كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن وسائل
التعذيب المتنوعة والمثيرة للجدل؛ المتبعة حاليا في غرف التحقيق داخل السجون
الإسرائيلية ضد المعتقلين، وخاصة الفلسطينيين منهم.
وقالت الصحيفة العبرية الثلاثاء إنه "على مدار سنوات عديدة؛ حاولت السلطات الإسرائيلية إخفاء وسائل التعذيب المتبعة في غرف التحقيق"، موضحة، وفق ما نقله موقع "i24" الإسرائيلي، أن "ممارسة الضغط من قبل المحققين؛ تشمل التعذيب بوسائل خاصة، إلا أن هذه التقنيات مخفية عن الأنظار، وتعمل لساعات إضافية".
وأضافت: "حتى عندما يتم الكشف عن هذه الممارسات، وطرحها للرأي العام؛ تتمكن السلطات من إخفاء هذه الطرق، وخاصة إذا توصلت إلى صفقات لإخلاء المعتقلين، بحيث تضمن هذه الصفقات عدم الإفصاح عما جرى داخل غرف التحقيق".
وأوضحت الصحيفة أن "وسائل التعذيب تشمل الصراخ في الأذن، والضرب المبرح، إضافة إلى فرض اتخاذ وضعيات مؤلمة لساعات متتالية". لكن "ن"؛ وهو أحد المحققين الإسرائيليين "الكبار" في جهاز التحقيقات الإسرائيلي، يؤكد أن "يتم تعذيب المعتقلين في درجات حرارة منخفضة". وقال: "نحن لا نترك المعتقل عاريا في غرف بدرجة حرارة تحت الصفر بعشر درجات".
وتابع: "يتم اختيار الوسائل المتبعة في إسرائيل بعناية شديدة، على ألا تخلف علامات أو كدمات، وأن تكون فعالة بما يكفي لكسر روح المعتقلين"، كما قال.
ونفى استخدام "الاعتداء الجنسي" بحق المعتقلين خلال التحقيق معهم، أو "وضعهم في سرير والبصق عليهم"، كما كان قد ادعى معتقلون اتهموا بحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما، بعد إطلاق سراحهم.
الضغط الجسدي
وكان "أ"؛ وهو أحد المشتبه بهم بإضرام النار في بيت العائلة الفلسطينية، قد قال سابقا: "أجلسوني في غرفة التحقيق على كرسي، ووضعوا لثاما على عيني، لم أعرف من بالضبط، أسدى لي صفعة على وجهي بإمكانها خلع رأسي عن باقي جسدي".
يذكر أن "إسرائيل" صادقت على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاهدة الدولية للحقوق السياسية والمدنية قبل 20 عاما، لكن لا يوجد في القانون الإسرائيلي أي ذكر لجريمة التعذيب كما تعرفها الاتفاقيات الدولية.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2014، حضت لجنة الأمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية في الأمم المتحدة؛ "إسرائيل"، على أن "تحظر بشكل واضح التعذيب وسوء المعاملة الجسدية والنفسية من خلال قوانين، والتوقف عن استخدام ذريعة الضرورة لاستخدام التعذيب، وإنهاء استخدام الضغط الجسدي المعتدل كوسيلة تحقيق".
كما أكدت منظمتان إسرائيليتان في تقرير نشر شباط/ فبراير 2016، أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، "يعمد خلال استجوابه معتقلين فلسطينيين إلى إساءة معاملتهم بصورة منهجية"، حيث يستند تقرير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية، ومركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"؛ إلى شهادات 116 موقوفا جرى استجوابهم في سجن "شيكما" بين آب/ أغسطس 2013 وآذار/ مارس 2014.
برد أو حر
وأشار تقرير "مدعوم من النظام"، والمؤلف من 70 صفحة، والذي اعتمد على جلسات الاستجواب التي يخضع لها الفلسطينيون، إلى التشابه الكبير بين وسائل الاستجواب المطبقة في هذا السجن ووسائل الاستجواب في السجون الإسرائيلية الأخرى.
كما جاء في التقرير أن "الشهادات تشبه بصورة مذهلة الشهادات التي سبق أن أعطاها معتقلون في مراكز أخرى؛ ويبدو أن هذا السلوك يشكل في الواقع سياسة استجواب رسمية"، لكن "الشاباك" اعتبر أن التقرير "مضلل ومشوه".
وادعى الجهاز الأمني، أن جميع استجواباته مع المعتقلين تجري "طبقا للقانون، ومن أجل منع أنشطة تهدف إلى النيل من أمن إسرائيل"، حيث أكد التقرير أن من الوسائل المستخدمة؛ "حرمان الموقوفين من النوم لفترات طويلة، وتكبيل أيديهم وأقدامهم إلى كراسي على مدى ساعات، وتعريضهم لبرد أو حر شديد".
وأضاف التقرير: "هناك حرمان المعتقلين من الاستحمام أو تبديل ملابسهم على مدى أيام أو حتى أسابيع، واحتجازهم في زنازين ضيقة جدا ونتنة في عزلة تامة بصورة عامة ولأيام عديدة كل ذلك من الممارسات الشائعة".
وبالإضافة إلى ما ذكره تقرير الصحيفة وتقارير المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية، تؤكد شهادات المعتقلين الفلسطينيين أن سلطات السجون الإسرائيلية "تعتمد أساليب تعذيب متنوعة وقاتلة؛ كمنهج في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين".
كما كشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" في وقت سابق، أن أسيرا فلسطينيا تعرض للتعذيب عبر الكهرباء من قبل جندي إسرائيلي يتبع كتبة "نيتساح يهودا" (كتيبة خاصة لليهود الحاريديم المتدينين) في جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن "تعذيب الأسرى الفلسطينيين كان في ظروف صعبة".