نشرت صحيفة ميديابار الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن تأسيس وسائل إعلام جديدة في
مصر طيلة السنوات الأخيرة، مبينة أن رجال أعمال أثرياء قاموا بالتضييق شيئا فشيئا على هذه النافذة الصغيرة للحرية؛ من خلال إقحام نفوذهم في مجال من المفترض أن يكون أكثر استقلالية، وبعيدا عن المشادات السياسية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وسائل الإعلام المبعوثة حديثا، والتي يمتلكها رجال أعمال مصريون، تعمل على الحد من أي تلميح للانتقادات الموجهة ضد حكومة الرئيس الانقلابي عبدالفتاح
السيسي.
وأضافت أن الدولة ليست الخطر الوحيد الذي يهدد استقلالية الصحافة في مصر، "ذلك أن هذا قطاع يعاني بالفعل من موجة غير مسبوقة من القمع منذ وصول المارشال عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2014، فقد سجن 27 صحفيا، و50 آخرين رفعت ضدهم قضايا ولم تتم محاكماتهم بعد.
وبينت أن الصحافة المصرية "تخشى من النفوذ المتزايد لأحمد أبو هشيمة، رئيس مجلس إدارة مجموعة (حديد المصريين) في هذا المجال"، مشيرة إلى أن أبو هشيمة نجح في الأسابيع الأخيرة بشراء عناوين صحف وفضائيات متفاوتة الأهمية والتأثير.
وأوضحت أنه منذ إنشاء مجموعته في عام 2010؛ تأرجح أبو هشيمة بين الإعلانات الرسمية عن شراء شركته "المصريون للإعلام"، وبين وسائل إعلام وتعاملات أخرى غامضة وسرية؛ تركت الصحفيين في حالة شك دائم إزاء مصيرهم.
وذكرت الصحيفة أن الخط التحريري لصحيفة الشروق المصرية، التي تعرف بنوع من الاستقلالية النسبية في معالجة المعلومات التي توفرها يوميا، متخوف من شائعات دارت في الأسابيع الأخيرة، حول عملية استحواذ محتملة من طرف أبو هشيمة.
وقالت إن صحفيي "الشروق" قلقون من ملاقاة نفس مصير زملائهم في موقع "دوت مصر" الإعلامي، ففي 19 تموز/ يوليو؛ تم صرف 90 شخصا من العاملين في هذا الموقع الإخباري، دون وجود إمكانية لإعادة تشغيلهم ثانية، لافتة إلى أن مالك الموقع السابق، ياسر سليم، الذي كان يعمل في ميدان المخابرات قبل أن يصبح اسما معروفا في مجال التسويق بفضل شركته "الأسود والأبيض"، أعلن عن بيعه موقع "دوت مصر" لأحمد أبو هشيمة، "لكن لم يتم إلى حد الآن تأكيد هذه المعلومات".
وأضافت أن عملية الاستحواذ في حزيران/ يونيو 2016 على قناة "أون تي في" أثارت مخاوف العديد من المدافعين عن حرية الصحافة، مشيرة إلى أن هذه القناة تأسست في عام 2010، وشهدت فترة مجدها زمن الثورة؛ حينما قامت ببث تقارير عن عنف الشرطة والجيش".
وتابعت: "كان الصحفي المصري الشهير يسري فودة، يقدم في عام 2012 برنامجا تحت اسم "آخر كلام" يبث على هذه القناة، ويعد هذا البرنامج مواليا للخطاب الثوري، ومعاديا بطريقة صريحة للنظام المصري السابق، وقد أجبر هذا الإعلامي في مناسبات عديدة على إيقاف بث برنامجه نتيجة لضغوط فرضتها المؤسسة العسكرية، وأعلن مؤسس قناة (أن تي في) ورئيس مجلس إدارة (أوراسكوم) والمساهم الرئيس لـ(يورونيوز) نجيب ساويرس؛ تأييده له علنا".
وأشارت الصحيفة إلى أن سيطرة أبو هشيمة على هذه القناة "كشفت بداية ضعف التأثير الإعلامي لنجيب ساويرس، المقرب بصورة مفروغ منها من النظام، ولكنه معروف أيضا بنقده للتسميات والتعيينات التي تخص المؤسسة العسكرية".
وأكدت أن أبو هشيمة ليس الشخصية المصرية الوحيدة التي تستغل وسائل الإعلام الخاصة لتعزيز نفوذ النظام المصري القائم، تحت قيادة عبدالفتاح السيسي؛ فقد أوضح محمد الشيخ، الذي شغل منصب نائب سابق لرئيس تحرير موقع "دوت مصر"، وهو حاليا معطل عن العمل، أن "جميع رجال الأعمال هم من الموالين للدولة، ووسائل الإعلام التي يمتلكونها تدافع عن الحكومة".
وأضاف الشيخ أن "يوجد دائما جنود خفاء تابعون لوسائل الإعلام، يخدمون مصالح خاصة، سواء للدولة، أو لبعض رجال الأعمال، أو لأحزاب سياسية أو جماعات ضغط"، مشيرة إلى أن "هذه الحقيقة توجد أيضا في الغرب، إلا أن تلك الدول تحترم القانون، وتعزز البيئة التنافسية التي يمكن أن ترضي الجميع، أما في مصر؛ فلا مكان لكل هذا".
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن رئيس تحرير موقع "البداية" المستقل، خالد بالشي، الذي يترأس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، "يعاني من ضغوطات خانقة من قبل الدولة، إلا أنه يواصل التزامه بالدفاع عن حرية الإعلام رغم نفوذ رجال الأعمال المتزايد في هذا المجال".