الزيارة التي قام بها الجنرال السعودي السابق أنور عشقي مع وفد سعودي غير رسمي إلى الكيان الصهيوني مؤخرا أثارت الكثير من ردود الفعل والنقاشات إن داخل المملكة أو خارجها، لأن هذه الزيارة هي أول نشاط معلن بين سعوديين وصهاينة داخل الكيان الصهيوني وجرى نشر تفاصيل الزيارة في الصحف الإسرائيلية، مع أنه يجري حاليا لقاءات عديدة بين شخصيات سعودية وشخصيات إسرائيلية في العديد من المؤتمرات والندوات العالمية ويشارك مسؤول المخابرات السعودي السابق تركي الفيصل في هذه اللقاءات.
ونحن في هذا المقال لن نناقش جدوى هذه اللقاءات ومخاطرها وانعكاساتها المستقبلية أو الدوافع وراءها، ولكن سنتوقف أمام نقطة محددة وهي أن الشخصية الصهيونية الرسمية التي استقبلت الوفد السعودي في الكيان الصهيوني هو مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية "دوري غولد" وهو مؤلف كتاب "مملكة الكراهية: كيف دعمت العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد" الصادر عام 2003، وقد صدر الكتاب بترجمته العربية عن دار الجيل في بيروت عام 2014 وقام بالترجمة الأستاذ محمد جليد.
والهدف من تسليط الضوء على "دوري غولد" وكتابه "مملكة الكراهية" هو أن يعرف الأستاذ أنور عشقي وأمثاله من هم الصهاينة الذين يتم الحوار معهم وكيف ينظر هؤلاء إلى الدور السعودي في المنطقة والعالم.
فـ"دوري غولد" ولد في هاتفورد في اميركا ونشأ في عائلة يهودية محافظة، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية عام 1970 التحق بجامعة كولومبيا حيث حصل على شهادة الليسانس في العلوم السياسية ومن ثم رسالة الماجيستير والدكتوراه وتخصص في العلوم السياسية والقانون الدولي والأدب العربي، وكانت رسالة الدكتوراه عن السعودية ودورها في دعم "الإرهاب العالمي"، وهذه الرسالة كانت الأساس في كتابه مملكة الكراهية، الذي يتحدث فيه بالتفصيل عن كيفية تمويل السعودية لما يسميه "الإرهاب العالمي" من خلال دعمها لأعداء أمريكا ومهاجمة حلفائها، وله كتب أخرى حول التحالف الأمريكي – الإسرائيلي.
وكتاب "مملكة الكراهية" بنسخته العربية من حوالي 440 صفحة ويتضمن الكثير من المراجع والوثائق والصور التي يستعين بها المؤلف من أجل البرهان على أن كل ما نشهده من إرهاب في العالم اليوم هو صنيعة السعودية والفكر الوهابي، ومع أن الكتاب صدر بالإنجليزية عام 2003 أي بعد هجوم تنظيم القاعدة على أمريكا عام 2001، فإنه يمهد للإثبات أن ما يجري اليوم في العالم من إرهاب هو صنيعة سعودية. ويستعرض الكتاب بشكل مفصل كيفية نشوء السعودية ودور الفكر الوهابي في إنشائها والعنف الذي قام به أنصار محمد عبد الوهاب في القرن التاسع العشر ومن ثم دور السعودية بعد تأسيسها ويستعرض علاقة المملكة بالإخوان المسلمين ودور رابطة العالم الإسلامي ودعم السعودية للمنظمات الأفغانية وتأسيس القاعدة وحركة طالبان والامتدادات السعودية في العالم وخصوصا في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة وفي البوسنة والبلقان والصراع السعودي – الإيراني ولا سيما بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وخلال الحرب العراقية – الإيرانية.
ومن ثم يتعرض لأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وتبرير السعوديين للاعتداءات وانتشار موجة الكراهية ضد الغرب ودور السعودية في العراق بعد صدام حسين، ويتحدث عن التناقض بين مواجهة السعودية للإرهاب في داخلها وكيفية دعمها للإرهاب في العالم، ويختم كتابه بالقول، وهذا رأيه: إن السعودية هي الأرضية التي ولدت الإرهاب، وهي مصدر الكراهية المنتشرة في العالم والتي تحرض على الإرهاب اليوم، ولذا لا بد من الضغط على السعودية من أجل تغيير كل سياساتها الفكرية والدينية والمالية والسياسية والتي تناصر وتدعم الإرهاب.
هذا هو باختصار ما يقوله مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية اليوم دوري غولد والذي يعتبره أنور عشقي صديقا له وأنه لبى دعوته للقاء خاص في
فلسطين المحتلة.
فهل يعرف عشقي من يحاور؟ وهل سيغير آراء غولد ومن يعمل معه ويتعاون معه في أمريكا والذين يدعون لمواجهة السعودية والفكر الوهابي لأنهم المصدر الأساسي للكراهية والرعب والعنف المنتشر في العالم اليوم؟