ذكر تقرير نشره معهد واشنطن للدراسات أن
الإمارات العربية المتحدة تركز اهتمامها بشكل متزايد على استعراض قوّتها العسكرية في منطقة غرب قناة
السويس.
وأوضح أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة العربية، كـ"الربيع العربي" الذي انطلق في عام 2011، وثقة إيران المتنامية، وإفلاتها من العقوبات النووية، بالإضافة إلى صعود تنظيم الدولة، أدت إلى ترسيخ قناعة لدى القادة الإماراتيين بضرورة تفعيل دورهم؛ من أجل إدارة المخاطر التي يواجهها اتّحادهم.
وقد أدى ذلك -وفقا للمعهد- "إلى تحفيز هذه الدولة الخليجية الصغيرة في الآونة الأخيرة إلى إنشاء أوّل قاعدة عسكرية لها خارج حدود شبه الجزيرة العربية، وتحديدا في ميناء عصب الإريتري الذي تمّ بناؤه خلال العام الماضي، فتحوّل من صحراء قاحلة إلى قاعدة جوية حديثة وميناء عميق المياه ومنشأة للتّدريب العسكري".
وأوضح التقرير أن بناء قاعدة عسكرية إماراتية رئيسية في إريتريا تمتدّ على مدى عدة عقود كفيل بمنح الإمارات دورا رائدا في حماية الممرات البحرية في السويس وباب المندب.
وذكر أنه قد تبدأ دولة «الإمارات» في البروز كلاعب قوي في منطقة القرن الأفريقي وشرق
أفريقيا وغرب المحيط الهندي.
ويلفت التقرير إلى أنه وعلى غرار الإمبراطوريات التجارية السابقة، بدءا من البرتغالية، ووصولا إلى العمانية، تبذل الإمارات جهودا حثيثة لكي تصبح لاعبا مهما على طول الساحل الشرقي لأفريقيا، من خلال انتهاجها سياسة تقوم على مزيج من القوة العسكرية الحاسمة ومقاربات القوة الناعمة.
ويوضح التقرير أنه "ثمّة مؤشّر آخر يدلّ على إمكانية أن تصبح دولة «الإمارات» محرّكا أساسيا له تأثيره القويّ على توازن القوى في المنطقة، يكمن في رفع قدرات القوات اليمنية الكبيرة وتسليحها جيدا في قاعدة عصب".
ففي غضون بضعة أشهر فقط، "قامت الإمارات بتدريب بضعة آلاف من عناصر المشاة المتنقلة وتجهيزها، وجرى نقلها على متن "مركبات مدرّعة مضادة للكمائن والألغام" ["أو مركبات مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن"] وتزويدها بأسلحة متقدمة مضادة للدبابات. ولطالما كان النصر حليف مثل هذه القوات المدمجة والمتماسكة والمدعومة من قبل قوة جوية خارجية وقوات خاصة في كثير من الصراعات الإقليمية. وقد يكون لذلك انعكاساته أيضا على النضال ضد جماعات متطرّفة محلية، مثل حركة "الشباب"، التي قد تحوّل الإمارات أنظارها إليها في المستقبل".
ويبين أنه قد يكون للتعاون الأمني الإماراتي انعكاسات على صراعات إقليمية وحروب أهلية أخرى، لا سيما فيما يتعلق بقدرة الإمارات على تقديم أعداد كبيرة من المركبات الحديثة والأسلحة إلى القوات العسكرية التي تشارك في حروب بالوكالة. وبالتالي، قد تبدأ دولة «الإمارات» بالاضطلاع بدور صانع الملوك في جميع أنحاء المنطقة.
أما الأثر المحتمل النهائي، فيتجلّى في تعزيز الموقف الإماراتي الرادع ضدّ إيران. فالتدّخل العسكري في اليمن، بحسب معهد واشنطن، كان موجّها بطريقة غير مباشرة إلى إيران، في مسعى حثيث من قبل دول الخليج، وفقا لنظرتها، لمنع الحركة الحوثية التي تدعمها إيران من بسط سيطرتها على اليمن.
وقد أدّت القاعدة البحرية والجوية الإماراتية في عصب في أرتيريا دورا حاسما في محاصرة الموانئ التي سيطر عليها الحوثيون على البحر الأحمر، ومنع إيران من إعادة تزويد المتمردين بالأسلحة. وعلى مدى العامين الماضيين، ازداد الصخب حول إمكانية تطوير إيران لقدرات "المياه الزرقاء" البحرية، التي قد تسمح لطهران باستعراض قوتها العسكرية في غرب المحيط الهندي والبحر الأحمر.
وبالإضافة إلى دور القواعد العسكرية، مثل قاعدة عصب، في تقويض التوسّع البحري الإيراني، فقد تسهم أيضا في منح الإمارات عمقا استراتيجيا في أيّ صراع مستقبلي مع إيران، إن كان ذلك تهديدا بقيام اشتباك أم اندلاعه فعليا.
ويتابع التقرير: "لقد كانت مشاركة دولة «الإمارات» في العمليات السريعة في الماضي غير مدروسة أو محدّدة المعالم إلى حدّ ما؛ إذ حرصت الإمارات على مجرّد "المشاركة" في أنواع مختلفة من العمليات في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، دون أن يخدم ذلك بالضرورة أيّ خارطة طريق استراتيجية أوسع نطاقا".
ولكن، على الرغم من أنّ قاعدة عصب العسكرية نشأت عن ضرورة عسكرية لدعم حرب اليمن، إلا أن تطويرها قد يكون بداية مرحلة جديدة لتوسّع عسكري إماراتي سوف تكون له أهدافه ومقاصده.
يذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة وقعت عقد إيجار لمدة ثلاثين عاما كجزء من اتفاقية الشراكة المبرمة؛ لغرض إقامة قاعدة عسكرية للإمارات في ميناء عصب العميق وغير النشط ومطار عصب المجاور، الذي يتميّز بسطحه الصلب، ويضمّ مدرجا يمتد على طول 3500 متر قادرا على استقبال طائرات نقل ضخمة، من بينها طائرات "بوينغ سي-17 غلوب ماستر 3"، التي يقودها السلاح الجوي الإماراتي.
كما وافقت دول الخليج على تقديم حزمة من المساعدات المالية، وتعهّدت بتحديث "مطار أسمرة الدولي"، وإنشاء بنية تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود إلى إريتريا.
وقد أتاح شريان الحياة البحري الذي يغذّيه كلّ من ميناء عصب وقاعدة عصب الجوية قيام القوات الموالية للهادي باستعادة عدن في إطار "عملية السهم الذهبي"، في آب/ أغسطس 2015. فقد تنقّلت سفن الإنزال والسفن التجارية المستأجرة الإماراتية بين القاعدة الإماراتية البحرية الجديدة في الفجيرة على خليج عمان، وميناء عصب البدائي، كما شوهدت طائرات من طراز "سي-17" و"سي-130" تابعة لـ"سلاح الجو الإماراتي" في "مطار أسمرة الدولي" في العاصمة الإريترية.
وبحلول أواخر تموز/ يوليو 2015، انتهى العمل من بناء مطار عصب، وبدأت القاعدة تُستخدم كمنطقة دعم لوجستي ومنصة للمدرّعات الإماراتية بحجم لواء، التي سوف تتقدّم كرأس الحربة في عملية تحرير عدن.