"حاميها حراميها".. مقولة تتردد على ألسنة
المصريين بعد انتشار
جرائم ضباط وأفراد
الشرطة مؤخرا؛ التي تنوعت ما بين حيازة المخدرات والاتجار بها، وجرائم السرقة، وتكوين عصابات للسرقة بالإكراه، والنصب، والرشوة، واستغلال السلطة.
ويبدو أن هذه الجرائم في تصاعد مستمر، رغم الميزات المادية التي يقدمها النظام الحاكم لعناصر الداخلية.
ووافق مجلس النواب 29 حزيران/ يونيو الماضي، على بند زيادة موازنة وزارة الداخلية بمليار ونصف المليار جنيه، لمواجهة ارتفاع الأسعار، ورفع أجور ضباط الشرطة وزيادة معاشاتهم أسوة بالقضاء والجيش.
"عربي21"، رصدت عددا من حالات التوقيف الأمني لضباط وأمناء شرطة بتهمة ارتكابهم جرائم، منذ بداية شهر تموز/ يوليو وحتى نهاية عام 2016.
جرائم من كل نوع
وفي جرائم المخدرات، تم توقيف ملازم أول شرطة بالجيزة، بحوزته كيلوغرامين من الهيروين وأوراق نقدية مزيفة، في 26 أيلول/ سبتمبر، كما تم القبض على ضابط شرطة بحوزته كمية من الهيروين بمنطقة الهرم، في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر. وفي نفق الشهيد أحمد حمدي، الذي يربط بين ضفتي قناة السويس، أوقف ضابط شرطة بحوزته 36 ألف قرص مخدر، في كانون الأول/ ديسمبر. وفي الإسكندرية تم توقيف ضابط بمديرية الأمن، بحوزته كميات كبيرة من الهيروين.
وفي جرائم السرقة، أوقفت مباحث الإسكندرية ضابط شرطة ورقيبا وثمانية عناصر آخرين، شكلوا عصابة لسرقة مرتادي البنوك، والسيارات، في 12 آب/ أغسطس. وتم توقيف ضابط شرطة يترأس عصابة سرقت بالإكراه 337 ألف جنيه من المواطنين بالمنوفية في الشهر ذاته، كما أوقفت مباحث الجيزة ملازما أول وثلاثة أمناء شرطة وستة حراس شخصيين كونوا عصابة لسرقة المنازل، في 22 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي جرائم الرشوة؛ تم توقيف ضابط بجوازات مطار القاهرة، بتهمة الرشوة وتزوير التأشيرات والاتجار بالبشر، في 2 أيلول/ سبتمبر. كما تم توقيف ضابط وثلاثة أمناء شرطة بمطار القاهرة بتهمة الرشوة لتهريب 41 صقرا قيمتها 12 مليون جنيه، إلى البحرين، ذلك في 26 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي جرائم الاحتكار؛ تم توقيف ضابط سابق في "جهة سيادية"؛ بتهمة الاتجار في العملات الأجنبية في السوق السوداء، في 16 آب/ أغسطس. كما تم توقيف ضابط بمطار قنا (جنوب) بحوزته 74 ألف دولار و20 ألف يورو، في 6 أيلول/سبتمبر. وفي بني سويف (جنوب) تم توقيف ضابط انتحل صفة ضابط مخابرات لجمع كميات من السجائر وبيعها في السوق السوداء، في الشهر ذاته.
وفي جرائم التزوير؛ ضبطت مباحث الإسماعيلية ضابط جيش متقاعدا يقوم بتزوير وتقليد الأختام والأوراق الرسمية، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر.
المناخ العام فاسد
وتعليقا على هذا النوع من الجرائم، تقول الدكتورة سهير عبد المنعم، أستاذ القانون الجنائي، إن "المناخ العام في مصر فاسد، وينشر الجريمة بشكل عام".
وأضافت لـ"عربي21": "قد ترتكب الجريمة عندما تضعف المحاسبة في المجتمع، وتقل الإدانة في مؤسسات الدولة، وتتأخر الأحكام في دهاليز القضاء، وعندما توجد محاسبة حقيقة لهؤلاء الأفراد ستحدث التنمية المستدامة التي لن تتم إلا بالرقابة والمساءلة".
وأوضحت رئيسة قسم المعاملة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية سابقا، أنه "للأسف،
الفساد والجريمة موجودان في الفئات التي قد تنعم بكثير مما تحرم منه بقية طبقات المجتمع، وللأسف فإن دخول فرد واحد من هذه الفئات لعالم الجريمة يستتبعه بالتالي فساد أشخاص أقل درجة ممن يخضعون لسلطته، أو يريدون التودد إليه فينفذون رغباته، وهو ما يسميه علماء الاقتصاد: الفساد المضاعف"، على حد وصفها.
الياقات البيضاء
ويتابع عبد المنعم: "جرائم الطبقات العليا في المجتمع تُدعى جرائم "الياقات البيضاء"، وتتنوع بين الفساد داخل أروقة ومؤسسات الدولة وتشمل الإخلال بالواجبات الوظيفية، واستغلال السلطة، وسرقة أموال الدولة، وتزوير المستندات والمحررات، والتلاعب بمصالح المواطنين، ولذا توجد في أوروبا مراكز بحثية لدراسة دوافع وأسباب تلك الجرائم".
وأكدت أنه "لا توجد إحصاءات دقيقة لنسب جرائم الطبقات الأعلى في المجتمع، وغالبية الإحصاءات تصدر عن وزارة الداخلية، ولكننا كأساتذة في القانون الجنائي لا نعتد بتلك الإحصائيات، ويجب أن تؤخذ بمحاذير وتقرأ بعناية لأسباب متعددة"، وفق قولها.
الطمع والجشع و"قلة الضمير"
أما الصحفية المتخصصة في الحوادث، سحر طلعت، فتقول إن الفساد والجريمة في مصر لهما عدة عوامل، بينها الفقر الذي يجبر البعض على محاولة التمرد على وضعه بارتكاب الجرائم، وهذا يخص الطبقة الفقيرة فقط، "أما الطبقات العليا من ضباط وقضاة ومسؤولين كبار، فلها أسباب أخرى يكثر على أغلبها الطمع والجشع وقلة الضمير"، بحسب تعبيرها.
وتضيف طلعت لـ"عربي21"؛ أنها من خلال متابعتها لعالم الجريمة في مصر على مدار سنوات عملها الصحفي، تأكدت من أن أخطر أنواع الجرائم وأشد درجات الفساد هي التي ترتكبها الفئات الأعلى في المجتمع، "وفي أحيان كثيرة تكون جرائم الطبقات الدنيا مبررة بالفقر والسلوكيات الاجتماعية الخاطئة والأوضاع الاقتصادية، أما جرائم الطبقات الأعلى فتدل على ضعف نفوس مرتكبيها وسوء تقدير منهم للسلطة، وتخيل أنهم الأذكى بين الجميع ولذا فلن يكشف جريمته الأخرون".
وتعيش مصر على وقع جريمة فساد كبرى تم الإعلان عنها في هيئة قضايا الدولة، واتهم فيها رئيس هيئة المشتريات، أحمد جمال الدين اللبان، والمستشار وائل شلبي، الأمين العام لمجلس الدولة المستقيل، الذي توفي داخل محبسه، بعد ساعات من التحقيق معه في القضية، وقالت السلطات إنه انتحر.