نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا للكاتب نبيه بولص، يقول فيه إن المشكلة التي تواجه حركة الملاحة في
مطار رفيق الحريري الدولي في
لبنان، هو التمييز بين الطائر والطائرة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه منذ أن قررت الحكومة اللبنانية إنشاء مكب للنفايات على بعد أمتار من المطار، لمواجهة أزمة
النفايات التي عانت منها العاصمة اللبنانية منذ منتصف عام 2015، فإن مشكلة أخرى ظهرت، وهي تجمع
طيور البحر على هذه النفايات، بشكل أثر في حركة الطيران.
ويذكر الكاتب أنه منذ أن أعلنت شبكة "أل بي سي" أن طائرة تابعة لشركة خطوط الشرق الأوسط كادت أن تضرب سربا من طيور النورس، بعد هبوطها بثوان على مدرج المطار، فإن وزير النقل يوسف فينانوس قال: "نحن اليوم في حالة طوارئ، فهناك مخاطر تواجه حركة الملاحة الجوية من الطيور"، وأضاف: "الحمد لله لم تواجه
الطائرات حتى الآن مخاطر من هذا النوع"، مشيرا إلى أن رد الحكومة على مشكلة انتشار طيور النورس قرب المطار كان بتعيين صيادين يحملون خراطيش لطردها وتخويفها.
وتنقل الصحيفة عن أحد الحراس قرب مكب نفايات كوستا برافا، الذي يبعد 500 قدم عن المطار، قوله: "لا توجد طيور، ولا طير واحد"، ويضيف أن الطيور كانت تتجمع وبأعداد كبيرة منذ آذار/ مارس، عندما قامت السلطات بإنشاء مكب نفايات كوستا برافا المثير للجدل، رغم تحذيرات جماعات المجتمع المدني والحفاظ على
البيئة ونقابة الطيارين من مخاطر بناء مكان كهذا قرب المطار.
ويلفت التقرير إلى أن هناك منظمات للملاحة الجوية تشترط أن تكون أماكن رمي النفايات بعيدة عن المطار أكثر من خمسة أميال، مشيرا إلى أن مدينة بيروت تعاني من مشكلة النفايات منذ عام 2015، بعدما تم إغلاق مكان رمي النفايات الرئيسي، الذي ظل يعمل لمدة 17 عاما، ما أدى إلى تراكم تلال من النفايات في كل مكان.
ويستدرك بولص بأنه في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة بتوفير الأدوات اللازمة للتخلص من النفايات في كوستا برافا، إلا أنه لا يوجد أثر لها بعد، لافتا إلى أنه بسبب ارتفاع أكوام النفايات لحوالي 30 قدما في بعض الأحيان، فإن الطيور، التي لم تقاوم الرغبة في البحث عن طعام فيها، تجمعت حولها.
وتبين الصحيفة أن المدينة ترحب بالقادمين إليها والزوار بالرائحة الكريهة، حيث وصف أحد المدونين الرائحة بأنها تشبه "رائحة مليون بيضة متعفنة" وضعت معا، وقال أحد الجنود الذين يحرسون المنطقة، إن الطيور كانت مثل الغيوم قبل أيام هنا، "مئات وربما آلاف منها".
وينوه التقرير إلى أن الحكومة اللبنانية أعلنت عن سلسلة من المعايير لتأمين الملاحة الجوية، منها تركيب أجهزة تنبعث منها أصوات طيور جارحة، تمنع اقتراب الطيور من المكب، خاصة
النوارس، بالإضافة إلى إعلان الحكومة عن تشكيل وحدات لمطاردة الطيور، وتزويد أفرادها ببنادق وذخيرة لا نهائية من الرصاص, مثل ريو وبريما وفوكسي 12؛ لاستخدامها في عمليات ملاحقة وقتل الطيور، مشيرا إلى أن المدافعين عن البيئة يقولون إن المذابح التي ترتكب بحق الطيور تعد خرقا للاتفاق القاضي بحماية الطيور المائية المهاجرة عبر مسارات من أفريقيا وأوروبا وآسيا، الذي وقعت الحكومة اللبنانية عليه عام 2002.
ويفيد الكاتب بأن الكثيرين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لتحميل صور فيها انتهاكات صارخة لطيور ميتة، التي جمعت في كومة دموية على الرمال.
وتنقل الصحيفة عن رئيس جمعية حماية الطبيعة في لبنان، التي تقوم بحملة لحماية النوارس، أسعد سرحال، قوله: "في مثل هذا الوقت من العام تجتمع الطيور البحرية المحلية والنوارس البحرية، بالإضافة إلى الطيور المهاجرة من أوروبا وآسيا باتجاه البحر المتوسط"، ويضيف: "في الصور التي شاهدناها قتل الصيادون البجع والغاق وخطاف البحر وزمار الرمل".
ويورد التقرير أن سرحال يرى أنه لا يحق للسلطات السماح بقتل الطيور، ويقول إنها "تطلب من الناس خرق القانون وإطلاق النار وهم موجودون قرب المطار وعلى الطرقات السريعة؛ لقتل كل طير"، لافتا إلى أن بعض الأشخاص اقترحوا طريقة أكثر رحمة لتخويف الطيور ومنعها من الهجرة إلى لبنان، على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشير بولص إلى أنه بحسب تقارير محلية، فإن مدير طيران الشرق الأوسط محمد الحوت دعا المواطنين إلى الاختيار بين النوارس و"طيور الشرق الأوسط"- طائراته، قائلا إن أمن الركاب يتقدم على الطيور، مؤكدا على سجل الشركة في الدفاع عن البيئة.
وبحسب الصحيفة، فإن وزير البيئة طارق الخطيب دعا الرأي العام التقدم بحل بديل ومناسب وعلمي، لافتة إلى أن مراقبين يرون أن إطلاق النار على الطيور في البلاد فكرة سيئة.
وينقل التقرير عن مدير تحرير "المنطقة الخضراء"، وهي منظمة إعلامية للبيئة، غسان قنطار، قوله: "لا يمكننا اعتبار الإجراءات المحسنة من الحكومة حلا؛ لأن الحلول لديها إرشادات واضحة بحسب معايير المطار".
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول قنطار: "لسوء الحظ، فإن الحكومة تبدو راضية عن إرسال صيادين غير مرخصين لقتل النوارس، دون تقديم خطة عن سبب إطلاق النار".