكن بثه بعيد عن فكرة الاجماع الوطني، في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى خطاب إعلامي مسئول يعمل للصالح العام من خلال ضمير أخلاقي"، على حد وصفه.
من جهته، أكد الصحفي والناشط الليبي، مختار كعبار، أن "أغلب الإعلام الليبي ممول من الإمارات وينطلق من الأردن ودبي"، معتبرا أن "هذه القنوات استطاعت أن تشتري ذمم بعض الليبيين برواتب خيالية، مع تغطية مصاريف تأمين العلاج ودراسة الأبناء، وأغلبها داعمة ومؤيدة لمشروع انقلاب حفتر"، حسب تعبيره.
إسقاط "الرئاسي"
أما الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، فقد رأى من جانبه؛ أن "الإعلام الحالي في مجمله طالته حالة الاستقطاب السياسي"، وقال إن "التركيز على أزمات الغرب الليبي الأخيرة هدفه إظهار عجز المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ومن أجل تحقيق هدف واضح لدى بعض القوي السياسية المحلية والإقليمية، وهو إسقاط الاتفاق السياسي"، وفق قوله لـ"عربي21".
لكن الإعلامي الليبي المستقل، جمعة فريوان، رأى أن "المشكلة في الإعلام الليبي هي تمويل وإدارة وفهم ماهية الرسالة والعمل الصحفي"، مضيفا: "إما أن يقحم الممول توجهاته في سياسة القناة وجعلها تخدم مصالحه الفئويّة أو الجهويّة أو الحزبيّة، أو سوء في الإدارة لجهل أسس ومعايير العمل الصّحفي والإعلامي".
ثلاث خطابات
وأوضح فريوان في حديثه لـ"عربي21"، أن "هناك ثلاث أنواع من القنوات، بعضها تستخدم خطابا شعبويا لدغدغة عواطف النّاس، وأخرى تستخدم الخطاب الديني، وثالثة تتقمص دور التيار الثوري وتقدّم خطابا تعبويا، وكل هذا ساعدت في انقسام الشارع الليبي مع وضد".
وتابع: "اللوم لا يقع على المؤسسات الإعلامية والصحفية وحدها، فالمسؤولون والسياسيون حين لا يجعلون المعلومة متاحة للجمهور أو لا ييسرون الوصول إليها؛ هم شركاء مع هذه الجهات الإعلامية في تردي وفوضى الإعلام في ليبيا وفي غيرها"، على حد قوله.