تنتظر أم عامر البالغة من العمر 60 عاما؛ يوميا أمام باب خيمتها في مخيم قرية عين البيضا، قدوم أحد الشباب من جبهات القتال؛ يحمل أخبارا جديدة لها عن تقدم لمقاتلي المعارضة بريف
اللاذقية، أو ليبشرها أحد الجيران بأخبار سارة، وذلك على أمل عودة قريبة لقريتها بعد نزوحها عنها منذ أشهر، بعد سيطرة قوات النظام عليها.
تؤكد أم عامر، وهي إحدى النازحات من قرية طعوما، لـ"
عربي21"؛ أن تقدم فصائل الثوار وسيطرتها على ناحية كنسبا، بجبل الأكراد، أدى إلى فرحة كبيرة لدى الكثير من
النازحين في
المخيمات، مبينة الظروف الصعبة التي يعيشون فيها وما يتحملونه من معاناة ومشقة.
وأشارت إلى أن النازحين تركوا منازلهم ومصدر رزقهم الوحيد في قراهم، وهي أراضيهم الزراعية، وذلك عندما بدأت الحملة الروسية على مناطقهم والتي سمحت لقوات بشار الأسد بالسيطرة على عدة مناطق أساسية في ريف اللاذقية.
وأكدت أم عامر أنها أرادت التمسك بأرضها التي عاشت طول حياتها فيها، لكنها اضطرت للمغادرة بعد أربعة أعوام من القصف المتواصل.
أما أبو ياسين، وهو نازح من قرية القرميل، فيقول إن الأمل سابقا كان شبه معدوم لدى الكثير من النازحين، خصوصا مع الدعم الجوي الروسي لقوات النظام، لكن مع بداية "معركة اليرموك" التي أظهرت قدرة فصائل الثوار على التوحد والعمل الجماعي، تمكنت الفصائل خلال وقت قصير من استعادة العديد من القرى.
ويوضح أبو ياسين لـ"
عربي21"؛ أن هذه المعركة أحيت آمال السكان والنازحين، وبدأ بعضهم يُعد نفسه من أجل العودة.
وأضاف أنه يتابع أخبار المعارك عبر الإنترنت، ويبدأ بإخبار جيرانه وأهله عند سيطرة الثوار على أي قرية أو نقطة جديد، مشيرا إلى أن النازحين يدركون الخطر الماثل أمامهم بعد عودتهم إلى قراهم، وذلك نتيجة القصف الجوي المتواصل، لكنه اعتبر أن ذلك "أرحم من العيش في الخيمة وانتظار سلة الإغاثة، والركض وراء المنظمات لتقديم المساعدة والدعم، وتوفير المياه أو نقلها من مسافات بعيدة".
ويؤكد أبو ياسين أن النازحين يريدون العودة إلى قراهم، وأنهم يستطيعون زراعة أراضيهم التي تقع في مناطق تكثر فيها ينابيع المياه.
وشهدت بعض القرى والبلدات في ريفي اللاذقية وريف
إدلب الغربي عودة لبعض العائلات إليها حيث عادت حوالي 50 عائلة حاليا، مع قيام عناصر الدفاع المدني بالمنطقة بفتح الطرقات وإزالة الركام منها وبقاية القصف بعد أن باتت مراصد النظام بعيدة عن هذه المناطق.
أبو حسن، وهو أحد سكان بلدة بداما بريف إدلب الغربي، كان قد عاد إلى بلدته بعد ابتعاد القصف عنها مع استعادة الثوار مناطق في جبل الأكراد، حيث بات خط الجبهة بعيدا عن بلدات وقرى ريف إدلب التي تعتبر امتدادا طبيعا لريف اللاذقية، والتي كانت تتعرض لقصف عنيف من قبل قوات النظام المتمركزة في بلدة كنسبا.
وتحدث أبو حسن لـ"
عربي21" عن أن العديد من العائلات عادت من مخيمات النزوح باتجاه كل من قرى الصفيات وأوبين وبداما والناجية، في ريف إدلب.
وأوضح أن أجزاء كبيرة من منازلهم باتت مهدمة، وأنهم يعملون حاليا على إصلاحها من أجل العودة والاستقرار فيها. لكن عبّر عن المخاوف من عودة النظام للسيطرة على على مناطق في ريف اللاذقية، مجددا، خصوصا مع محاولاته اليومية في ظل القصف الجوي العنيف، لا سيما على بلدة كنسبا في ريف اللاذقية.
واعتبر أبو حسن أن عودة الأهالي إلى قراهم، خصوصا قبل حلول العام الدراسي، ستساعد في إعادة فتح المدارس ومتابعة أطفالهم لدراستهم، حيث لا تتوافر المدارس في أغلب المخيمات،.
وأشار في المقابل؛ إلى أن أغلب العائلات النازحة فضلت التريث حاليا، والبقاء في المخيم، على أمل استعادة الثوار للمزيد من المناطق، وعندها سيعودن باتجاه ريف اللاذقية، في حين ينتظر البعض تحرير قراهم التي لا تزال قوات النظام تسيطر عليها من أجل أن يعودوا إلى منازلهم.