أحكمت قوات "
درع الفرات" المدعومة
تركيا؛ حصارها على مدينة الباب ذات الأهمية الكبيرة، في ريف
حلب الشرقي، من ثلاث جهات، وذلك بالتزامن مع خروج الثوار من مدينة حلب، والاتفاق الثلاثي (الروسي- الإيراني- التركي).
وتشير التطورات الميدانية إلى أن ثمة ارتباطا ما؛ بين الاتفاق الثلاثي الذي جاء في سياق تطور الأحداث في الشمال السوري، وبين معركة الباب.
ويقول العميد أحمد رحال، لـ"
عربي21": "كل العمليات تخضع لتوازنات سياسية"، متحدثا عن "ضمانات أنقرة للروس بالبعد عن مناطق النظام فيما يتعلق بدرع الفرات".
ويرى مراقبون أن روسيا تحاول استغلال معركة الباب لكسب الأتراك لصفهم، وبذلك يمسكون بمفاتيح اللعبة بأيديهم.
ويوضح العقيد أديب العليوي، في حديث لـ"
عربي21"، أن "الاتفاق الثلاثي محاولة لكسب تركيا للصف الروسي" مؤكدا ارتباط هذا الاتفاق بالمجريات العسكرية، ووصفه بأنه "ضوء أخضر لتركيا لمتابعة عملية درع الفرات في السيطرة على مدينة الباب".
وفيما تنفي فصائل الجيش الحر المشاركة في العملية؛ تأثير الاتفاق على مجريات العمليات العسكرية، ولا سيما أن عمليات درع الفرات بدأت منذ شهور، يقول رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، مصطفى سيجري، لـ"
عربي21": "لن يتغير شيء بالنسبة لدرع الفرات، وما زالت منبج وجهتنا القادمة بعد الباب، ومُحال أن نقاتل لجانب النظام، فهو العدو الأول والأخير. وداعش والانفصاليون أدوات له"، وفق تعبيره.
ورغم ذلك، فإن معركة الباب تعيش حاليا فصلها "الدموي"، إذ تواجه قوات درع الفرات مقاومة شرسة من التنظيم الذي يلجأ لأسلوب المفخخات والألغام.
ويشير العقيد العليوي إلى أن "معركة الباب دخلت الآن في مراحلها الصعبة. الباب نقطة هامة واستراتيجية لداعش ولقوات درع الفرات ومن ورائها تركيا"، فقد استطاع التنظيم سريعا السيطرة على جبل عقيل المطل على مدينة الباب وعدد من المواقع المهمة، ولو تمترست قوات درع الفرات بجبل عقيل لتغير سير المعركة، يتابع العليوي: "السيطرة على جبل عقيل والطريق السريع تجعل الباب في حكم الساقطة نيرانيا على الأقل".
ويبدو لافتا تقدم الجنود الأتراك للصفوف الأمامية، وهذا ما يفسر عدد القتلى والجرحى في صفوفهم.
ويوضح الناشط الإعلامي عمر الأحمد، من ريف حلب، أنه "كانت مجموعة كبيرة للجنود الأتراك تتقدم القوات التي اقتحت جبل عقيل". واسترجع التنظيم السيطرة على جبل عقيل الخميس، بفضل سلاح المفخخات.
وقال الناشط الإعلامي أبو جميل السيد: "فجر داعش أكثر من ست سيارات مفخخة مكنته استرجاع الجبل وقتل 16 جنديا تركيا، وأوقع أكثر من 20 جريحا وأسر اثنين".
ويستخدم التنظيم للمرة الأولى، في معاركه مع الجيش الحر، سلاحا نوعيا، مما يوحي بأهمية المعركة للتنظيم. وفي هذا السياق، يقول النقيب سعد صومع، لـ"
عربي21": "داعش يضع كل ثقله مع سلاح حديث للدفاع عن مدينة الباب".
ويتهم الثوارُ النظام بتزويد
تنظيم الدولة بالسلاح النوعي، وهو ما يشير إليه أبو جميل السيد بقوله: "السلاح الذي أخذه داعش من النظام يستخدمه ضدنا، فطوال ثلاث سنوات لم يستخدم داعش الصواريخ الموجهة"، وسبق أن دمر التنظيم عدة آليات ودبابات للأكراد بهذه الصواريخ الموجهة.
ويرجع الثوار تأخر الحسم لتمترس التنظيم خلف المدنيين، بحسب سيجري الذي قال إن "داعش جعل المدنيين دروعا، ونقل مقراته ومستودعاته أسفل منازل المدنيين ومنعهم مغادرة المدينة".
واعتبر سيجري أن قوات درع الفرات تقوم بما يشبه "العملية الجراحية" في السيطرة على الباب، لكن رغم ذلك، فإن عدد الضحايا في صفوف المدنيين في ازدياد؛ نظرا لكثافة القصف الجوي والمدفعي التركي.
من جانبه، يرى العليوي هذه المعركة تُثبت أن "النظام لم يعد يملك من الأمر شيئا، فأمره بيد الروس والإيرانيين".
فالروس يعرفون أكثر من غيرهم هشاشة النظام، و"كل الانتصارات ليست من صنعه"، كما يقول العقيد رحال، الذي يضيف: "تدرك موسكو أن قوات الأسد غير قادرة على تغطية
سوريا، فهي تسيطر على منطقة (حلب) لتسقط مقابلها أخرى (تدمر)".
ويتوقع مراقبون أن يبدأ الصدع بين النظام والأكراد بعد الانتهاء من عملية الباب، ولا سيما إذا تطور الاتفاق الثلاثي، وهذا ما دفع بثينة شعبان، المستشارة السياسية لبشار الأسد، للقول بأن أعداء اليوم قد يكونون حلفاء الغد، والعكس صحيح.