نشرت صحيفة "التايمز" مقالا لوزير الخارجية البريطاني
بوريس جونسون، يتحدث فيه عن رؤيته لحل الأزمة السورية، مشيرة إلى أن مقال جونسون جاء بمناسبة لقاء تحالف من الجماعات السورية المعارضة في لندن.
ويبدأ جونسون مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بالإشارة إلى الوضع في مدينة حلب، قائلا: "من زار منكم مدينة حلب في زمن السلم، فإن الأخبار القادمة منها تكفي لأن تبكيه، فإننا نشاهد قصفا عشوائيا للمدنيين، وقصفا للمؤسسات الطبية، وأطفالا يخرجون من بين الأنقاض".
ويضيف الوزير: "أجبرنا على مشاهدة بيوت من أقدم الحضارات وهي تسحق تماما، ونرى حياة الأبرياء وهي تحطم بأنواع الذخيرة كلها، من البراميل المتفجرة إلى غاز الكلور".
ويشير جونسون إلى أن معاناة مدينة حلب هي آخر وجه للنزاع الذي استمر طويلا مثل الحرب العالمية الثانية، ويبين أن الحرب السورية كلفت أرواحا كثيرة، حيث تقول الأمم المتحدة إن 400 ألف شخص أو أكثر قتلوا فيها، لافتا إلى أن الحرب شردت السكان، وأجبرت الكثيرين على الهرب، بالإضافة إلى أن أزمة الهجرة أثرت في أوروبا كلها، مخلفة آثارا سياسية لا يزال صداها يتردد.
ويرى الوزير أن "هناك رجلا واحدا يتحمل مسؤولية الكارثة، رجلا أدت أفعال جيشه البربرية إلى قتل الغالبية العظمى من الـ 400 ألف ضحية"، موضحا أن "هذا الرجل هو بشار
الأسد، وآلة القتل التابعة له، وبراميله المتفجرة، وقتاله من أجل بقائه السياسي".
ويقول المسؤول البريطاني إن "مطالبة الأسد بمغادرة الحكم ليست مجرد دعوة صالحة، بل ملاحظة بسيطة وعملية بأنه لا يستطيع أن يؤدي دورا في حكومة المستقبل في
سوريا الجديدة، فطالما ظل الأسد في دمشق فإنه لن تبقى دولة ليحكمها".
ويتطرق جونسون للمعارضة السورية وكفاحها، ويقول إنها لن تتوقف عن القتال؛ لخشيتها من رمي السلاح الذي سيجعل الأسد في مركز السيطرة، واتهم جونسون الأسد بأنه "المجند الأكبر والوحيد للجماعات السنية المتطرفة من كل لون ونوع، حيث كان الأسد هو الذي أثار واستغل جماعة الموت تنظيم الدولة، لهذا كله، فإن المجتمع الدولي متفق على تنحية الأسد من السلطة، وحتى الروس تقبلوا فكرة انتقال سياسي للسلطة".
ويلاحظ الوزير البريطاني أن الروس يستخدمون القوة العسكرية لدعم الأسد ولبقائه في السلطة، مشيرا إلى أن مبرر الروس في دعم الأسد متعلق بالبديل عنه، متسائلين: "ماذا بعد الأسد؟".
ويعلق جونسون قائلا إن "السؤال الذي يطرحه الروس نابع من حرب العراق، وفشل الغرب للتحضير لتداعيات الإطاحة بنظام صدام حسين، حيث أطحنا برجل البعث القوي، وفتحنا المجال أمام الفوضى".
ويبين الوزير أن "هناك جوابين عن هذا السؤال؛ الأول متعلق بالأسد، فهو لم يعد رجلا قويا، ولن يستطيع استعادة السيطرة على كامل البلاد، خاصة بعد المذابح التي ارتكبها، ولن يشعر السوريون بالأمن طالما بقي يقود الجيش، أو يرسل طائراته لقصف شوارعهم، أما الثاني، فإن هناك بديلا هذه المرة".
ويلفت جونسون إلى اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات في لندن، الذي يهدف إلى وضع رؤية لما بعد الأسد، وأشار إلى أن المشاركين في مؤتمر لندن شخصيات لها تجربة في إدارة سوريا، لكنها رفضت سياسات الأسد، وتريد بناء دولة فيها مراقبة لنشاطات الحكومة، وتحترم فيها حقوق المرأة والأقليات، مشيرا إلى أن هذا الطموح هو للتأكد من خلق مناخ آمن، وخال من الإرهاب، ويسمح بعودة المهاجرين.
ويقول الوزير البريطاني إن "هيئة المفاوضات لا تمثل انتصارا لطائفة أو مجموعة، ولا تعمل على نقل السلطة من فئة سورية إلى أخرى، وهي تريد نقلا تدريجيا للسلطة"، منوها إلى مرحلة أولى من ستة أشهر من المفاوضات بين النظام والمعارضة، يرافقها وقف كامل لإطلاق النار، وفتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية لكل مكان في البلاد، ويقول إن "هناك الملايين من السوريين من الذين يحنون إلى توقف العنف والخوف".
وينوه جونسون إلى أن "المرحلة الثانية سيتم فيها تشكيل هيئة حكم انتقالية، تقوم بحكم البلاد، وستضم شخصيات من المعارضة وممثلين عن الحكومة الحالية في دمشق ومنظمات المجتمع المدني، وفي نهاية المرحلتين يكون الأسد قد ذهب، ومن هنا ستركز الحكومة الجديدة على مواجهة تنظيم الدولة في معاقله حول مدينة الرقة".
ويعتقد جونسون أن "هناك فرصة لنجاح هذه الرؤية، في حال اتفق الروس والأمريكيون على وقف إطلاق النار، واستؤنفت المحادثات في جنيف، حيث ستتفق الأطراف على مرحلة ما بعد الأسد".