نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن تنامي عدد
الأطفال الذين يقضون أوقاتا على استخدام
التكنولوجيا الحديثة، مثل
الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وهي ظاهرة تثير قلق الأطباء والمختصين في علم نفس الأطفال؛ لأنها إن دلت على شيء، فهي تدل على إدمان الجيل الجديد على هذه التكنولوجيا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ثلث الأطفال دون سن الخامسة في المملكة المتحدة، يملكون هواتف ذكية أو أجهزة لوحية. ولعل إقدام الآباء على شراء هذه الأجهزة يعود لهوسهم بمواكبة العصر وتنمية قدرات أبنائهم الذهنية بفضل التطبيقات المتاحة على الإنترنت.
لكن الأرقام المفزعة التي نشرتها مؤسسة "أوفكوم" المختصة في مراقبة البث الإعلامي في بريطانيا، تدق ناقوس الخطر، وتسلط الضوء على إدمان الأطفال على التكنولوجيا الحديثة. وعموما، تبين أن معظم الأطفال يقضون ما يفوق خمس ساعات يوميا أمام التلفاز أو الحاسوب.
وأفادت الصحيفة أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال قد أصدرت مؤخرا دليلا سلطت من خلاله الضوء على ظاهرة إدمان الأطفال على التكنولوجيا. وتضمن هذا الدليل دراسة مفصلة لتداعيات عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام الشاشات الرقمية، على صحته الذهنية والجسدية. وقد أثبتت الدراسة أن قضاء الطفل مدة طويلة أمام التلفاز، يترتب عنه البدانة واضطراب عادات النوم ومشاكل في النمو.
ونقلت الصحيفة أنه على الآباء توخي الحذر بخصوص هذا الأمر، فهم يعتبرون قدوة لأبنائهم. لذلك وجب عليهم التقليل أيضا من مشاهدة التلفاز عندما يكونون بصحبة أبنائهم.
وفي هذا السياق، تنصح الهيئات الصحية الأمريكية الآباء بعدم السماح للأطفال دون السنتين من العمر بمشاهدة التلفاز. أما بالنسبة للأطفال دون الخمس سنوات، فلا ينبغي أن تتجاوز مدة مشاهدتهم للتلفاز الساعة يوميا، بينما يجدر ألا تتجاوز مدة مشاهدة الأشخاص دون الثامنة عشرة؛ الساعتين.
وعرضت الصحيفة وجهات نظر مختلفة لباحثين ومهتمين بهذا الشأن. وفي هذا الإطار، قال الدكتور الأمريكي في علم النفس، نيكولاس كارداراس، إن "الوقت المقضى أمام شاشة التلفاز، يعتبر بمنزلة الهيروين الرقمي للأطفال دون سن العاشرة".
وأكد أن "الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أما شاشة الحاسوب أو التلفاز، هم أكثر عرضة من غيرهم للإدمان على ألعاب الفيديو". علاوة على ذلك، حذر الدكتور كارداراس الآباء من "خطورة السماح لأطفالهم استعمال جهاز الآيباد كوسيلة للإلهاء".
وذكرت الصحيفة أن الأديبة سو بالمر، التي شغلت سابقا منصب مديرة مدرسة، تؤكد أنه "على كل الآباء والأمهات التصدي لهذه الظاهرة والحيلولة دون تفاقمها". ونوهت بالمر إلى أن "الأطفال يقضون معدل 17 ساعة في الأسبوع أمام التلفاز، وهو ضعفا معدل عدد ساعات لعبهم بعيدا عن التكنولوجيا الحديثة".
وأكدت بالمر أنه "قد يترتب عن قلة ساعات اللعب ابتعاد الأطفال شيئا فشيئا عن الواقع إلى درجة العزلة، حيث يمكن أن تؤثر هذه العزلة سلبيا على قدراتهم الذهنية وعلاقاتهم الاجتماعية".
وأضافت بالمر أنه "حسب الإحصاءات الأخيرة، فإن نسبة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في البصر قد تضاعفت بسبب تزايد المدة التي يقضيها الناس أمام الشاشات الرقمية".
وذكرت الصحيفة أن مذيعة قناة "بي بي سي"، تيسا دنلوب، لطالما نصحت "بخلق نوع من التوازن والاعتدال في التعامل مع التكنولوجيا، إذ يجب على الأهالي تشجيع أطفالهم على اللعب وممارسة الأنشطة الترفيهية، لكن في المقابل عليهم تخصيص بعض الوقت لتنمية مهاراتهم التقنية".
وقالت دنلوب إن "الحل يكمن في تعليم الصغار كيفية توظيف الوقت الذي يقضونه في استعمال جهاز الآيباد في تنمية مهاراتهم الذهنية، عوض اعتماده للتسلية العبثية".
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن المختص في طب الأعصاب، الدكتور دانكن آسل، أشار إلى أنه "لا توجد أدلة علمية حول تأثيرات الشاشات الرقمية على تطور دماغ الطفل". وأضاف أنه "إن كانت الشاشات الرقمية مضرة إلى حد ما بصحة الطفل الذهنية والجسدية، فإن ذلك لا ينفي فوائدها في تعليم الأطفال".