ما زالت أصداء
التسريب الذي بثته قناة "مكملين" وكشف موقف
مصر من أداء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تتفاعل على الساحة العربية، في الوقت الذي لم تعلق فيه "فتح" على التسريب الذي لم يستغربه محللون فلسطينيون.
وبثت "مكملين" المصرية الأحد الماضي، مكالمة هاتفية مسربة من داخل جهاز
المخابرات المصرية، بين القيادي المفصول من "فتح"
محمد دحلان، ومسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية اللواء وائل الصفتي، تضمنت هجوما شرسا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والعديد من الشخصيات والفصائل الفلسطينية.
واستغرقت المكالمة التي تعود لشهر حزيران/ يونيو الماضي نحو تسع دقائق ونصف، وهاجم الصفتي خلالها الرئيس عباس، قائلا إنه لم يقدم أي شيء للفلسطينيين، ويواجه إشكالية في عدم التركيز بالقدر الكافي بشأن الأوضاع التي تمر بها القضية الفلسطينية، وهمّه البقاء في السلطة.
ووصف الصفتي عباس بأنه "غبي، وما عندوش بضاعة"، وانهمك دحلان والصفتي بعد ذلك بالسخرية من عباس وعزام الأحمد وقادة الفصائل الفلسطينية.
ويأتي نشر التسريب في ظل جهود الرباعية العربية (الإمارات والسعودية والأردن ومصر) باتجاه المصالحة بين عباس ودحلان، في ظل الجهود التي تبذلها قطر للمصالحة بين حركتي حماس وفتح.
موقف "فتح"
وعن موقف حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" مما جاء في التسريب الصوتي؛ قال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي لـ"
عربي21" إنه "لم يصدر أي موقف رسمي بعد، وليس لدينا أي تعليق حول الموضوع".
لكن القيادي وأمين سر
حركة فتح في قطاع غزة، إبراهيم أبو النجا، قال في تعليقه على التسريب: "نحن لا نستطيع أن نبني على حديث لم نسمعه من الشخص نفسه".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الأمر حساس وخطير، ويتعلق بالعلاقات بين الدول والشعوب والرؤساء".
أسباب وتداعيات
وحول ما صدر عن اللواء المصري؛ قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة: "لا أستغرب مثل هذا الكلام، وخاصة في ظل الخلاف القائم بين دحلان وعباس، وفشل الوساطة المصرية، وضغط الرباعية في فرض دحلان مرة أخرى على عباس".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "تسريب مثل هذه المكالمة التي جرت بين قيادات أمنية مصرية وفلسطينية بارزة؛ هو أمر طبيعي في ظل حالة الشحن القائمة"، مؤكدا أنه "لن تكون للتسريب تداعيات على العلاقة بين النظام المصري ومحمود عباس؛ لأن عباس ورجاله لا يجرؤون على مهاجمة مصر والمخابرات المصرية، أو الرد على هذه الاتهامات، وستلزم السلطة الفلسطينية وحركة فتح الصمت".
وتابع: "أعتقد أن المستوى السياسي المصري الرسمي سينفي ما جاء في المكالمة المسربة، وسيسعى لتجاوزها والتغطية عليها عبر لقاء يجمع عباس والنظام المصري بأي مستوى رسمي لتدارك الأمر؛ لأن الطرفين غير معنيين في هذه المرحلة بالتصعيد".
واستدرك أبو شمالة بقوله إن "التداعيات فقط ستكون على الشعب الفلسطيني، الذي بات يتنبه بين فترة وأخرى إلى الكثير من المآسي السياسية والاستخفاف العربي بالفلسطينيين، وإلى أنه أمام قيادة تفتقد الكفاءة، إضافة إلى أنه يعيش في دوامة من التناقضات العربية".
ولم يستبعد أن يكون القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، "هو من يقف خلف تسريب هذه المكالمة، وهذا أمر متوقع"، لافتا إلى أن هذه "المكالمات السرية بين هؤلاء القادة لا يُسمح بخروجها إلا لأهداف".
وذهب أبو شمالة إلى القول بأن "كل ما يتم تسريبه مما له علاقة بدحلان أو عباس؛ يأتي في إطار الصراع القائم بينهما".
غير رسمي
من جانبه؛ قال المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، إن ما تم نشره "هو حديث غير رسمي، رغم أنه صدر عن شخصية رسمية مصرية، ولا يؤخذ على أنه سياسة رسمية مصرية تجاه القيادة الفلسطينية"، مستبعدا أن يكون التسريب قد "سرب بشكل متعمد، لكن من المؤكد أن هناك من تصيّد".
وأوضح لـ"
عربي21" أن التسريب "يأتي في ظل أجواء سلبية وخارطة طريق عربية؛ أول بند فيها المصالحة الداخلية لحركة فتح، والتي تعني عودة دحلان إلى صفوفها، ويتبعها السعي لعقد مصالحة بين حركتي حماس وفتح"، مشيرا إلى أن "فتح سجلت اعتراضها على النقطة الأولى التي تتعلق بعودة دحلان".
وأشار عوكل إلى تصريح الرئيس عباس الذي شدد فيه على أن الفلسطينيين "لا يخضعون لعواصم الجغرافيا، ولا لعواصم المال"، مؤكدا أن "اعتراض فتح على الجهود الرباعية لا يلقى القبول لدى النظام المصري".