رهن محامي الجماعات الإسلامية بمصر،
منتصر الزيات، وأحد المعارضين بالداخل، الخروج من المأزق السياسي والاقتصادي؛ بالتواصل بين أطراف الأزمة، والالتفاف حول مصلحة الوطن.
وطالب في حوار خاص مع "
عربي21" بالتوقف فورا عن كل مساعي الاستقطاب والتوتر بين أقطاب الأزمة
المصرية؛ من أجل صنع مناخ هادئ للتقييم وإفراز مبادرات قد تعمل على نزع فتيل التوتر والانقسام، والبحث عن بدائل مقبولة.
ونفى أن يكون مكلفا من قبل أي جهة بالسعي للمصالحة بين طرفي الأزمة في مصر، مؤكدا أن وقت هذه المصالحة لم يحن بعد.
ورأى أن المواطن المصري فقد الثقة سواء في النظام الذي أخلف كل وعوده بتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق الاستقرار، أو المعارضة المتجمدة في الداخل، والمنقسمة في الخارج.
وإلى نص الحوار:
هناك من يقول إنكم كنتم في مهمة خاصة في تركيا؟ ما طبيعة هذه المهمة؟ ولماذا ظهرتم على قناة معارضة في الخارج؟
دعيت من قناة "مكملين" لتسجيل حلقة خاصة عن المصالحة الوطنية بمصر، فقبلت وسافرت، وتم تسجيل الحلقة، وعدت إلى بلدي، وما مكثته حوالي 48 ساعة، أجريت خلالها لقاء على الهواء مع الأستاذ محمد ناصر، وفي اليوم التالي تم تسجيل حلقة أخرى، وفي اليوم الثالث غادرت، ولم أتمكن من مقابلة أحد على الإطلاق.
أما ظهوري على ما تصفها بـالقناة المعارضة؛ فأظن أنها لم تكن المرة الأولى، ولو دعيت لإبداء آرائي في قنوات بلدي لما اضطررت للظهور في قناة معارضة، وأنا معارض ولست مناهضا، فلا أفهم سببا لمنعي من الظهور في القنوات المصرية إلا لكوني أعارض، رغم حرصي على أمن واستقرار وطني، ووقوفي ضد العنف بجميع أشكاله.
ما تقييمك للإعلام في مصر؟
الإعلام أداة اتصال وتواصل، وهو من أهم الأدوات التي يمكن أن تسهم في تحقيق السلم والأمن، وشحذ الهمم، ودعوة المواطنين في المناسبات القومية لتحمل المسؤولية. لكن ما يؤسفني أن الإعلام في السنوات الأخيرة خرج، أو تم إخراجه، عن المألوف، وبات أداة لقسمة المجتمع، وتكريس الانقسام والاستقطاب.
هل لديكم وصفة خاصة للخروج من حالتي الاحتقان السياسي وعدم الاستقرار في مصر؟
بدون تفاهم لن نخرج من الأزمات التي تواجه البلاد، وبدون استقرار لن يحدث أي تقدم في المسار الاقتصادي. ولذلك؛ يلزم فورا توقف كل مساعي الاستقطاب والتوتر، وكل ميكروفونات الانقسام المجتمعي، ولا بد أن نصنع مناخا هادئا للتقييم وإفراز مبادرات قد تعمل على نزع فتيل التوتر والانقسام، والبحث عن بدائل مقبولة.
وأنا أحذر من خطورة شيوع ثقافة الغالب والمغلوب في الحالة المصرية الآنية؛ لأنها تشق عصا الصف الوطني، وتقسمه إلى فريقين متصارعين؛ كل يبحث عن مكسبه ويبتعد عن خسارته، مع انزواء مصلحة الوطن وتواريها خلف المصالح الضيقة للفريقين.
