اتهم فلسطينيون مغادرون وقادمون عبر
معبر رفح، السلطات
المصرية بأنها تعمل على "إذلالهم" بشتى الطرق، وذلك عقب إنهاء حركة
حماس، الجمعة الماضي، زيارة لمصر وصفتها بـ"الناجحة"، ورأى محللون أن نتائجها لن تظهر على أرض الواقع إلا في حال قدمت الحركة "الثمن المطلوب".
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن وفدها الذي زار مصر برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين مصريين، على رأسهم وزير المخابرات العامة المصرية، اللواء خالد فوزي، واصفة الزيارة في بيان لها بـ"الناجحة والمثمرة".
نوم على الأرض
ورغم التفاؤل الذي ساد في قطاع غزة عقب الزيارة؛ إلا أن الطبيب الفلسطيني عبدالحي أبو ندى، أكد إن أما فلسطينية (طلب عدم ذكر اسمها) تبلغ من العمر (25 عاما) "غادرت غزة السبت، وهي حامل في شهرها السابع، وبرفقتها طفلها الذي لم يتعدَّ الخمس سنوات؛ أجبرت على الوقوف داخل الحافلة المصرية المكتظة بالمسافرين؛ من الساعة التاسعة صباحا، وحتى الثامنة والنصف مساء".
وقال لـ"
عربي21" إن "الأم الحامل وطفلها، في هذا البرد القارس بعد 11 ساعة من الانتظار والوقوف داخل الحافلة؛ اضطرا حين دخولها الصالة المصرية للنوم على الأرض في تلك الليلة". وحاولت "
عربي21" التواصل مع هذه المرأة الفلسطينية دون جدوى، بسبب عدم توفر خدمة الاتصال أو الإنترنت في سيناء.
وأشار أبو ندى إلى أن هذه الأم التي تنوي السفر إلى زوجها في روسيا "غادرت الصالة المصرية في معبر رفح صباح الأحد، ووصلت مطار القاهرة بعد قضاء 12 ساعة في الطريق، منها نحو سبع ساعات على حاجز كمين الريسة المصري"، ولم يعرف بعد مصير الفلسطينية الحامل وطفلها.
مصر تستعرض قوتها
وأكدت شهادات كثير من المسافرين الذين التقتهم "
عربي21" أن السفر عبر رفح "في غاية الذل والخطورة".
وأوضح مسؤول الإعلام في معبر رفح البري على الجانب الفلسطيني، وائل أبو محسن، أن وصول المسافرين القادمين من مصر إلى غزة عبر معبر فح "ضعيف جدا"، مشيرا إلى أن الجانب المصري يعمل "بشكل بطيء جدا، في ظل الإجراءات المعقدة، وانتظار المسافرين لساعات طويلة داخل الصالة المصرية".
وقال أبو محسن لـ"
عربي21" إن عدد المسافرين الذين وصلوا غزة خلال اليومين الماضيين؛ بلغ نحو ألف و300 فلسطيني، وعدد المغادرين ألف و200 مسافر تقريبا، داعيا السلطات المصرية التي تدير معبر رفح إلى العمل على "تسهيل عملية دخول وخروج المسافرين الفلسطينيين".
وكانت السلطات المصرية قد فتحت، السبت، معبر رفح البري مع قطاع غزة في كلا الاتجاهين، بشكل استثنائي ولمدة ثلاثة أيام.
من جانبه؛ رأى الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون، أن ما تقوم به السلطات المصرية على معبر رفح، "هو استعراض للقوة من قبل المصريين، ووسيلة ضغط وابتزاز"، مؤكدا أن "التفاهمات بين حماس ومصر لم تنته بعد، وما زال هناك الكثير ليقال ويصاغ من قبل الطرفين".
وقال لـ"
عربي21" إن "السلوك المصري يحمل رسالة طمأنة للاحتلال الإسرائيلي؛ بأن مصر ما زالت تحتفظ بدورها في الحصار والتضييق على الفلسطينيين"، معتبرا أن "رفع الظلم والتضييق وأساليب الإذلال الحاصلة في معبر رفح؛ ستكون مؤشرا مهما على أننا أمام تغير جوهري في السياسة المصرية تجاه قطاع غزة وحركة حماس".
وأضاف المدهون: "مصر تريد أيضا أن تبقي على شعرة معاوية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس؛ لعله يستجيب لمطلبها بعودة دحلان إلى صفوف حركة فتح".
خطوة متقدمة ولكن
من جانبه؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، فايز أبو شمالة، إن "زيارة وفد حركة حماس للقاهرة جيدة وناجحة من حيث الاستقبال والنقاش والحوار، وتبادل المطالب بين الطرفين"، موضحا أن مجرد استقبال مصر لقيادات من الحركة يُعد "خطوة متقدمة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هناك شيئا من التفهم المصري لواقع القضية الفلسطينية، لكن عدم خروج هذه الزيارة بتفاهمات ونتائج عملية على الأرض؛ يؤكد أنها بقيت في إطار البرتوكول والتشاور والمزيد من المطالب من قبل حماس لمصر"، مؤكدا أنها "خطوة على الطريق، ولا بد من زيارات أخرى".
ورأى أبو شمالة أن النظام المصري الحالي "لن يعطي حركة حماس معبرا مفتوحا، أو سوقا تجارية، دون أن تدفع الثمن وفق مصالحها الإقليمية"، مؤكدا أن ما يجري للفلسطينيين على معبر رفح البري "يأتي في إطار محاولة مصر ابتزاز حركة حماس، فهي تريد من الحركة أن تدفع الثمن، وفي اعتقادي أن حماس حتى هذه اللحظة لم تقدم المقابل المطلوب".
وقال إن "مصر لن تمنح حماس معبرا تتحكم فيه وحدها"، مرجحا أن مصر "تريد أن يكون محمد دحلان جزءا من معبر رفح، والمنطقة التجارية الحرة التي يجري الحديث عنها".
وأشار أبو شمالة إلى أن "مصر تدرك أن حماس لديها انتخابات داخلية ستفرز من خلالها قيادة جديدة للحركة، وبالتالي فإن المخابرات المصرية لن تمنح القيادة الحالية نجاحا في هذه المرحلة، في انتظار نتائج تلك الانتخابات"، مضيفا أنه "إذا رغبت مصر أن تقدم معبرا مفتوحا، أو منطقة تجارية؛ فإنها ستمنحها للقيادة الجديدة كدليل على تدشين مرحلة جديدة بين الطرفين" وفق تقديره.