أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن تضامنه الكامل مع شركائه من
المنظمات الحقوقية الفلسطينية، والمجموعات العاملة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والتي أكد أنها تواجه مؤخرا حملات تشهير وهجمات ومضايقات غير مسبوقة من أجل تقويض عملها المهني، لتحقيق المساءلة عن
انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي تشهدها الأرض المحتلة.
وقال- في بيان له الجمعة- إن "هذه الاعتداءات ليست بجديدة، بل هي جزء من سياسية
إسرائيلية مستمرة ترمي لاستهداف الأصوات المنتقدة لنظام الاحتلال المطول وانتهاكاته الممنهجة للحقوق في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وأضاف: "إلا أن بلوغ الترهيب حد التهديد بالقتل وامتداده لعائلات الحقوقيين وذويهم، يمثل تطورا خطيرا يبعث على المزيد من القلق، ويتطلب وضع حد له على الفور وفتح تحقيق مستقل حول هذه الحوادث الموثقة لضمان مثول الجناة أمام العدالة".
وكانت ثلاث منظمات فلسطينية حقوقية - الحق ومركز الميزان لحقوق الإنسان وبديل (المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين)-، قد أعلنت في وقت سابق عن تعرض بعض العاملين فيها -يقطن بعضهم مدن أوروبية- لأشكال مختلفة من الترهيب وصلت لحد التهديد بالقتل، سواء من خلال مكالمات ورسائل هاتفية أو عبر البريد الإلكتروني من مجهولين، أو من خلال رسائل وضعت على أبواب منازلهم، فضلا عن تلقي أفراد عائلاتهم اتصالات هاتفية مجهولة تهدد سلامتهم حال استمرت تلك المنظمات في عملها.
وأشار مركز القاهرة إلى أن هناك كما كبيرا من الدلائل التي تشير بأصابع الاتهام لجهاز الأمن الإسرائيلي كمحرك أساسي لهذه الممارسات والتهديدات.
وأردف: "لقد سبق وتعرضت المنظمات الثلاث – إلى جانب منظمات ومجموعات رائدة أخرى- إلى حملة تشويه من قبل مجهولين تستهدف الطعن في مصداقيتها ومهنية عملها، وتبديد أموال الجهات المانحة، وتتهمها بالفساد بين شركائها وفي الصحافة، بما في ذلك نشر مواد مضللة عن تلك المنظمات على المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي والقوائم البريدية".
ولفت إلى أنه بنهاية عام 2015 اتخذت حملة التشويه "منحى جديدا أكثر تنظيما ووضوحا، حينما بدأت المنظمات المذكورة في التواصل المباشر والنشيط مع مكتب النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية حول التحقيقات الأولية التي بدأها المكتب عن الوضع في الأرض المحتلة".
وطالب مركز القاهرة الدول التي يتواجد بها المدافعون الفلسطينيون المهددون باتخاذ خطوات جادة لحمايتهم وضمان سلامتهم وتمكينهم من القيام بمهام عملهم.
وتابع: "كما يجدر بمسؤولي
الأمم المتحدة المختصين، بما في ذلك الأمين العام والمفوض السامي لحقوق الإنسان، أن يعربوا عن قلقهم إزاء هذا الوضع، ويحرصوا على فتح تحقيق ذي مصداقية حول تلك الهجمات باعتبارها أعمال انتقامية محتملة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بسبب التزامهم وتعاونهم مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وغيرها من مؤسسات المساءلة الدولية".
واستطرد قائلا: "هذه الهجمات لا يمكن فصلها عن سياقها الأوسع، حيث يتم قمع واستهداف الحركات الشعبية والأنشطة والمبادرات السلمية التي ينخرط فيها المجتمع المدني الفلسطيني لمواجهة الانتهاكات الحقوقية المختلفة في الأرض المحتلة".
وأوضح أن السلطات الإسرائيلية تستهدف بشكل مباشر المحاميين الفلسطينيين، وعددا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على جانبي الخط الأخضر، بسبب دفاعهم عن حقوق الفلسطينيين.
ووفقا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، اعتقلت السلطات الإسرائيلية حوالي 150 شخصا في الفترة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وشباط/ فبراير 2016 على خلفية تدوينات "سياسية" على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد مركز القاهرة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت بشكل واضح عن انتهاجها إستراتيجية لمكافحة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت ذلك خلال اجتماعات مع شركتي جوجل ويوتيوب، فضلا عن أن الحكومة الإسرائيلية سبق واتهمت موقع "فيسبوك" مرارا بمشاركته بنشر رسائل تحريضية ضد إسرائيل.
وأكمل: "هذه السياسة القمعية الإسرائيلية لا تستهدف المنظمات الحقوقية الفلسطينية فحسب، ولكنها تمتد لتشمل المنظمات الحقوقية الإسرائيلية التي تعمل على حقوق الفلسطينيين، في ظل حملة تشويه واسعة بقيادة مجموعات من أقصى اليمين- بينهم مسؤولين إسرائيليون- تستهدف منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية التي تعمل على التوثيق والمناصرة ضد انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتركز الحملة على الادعاء بأن هذه المنظمات هم وكلاء للدول الأجنبية التي تهدف التدخل في الشؤون الداخلية الإسرائيلية".
ونوه إلى تصاعد موجة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك "عمليات القتل خارج نطاق القانون، وحالات الاعتقال والاحتجاز والتعذيب والحرمان من حرية التنقل والحق في الحياة العائلية، ومجموعة واسعة من الممارسات التي تشكل خروقات سافرة للحقوق الأساسية المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية".
واختتم بقوله إن "الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون منذ خمسة عقود، وحرمانهم التام من الحق في تقرير المصير، وانتزاع الملكية والتهجير لا يمكن معالجته بتكميم أفواه معارضيه، إذ لا يوجد خيار آخر للتصدي لهذا الوضع إلا برفع الظلم وضمان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني".