ناقش المحلل
الإسرائيلي آفي يسسخاروف، الانتخابات البلدية
الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تخوضها الحركتان الكبيرتان في البلاد: حركة المقاومة الإسلامية (
حماس)، وحركة التحرير الفلسطينية (
فتح)، قائلا إن الأخيرة "تخوض حربا أهلية بصناديق الاقتراع".
وقال يسسخاورف، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في مقال له، الاثنين، إن الانتخابات البلدية، التي ستجري في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، سيكون "لها تداعيات بعيدة المدى"، مشيرا إلى أن "الرأي العام في مدينة الخليل، على سبيل المثال، يبدو غير مبال".
وسيُغلق تسجيل القوائم المختلفة للانتخابات البلدية ظهيرة الأربعاء، دون وجود "علامات للدعاية الانتخابية" في شوارع الخليل، بحسب يسسخاروف، الذي قال إنه "من الصعب القول إن السكان متشوقون للانتخابات البلدية".
الانتخابات الأولى منذ عقد
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن هذه "الانتخابات هي الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، تتنافس فيها أكبر حركتين؛ حماس وفتح، وجها لوجه"، موضحا أنه "أيا كانت النتيجة، فسيكون لها تأثير ليس فقط على مكانة هاتين الحركتين، ولكن أيضا على من يقف على رأس كل منهما، وحتى على العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل"، بحسب قوله.
وأوضح يسسخاروف أنه إذا حققت "حماس" إنجازات كبيرة في الانتخابات في الضفة الغربية، فسيقال في إسرائيل: "لقد كنا محقين، لا يوجد هناك شريك"، وإذا حدث العكس، فسيقال: "طوال الوقت قلنا لكم، هناك شريك"، مستدركا أن الانتخابات البلدية لن تغير من الواقع السياسي أو الأمني بين الطرفين بشكل فوري، إلا أن "مستوى الريبة وعدم الثقة بين الشعبين سيزداد في حال انتصار كاسح لحركة حماس"، بحسب قوله.
انقسام داخلي
وتابع يسسخاروف بأن المشكلة في الخليل، كما في مدن أخرى في الضفة، تكمن في أنه نظرا لتعدد القوائم العلمانية، فهناك احتمال معقول بأن يعاني "المعسكر الأكثر اعتدالا"، بحسب وصفه، أي معسكر "فتح" وأمثاله، من انقسام وتنافس داخلي ما سيمهد الطريق أمام انتصار لقوائم تضم مرشحين من حركة حماس.
أما بالنسبة لرؤساء حماس في غزة والخارج، فإن الحديث يدور عن فرصة استثنائية كما يبدو، لمعرفة توجه الجمهور و"اتجاه ريح" الرأي العام، بحسب محلل شؤون الشرق الأوسط، الذي أضاف أن "التخوف من اعتقالات من قبل إسرائيل أو السلطة، دفع بناشطي حماس في الضفة إلى الامتناع عن خوض الانتخابات البلدية علنا، والاكتفاء بشخصيات شبه مستقلة يُعرف عنها دعمها للحركة"، بحسب قوله.
وبذلك، حتى في حالة الخسارة يمكن لحماس الادعاء بأن القائمة لا تنتمي لها، وبذلك فإن المخاطرة في مشاركة "حماس" في الانتخابات أقل مقارنة بالأضرار المحتملة التي يمكن أن تتسبب بها هذه الانتخابات لحركة "فتح"، بحسب قول يسسخاروف الذي أوضح أنه "كما حدث في الانتخابات البرلمانية في عام 2006، قد تدل هذه الانتخابات عن مدى ضعف فتح والمعسكر العلماني أكثر من دلالتها على قوة حماس".
العدو صديقا والصديق عدوا
وينقل يسسخاروف عن موسى مخامرة، رئيس "القائمة المشتركة"، والرئيس المنتهية ولايته في بلدية يطا، في رام الله، التي يعيش بها 120 ألف شخص، والتي لم تترشح بها حماس عن ترشيح قائمة باسمها، بل بدفع شخصيات مقربة منها في قوائم مستقلة أو شبه مستقلة، خوفا من قوى الأمن الإسرائيلية والفلسطينية.
يقول مخامرة: "في قائمتي، هناك ممثلون من جبهة التحرير العربية، الجبهة الشعبية. هناك عدد من الحركات السياسية الممثلة هنا، وهناك ممثلون من حماس وممثلون مستقلون".
وأشار يسسخاريف إلى أنه في الماضي كان مخامرة عضوا في منظمة "حزب الشعب"، التي تُعتبر يسارية، ولكنه تركها في أعقاب تأييدها لاتفاق أوسلو الذي أبرم في عام 1993، موضحا أن "هذا يعني أن حركة حماس تواصلت مع من كان في الماضي ممثلا لحركة يسارية علمانية، لضمان هزيمة فتح أكثر من ضمان انتصارها".
تدخل إسرائيلي
وأشار مخامرة إلى أن "هناك أكثر من مؤشر على تدخل إسرائيل في
الانتخابات الفلسطينة، بواسطة أشخاص مرتبطين بالإدارة المدنية الإسرائيلية، وكذلك بواسطة تدخل مباشر لدولة إسرائيل وأجهزتها للتأثير على الانتخابات"، مؤكدا أن إسرائيل "تدفع" بمرشحين لها في الانتخابات.
وأوضح بقوله: "إن إسرائيل تقوم بالدفع بأشخاص، ولديها دور في تأجيج الوضع الأمني والتغيير الذي حدث في الوضع الأمني في الشارع الفلسطيني، نتيجة للتدخل غير المنطقي وغير المقبول هذا".
وقال: "إن إسرائيل تتدخل بواسطة أشخاص تابعين لها، كانوا في الماضي في تنسيق مع الإدارة المدنية، وتعمل على منع المواطنين الفلسطينيين من التصويت في الانتخابات المحلية بحرية"، معتبرا أن "هذا معروف في الشارع ولدى السلطة الفلسطينية".
وكرر مخامرة مصطلح "أصدقاء مردخاي"، أي أصدقاء منسق أنشطة الحكومة في الأراضي، العقيد يوآف مردخاي، دون أن يشير بالتحديد إلى اسم المرشح الآخر، الذي تدور حوله العاصفة السياسية الكبيرة في يطا، إسماعيل أبو حميد، بحسب يسسخاريف.
تهديد من فتح
وكان أبو حميد رئيسا لبلدية يطا، حتى عام 1995.وعندما دخلت السلطة ترك منصبه وهو يدرس حاليا ترشيح نفسه من جديد، وهو صاحب محطة وقود كبيرة عند مدخل المدينة ويحمل بطاقة هوية إسرائيلية و"أعمال تجارية في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل"، بحسب يسسخارف.
ووزعت في يطا، في الأسابيع الأخيرة، ضده مناشير، اتهمته بالتعاون مع إسرائيل.
مستوى التهديد: معتدل
وليست يطا البلدة الوحيدة التي تواجه تهديدا بوجود مرشح قد يسرق أصواتا من "فتح" على الأرجح، فأيمن القواسمة، الصحفي ورئيس إذاعة الحرية، واحدة من الإذاعات الأكثر شعبية في الخليل والتي أغلقها الجيش الإسرائيلي بتهمة التحريض ثم أعاد فتحها، والشخصية المركزية في المدينة والمحافظة، ورئيس قائمة "الشهيد فهد القواسمة" (رئيس بلدية الخليل في السبعينيات الذي اغتيل في عمان)، قال إنه "تعرض لضغوط".
وحول ترشحه، قال القواسمة إن "القرار لم يكن قراري"، موضحا أن "رؤساء 19 عائلة في المدينة في حارة الشيخ وقاموا باختياري"، موضحا ليسسخاريف أن "هناك ممثلين في القائمة عن عدة عائلات، بحسب اعتبار التقسيم الجغرافي للأحياء وتقسيم العائلات في المدينة، واخترنا أشخاصا أصحاب جودة استثنائية"، كما قال.
في الماضي اعتُبر القواسمة مقربا من "فتح"، لكن اليوم يحاول تجنب ربط اسمه بالحركة، ويحتج عندما يُسأل عن أي من الحركتين يعتبر نفسه مقربا أكثر: من "فتح" أم من "حماس"، قائلا: "نحن نعتبر التيار الخاص بنا ممثلا للناس في الشارع الذين يمثلون عمليا الجزء الأكبر في الواقع، والأشخاص الذين ينتمون للفصائل يشكلون 40% من الشعب، وهناك 60% غير منتمين وليسوا أعضاء في أي فصيل"، معتبرا أنه "يتوجه لهؤلاء الأشخاص".
وقال: "إن ممثلينا هم أبناء الجيل الجديد، جئنا بوجوه جديدة. لدينا في القائمة أكثر من سيدة"، مؤكدا تعرضه لضغوط لعدم خوض الانتخابات، لكنه عاد وكرر أنه "قُرر ترشيحي لرئاسة البلدية".
واختتم محلل شؤون الشرق الأوسط في "تايمز أوف إسرائيل" بقوله إنه "في الوقت الذي كانت تُجرى فيه المقابلة في مكاتب الإذاعة، لم يكن واضحا بعد من سيترشح عن حماس أو فتح، ولكن من السهل التخمين حتى بشكل ظاهري، بأن قائمة القواسمة ورفاقه الذين تجمعوا في مكتبه، ستأخذ أصواتا من أولئك الذين يفكرون بالتصويت لحركة فتح"، بحسب قوله.