هل طلب منكم لعب دور الوسيط بين أي جهة كانت في مصر؟ وهل تقبلها لو طلبت منك؟
أبدا؛ لم يطلب مني أحد ذلك، ولو رأيت المناخ يسمح بإمكانية تحقيق تقدم، وانفتاح قنوات التفاهم؛ لبادرت فورا، ولو طلب مني ذلك لما ترددت؛ لأنني حينما أفعل ذلك فإنما أنوي خدمة بلادي وشعبها بكل فصائله، وتحقيق الأمن والاستقرار في وطني، ووقف نزيف الدم بين المصريين، والإفراج عن المظلومين في السجون، وإنهاء أزمة اجتماعية لآلاف الأسر والعائلات المصرية.
ما تقييمك لدور المعارضة المصرية في الداخل؟
أين هي هذه المعارضة التي تحدثني عنها؟ ومن تقصد بالمعارضة؟ لا توجد معارضة في الداخل على الإطلاق، فالمعارضون المنظمون سياسيا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كلهم في السجون، باستثناء أفراد قليلين لا يملكون القدرة التنظيمية، ويتحركون بصعوبة، ويُستهدفون بطريقة أو بأخرى.
ما هو تقييمك للمعارضة في الخارج؟ وهل يمكن الوثوق فيها للعب دور ما في حل الأزمة المصرية؟
المعارضة في الخارج متنوعة، فهناك الإسلاميون والليبراليون والشخصيات المستقلة الوازنة، ولكنهم جميعا يفتقدون وجود رؤية حقيقية متكاملة لإخراج البلاد من أزمتها، فهم لم يستطيعوا اختراق الحصار المضروب حولهم في الداخل من ناحية، ولم يقدروا -من ناحية أخرى- على تقديم وجبة أو خطاب إعلامي للمواطن المصري كي يتفهم أسباب معارضتهم ووجودهم خارج البلاد، عدا عن كونهم منقسمين، ما يعيق استيعاب المواطنين في الداخل لخطاب هذه المعارضة، التي بقيت خارج حسابات الداخل دون تأثير يذكر.
هل تعتقد أن المشهد السياسي في مصر مرشح لمزيد من التأزم؟
نحن بلا شك في حالة الانسداد الحقيقي المزمن.
كيف ترى دور منظمات المجتمع المدني؟ وهل هناك نية لتصفية أو تفريغ تلك المنظمات من مضمون عملها؟
منظمات المجتمع المدني تبنّت آراء في المعادلة السياسية؛ ففقدت حيادها، وبالتالي فقدت قدرتها على لعب دور في تخفيف الاحتقان، أو الانحياز للمظلومين، وسرعان ما فقدت قدرتها على فعل أي شيء حتى لو كان لصالح النظام، الذي تحول عنها، وجافاها، وصادر أموال أغلبها، وقيد حركتها، فهي فرغت نفسها من مضمونها عندما لم تطبق قواعد العمل الأهلي أو الاجتماعي بحياد.
هناك انتقادات كثيرة توجه إلى نقيب المحامين الحالي سامح عاشور، وتخوف على مستقبل الحريات في ظل استمراره في منصبه.. ما رأيك؟
الحريات ضاعت أو كادت تضيع، ونقيب النظام أضاع كل القيم الموروثة عن نقباء العزة ومجالس الفخار، حيث كانت نقابة المحامين قلعة للحريات، ومنبر من لا منبر له، لكن سامح عاشور ضيع كل تلك القيم والمبادئ، وانحاز للنظام انحيازه لمكنونات قلبه وعقله وانتماءاته.
هل يثق المواطن في النظام الحالي؟ ولماذا؟
على أي شيء يثق به؟ على وعوده التي لم يف بها، أم على الغلاء الذي وعد بالسيطرة عليه بلا تنفيذ؟ أم على الحريات التي خنقها؟ أم بالسجون التي توسع في بنائها؟ الجواب عن سؤالك "لا" بكل تأكيد، وصمت الشعب على تصرفات النظام لا يعني أنه يثق به، وإنما هو الخوف والهلع والرعب.
ولا بد من الإشارة إلى أن المواطن المصري كما أنه فقد الثقة بالنظام الحالي؛ فإنه قد فقدها أيضا في المعارضة المشتتة في الداخل والخارج.