صادق "الكنيست" الإسرائيلي، الاثنين، على مشروع قانون يشرع آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بأثر رجعي؛ وهو ما اعتبره مختصون فلسطينيون "ضربة قاضية" لحل الدولتين، ومبيحا لدولة الاحتلال "سرقة" ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
وصوّت لصالح مشروع قانون تسوية المستوطنات 60 عضوا، وعارضه 52 في القراءتين الثانية والثالثة، وفق ما أورده موقع "i24" الإسرائيلي، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أعلن أنه قام بإبلاغ الإدارة الأمريكية بالموافقة على القانون.
وبذلك يصبح هذا القانون "الحقير" وفق وصف زعيم حزب العمل الإسرائيلي المعارض إسحاق هرتسوغ "معتمدا عليه"، في حين أشار هرتسوغ إلى أن القانون الجديد "سيؤدي إلى ضم ملايين الفلسطينيين، ويعرض الجنود والسياسيين الإسرائيليين لمحاكمات دولية".
وردّ وزير العلوم والتكنولوجيا اليميني المتطرف، عوفير أكونيس، على هرتسوغ بقوله: "كل أرض إسرائيل (فلسطين المحتلة) هي ملك الشعب اليهودي، وهذا الحق أبدي، ولا يمكن التشكيك فيه" بحسب الموقع الإسرائيلي، وهو ما يعكس وفق مراقبين "كذب وتدليس مشروع التسوية مع الفلسطينيين".
وقالت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية، إن هذا القانون "وصمة عار على كنيست إسرائيل؛ لأنه يسمح لنتنياهو بسرقة الأراضي، من أجل ضمان بقائه سياسيا"، معلنة أنها "ستقوم بالالتماس للمحكمة العليا ضد هذا القانون"، بينما أكد المدعي العام لحكومة الاحتلال أفيخاي ماندلبليت، أنه في حال وصل استئناف إلى المحكمة العليا ضد القانون فإنه "من الصعب الدفاع عنه".
الدولة الواحدة
وفي أول رد فعل فلسطيني رسمي؛ دان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، القانون الإسرائيلي، مشددا على أنه "مرفوض؛ لأنه مخالف لقرار مجلس الأمن الدولي 2334"، وهو القرار الدولي الذي يستنكر الاستيطان، ويدعو إلى وقفه بشكل نهائي في الضفة الغربية و"القدس الشرقية"، حيث اعتبرت الأمم المتحدة جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة "غير قانونية".
وتعليقا على القانون الإسرائيلي؛ قال المحامي الفلسطيني المقيم في الداخل المحتل، عمر الخمايسي، إن القانون الجديد "يرسخ لحل الدولة الواحدة، وهي إسرائيل فقط".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "بعد هذا القانون؛ لم ولن يبقى للفلسطيني الأرض الكافية لإقامة دولته عليها، ولم يعد بالإمكان العودة إلى حدود عام 1967"، مذكرا بالقرارات التي صدرت عن المحكمة العليا الإسرائيلية عام 1978، والتي عملت على "
شرعنة الاستيطان، وبناء المستوطنات على ما يسمى أراضي دولة، والتي من المفترض أن تكون للفلسطينيين".
وأكد الخمايسي أن "الكنيست" بما قام به أمس؛ هو "عمليا يشرعن بناء أكثر من أربعة آلاف وحدة سكنية إسرائيلية، وسرقة أكثر من ثمانية آلاف و500 دونم، وبالتالي هو يسرق ما تبقى من
الأرض الفلسطينية".
ولفت إلى أنه في "اقتراح القانون؛ سيتم تعويض الفلسطينيين بأرض أخرى تعود ملكيتها لفلسطينيين آخرين، وبذلك تريد إسرائيل أن تستولي عنوة على أرض الفلسطيني المهجر، وتعطيها للفلسطيني المطرود من أرضه؛ لصالح الاستيطان، عبر قانون إسرائيلي".
الحياة مفاوضات
وقال الخمايسي إن "الحكومة الإسرائيلية تتهور بسرعة في اتخاذ قرارات خطيرة جدا على مستقبل الشعب الفلسطيني والمجتمع الإسرائيلي"، مؤكدا أن ما يجري "يعكس برنامج الحكومة اليمينية التي تسعى لصبغ الاستيطان بصبغة شرعية وقانونية، وترسيخ أن أرض الضفة الغربية هي جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل، وملك لليهود".
وأضاف: "اليوم يتحقق ما صرح به قادة الاحتلال عام 1990؛ أنهم سيفاوضون الفلسطينيين 40 عاما دون أن يمنحوهم شبرا من الأرض".
وتساءل: "ماذا كان دور المفاوض الفلسطيني الذي اعتبر أن الحياة تتمثل في المفاوضات، بينما اعتبر المفاوض الإسرائيلي أن المفاوضات خطة إسرائيلية لنهب ما تبقى من الأرض الفلسطينية؟" وذلك في إشارة إلى كتاب "الحياة مفاوضات" الذي أعده كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
من جانبه؛ رأى الخبير السياسي عبدالستار قاسم، أن السياسة الرسمية الفلسطينية "غير معنية بمشكلة الاستيطان التي تتعايش معه"، موضحا أن "إسرائيل تملك الهامش الرحب والواسع لتقوم بالنشاطات الاستيطانية على حساب المواطن الفلسطيني".
وقال لـ"
عربي21" إن "
السلطة الفلسطينية لم تصر في اتفاق أوسلو على وقف أو تجميد الاستيطان أو إزالته، ووقعت الاتفاق والاستيطان مستمر، وفاوضت الاحتلال والاستيطان لم يتوقف، وهذا يؤكد أن السلطة ليست ضد الاستيطان الإسرائيلي بشكل عملي".