لا زلنا لا نعرف الكثير عن هجمات
11 سبتمبر الإرهابية التي غيّرت وجه العالم قبل 15 عاما، ولا زال الكثير من الأسئلة حول تلك الهجمات تعشش في أذهاننا، دون أن نجد لها جوابا.
ولا زال أصحاب نظرية المؤامرة يُطلون علينا برؤوسهم بين الحين والآخر، ليطرحوا كثيرا من الأسئلة والألغاز التي لا جواب لها حول الحادثة.
لماذا تم استهداف البرجين قبل بدء الدوام الرسمي بنحو ساعة، حيث كان من الممكن إيقاع آلاف أخرى من الضحايا في ذروة نشاط مدينة نيويورك، لكن المهاجمين لم يفعلوا ذلك؟
ومن الذي قام بالتصوير عالي الجودة للطائرات لحظة الهجوم في الوقت الذي لم يكن فيه العالم ولا البشر يعرفون الهواتف النقالة الذكية ولا الهواتف بكاميرات؟
وما قصة الفيلم الدرامي الأمريكي الذي تم عرضه قبل الهجمات بسنوات، ويتحدث فيه جنرال أمريكي عن ضرورة تنفيذ عملية إرهابية كبيرة تُقنع الكونغرس بزيادة المخصصات المالية لوزارة الدفاع؟
كل هذه الأسئلة وغيرها يطرحها أصحاب نظرية المؤامرة، الذين يشككون في أنّ لدى تنظيم "القاعدة" القدرة على اختطاف أربع طائرات وإعادة توجيهها في الوقت ذاته لشن هجمات متزامنة ضد أكبر قوة عسكرية على وجه الأرض.
لا بل يذهب الكاتب الأمريكي تيري ميسون، صاحب كتاب "الخديعة المرعبة" إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما قال إن أمريكا ذاتها قامت في القرن التاسع عشر بتحطيم سفنها وقتل بحارتها، وزعمت أن إسبانيا هي التي نفذت الهجوم، كي يكون ذلك ذريعة من أجل غزو إسبانيا وقتالها، وتحقيق المصالح الأمريكية في النهاية.
سواء كان تنظيم "القاعدة" هو الذي نفذ هجمات 11 سبتمبر فعلا، أم كان غيره، فإنَّ النتيجة هي أننا أمام هجمات إرهابية دموية انتهت إلى قتل عدد كبير من الأبرياء وترويعهم. كما أننا أمام عمليات غيرت وجه العالم بالكامل، وخرج العرب والمسلمون منها "خاسرا أكبر".
فقد كانت هذه الهجمات هي الذريعة لاحتلال العراق وتدميره، ولا زلنا حتى اليوم ندفع ويدفع كل العالم معنا ثمن المغامرة الفاشلة والبائسة التي قادها جورج بوش في العراق، للإطاحة بآخر رئيس استطاع توحيد البلاد والعباد.
جاءت هجمات 11 سبتمبر بعد عام واحد فقط على اندلاع انتفاضة الأقصى في فلسطين، وقدمت خدمة جليلة للإسرائيليين الذين وجدوا فيها فرصة للربط بين الانتفاضة والإرهاب.
وسرعان ما تراجع الاهتمام العربي والدولي بفلسطين، وتبدد التضامن مع الشعب الفلسطيني، وصولا إلى انتهاء الانتفاضة، وحصار ياسر
عرفات لثلاث سنوات في رام الله حتى قضى شهيدا.
وبينما كان عرفات يموت بالسم
الإسرائيلي، كانت طائرات الاحتلال تغتال رموز فلسطين واحدا تلو الآخر، بدعوى أنها تحارب الإرهاب..
كانت حينها أنظار العالم قد انحرفت عن فلسطين، وكان آرييل شارون قد فهم المعادلة، واستوعب الظرف الاستثنائي، وبدأ بعدوانه على البشر والشجر والحجر.
أما الولايات المتحدة، فوجدت في 11 سبتمبر فرصتها لتدمير العراق وأفغانستان والصومال، كما وجدت فرصتها في إيجاد عدو جديد هو "الارهاب الإسلامي" وذلك بعد 10 سنوات على انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يُمثل عدوا تقليديا للأمريكيين.
خلاصة القول، إن العرب والمسلمين كانوا ولا زالوا الخاسر الأكبر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، فيما بدت أمريكا واسرائيل وحلفاؤهما أكبر المستفيدين من هذه الهجمات.
ففي أعقابها ارتكب الاحتلال الإسرائيلي جرائم لم يكن ليرتكبها لولا أن العالم يتعامل معنا على أننا إرهابيون. ولولا أن العالم أصلا منشغل بنقاط ساخنة أخرى، وفي أعقابها بدأت الولايات المتحدة موجة استعمارية جديدة دفعنا وحدنا ثمنها، وفي أعقابها خسرنا العراق وأفغانستان، وتقاطر ما تبقى من الحكام العرب واحدا تلو الآخر نحو البيت الأبيض، لأداء فروض الولاء والطاعة، ونفي تهمة الإرهاب عن أنفسهم، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
وبينما ندفع الثمن الباهظ لهذه الهجمات الإرهابية، فإن نزيف الأسئلة عن الحادث لا يزال مستمرا، فيما تقول والدة المنفذ الرئيس والعقل المدبر (محمد عطا) لجريدة "ألموندو" الإسبانية إن ابنها حي يُرزق أخفته الولايات المتحدة في معتقل "غوانتانامو"، ولم يكن على متن الطائرة التي ضربت البرجين.
أما أبوه (محمد الأمير)، فقال قبل سنوات على شاشة قناة "الجزيرة": أين ابني؟ كل الأدلة تنفي أي علاقة له بالحادث.. فأين هو؟
(عن صحيفة القدس العربي اللندنية)