أعلن الرئيس الكوبي راؤول
كاسترو، فجر السبت الماضي، في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني الكوبي، وفاة القائد الأعلى للثورة الكوبية، فيدل كاسترو، عن عمر يناهز 90 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض.
واختلفت الردود والتعليقات على رحيل
الزعيم الثوري الشهير بين الثناء عليه والحزن لفراقه والانتقاد لدكتاتوريته وسياساته القمعية وتفرده بالحكم، كما بدأ الاستغلال والتوظيف السياسي لموت الزعيم الكوبي، بغض النظر عن صحة ما يقال حول كاسترو ومواقعه وثورته وحقائق
كوبا وأوضاعها.
رئيس حزب
الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، في تغريدة نشرها في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تعليقا على وفاة فيدل كاسترو، قال: "كان زعيما جعل نضال أتاتورك قدوة لنفسه وقام بنضال من أجل شعبه. لن ينساك التاريخ أبدا، يا فيدل كاسترو"، كما قام بزيارة السفارة الكوبية في العاصمة التركية أنقرة للتعبير عن حزنه وتقديم تعازيه.
وكتب في دفتر العزاء، وفقا لصحيفة "جمهوريت" التركية، ما يلي: "فيدل كاسترو زعيم كتب تاريخا، وزعيم ناضل من أجل حرية شعبه واستقلاله، وزعيم كان يرى مصطفى كمال أتاتورك مصدر إلهام. التاريخ لن ينساه".
ونحن أيضا سنتذكره دائما، ولن ننساه. ونودِّعه إلى الأبدية في احترام. بالإضافة إلى ذلك، سيرسل كيليتشدار أوغلو وفدا من كبار أعضاء حزبه إلى العاصمة الكوبية هافانا للمشاركة في جنازة كاسترو التي سيتم تنظيمها في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر.
اليساريون الأتاتوركيون يزعمون أن كاسترو قال: "لو كنت في مكان مصطفى كمال أتاتورك لما نجحت في تحقيق ما حققه، ولذلك أتاتورك هو الثوري الحقيقي، ولا تبحثوا لأنفسكم عن مصدر إلهام آخر". ولكن لا أحد يدري أين ومتى قال الزعيم الكوبي كل تلك الأقوال التي تشيد بأتاتورك وما قام به في تركيا.
المتابع للتصريحات التي تصدر منذ وفاة الزعيم الكوبي وما يكتب حول "مناقبه" من قبل بعض اليساريين الأتراك، يشعر بالغثيان، بسبب ضخامة الكذب وحجم النفاق والتناقض. لأن هؤلاء الذين يمطرون على كاسترو كل أنواع المدح والثناء ويصفونه بـ"البطل الذي ناضل طوال عمره من أجل شعبه" هم أنفسهم من أشد المؤيدين لبشار الأسد الذي ذبح شعبه وفتح بلاده للاحتلال الإيراني، ويصفقون لمجازر النظام السوري والحشد الشعبي.
هؤلاء يتحدثون عن فيدل كاسترو وكأنه جعل كوبا متطورة ومزدهرة تنافس الدول العظمى في مستوى الرفاهية، وكأن الشعب الكوبي من أغنى شعوب الأرض وأسعدها، وكأن الزعيم الكوبي لم يحكم بلاده بالحديد والنار، وكأن كوبا تحت قيادة آل كاسترو جنة الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
المضحك أن هؤلاء الذين يثنون على فيدل كاسترو و"نضاله من أجل شعبه" يصفون رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان الذي انتخبه الشعب رئيسا له لمدة محددة بـ"الدكتاتور"، وكأن أردوغان، وليس كاسترو، هو من حكم بلاده لمدة حوالي خمسة عقود دون إجراء انتخابات حرة ونزيهة حتى يصرعه المرض ويقوم بتوريث الحكم إلى أخيه.
كثير من المعجبين بفيدل كاسترو لا يعرفون عن حقيقة "الرفيق الكوبي الراحل" ولا عن كوبا إلا القليل، وإعجابهم به لا يتعدى حدود تعاطف رومانسي، لأن الرأسمالية المتوحشة التي يحاربها اليساريون نجحت في تحويل رموز الشيوعية أمثال تشي جيفارا وفيدل كاسترو إلى سلع يستفيد منها الرأسماليون.
وكل هؤلاء الذين يلبسون قمصانا تحمل صور جيفارا أو كاسترو، وينشرون تلك الصور في حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، ويتباكون على رحيل الزعيم الكوبي، لو خُيِّروا بين العيش في كوبا تحت حكم آل كاسترو والعيش في أي مكان بالولايات المتحدة، قلعة الرأسمالية وحصنها الحصين، في ظل العلم الأمريكي، لاختاروا الثاني دون أدنى تردد. ولكن الأغرب من ذلك أن يجمعوا بين الإعجاب بتشي جيفارا وفيدل كاسترو وتعليق الآمال على تدخل واشنطن حتى تقوم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" بإسقاط أردوغان بانقلاب عسكري أو بأي طريق آخر، ليسلِّم حكم البلاد إلى حزب أتاتورك، مصدر إلهام كاسترو، كما يزعمون.