توقع مركز "الزيتونة للدراسات والاستشارات" أن يمارس الرئيس الأمريكي القادم، سواء كان دونالد ترام أم
هيلاري كلينتون، ضغطا على الطرف الفلسطيني، مشيرا إلى أن حركات المقاومة، خصوصا حماس والجهاد، ستكون مركز تلك الضغوط، و"هو ما يستدعي منهما الحذر الشديد في التعامل مع البيئة الشرق أوسطية، والعمل على النأي عن التدخل في الشأن الداخلي العربي سياسيا وإعلاميا في الظروف الحالية".
وأفاد المركز، في تقدير استراتيجي، أن موقف كلا المرشحَيْن منحاز بشكل كبير للاحتلال الإسرائيلي طبقاً لتصريحاتهما وخطبهما لا سيما أمام جماعات الضغط اليهودية، وستدرك "الزيتونة" أن الإطار الفكري لكل منهما يختلف عن الآخر، إذ يبدو ترامب أكثر ميلاً لنزعة العزلة النسبية، (وهو أمر مخالف لتقاليد الحزب الجمهوري)، بينما تبدو كلينتون أكثر ميلاً لقدر من التدخل على المسرح الدولي.
ورجح "الزيتونة" فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على منافسها الجمهوري
دونالد ترامب، مشددا على أن "دور الرئيس الأمريكي يبقى أسير القيود الدستورية وموازين القوى السياسية والتطورات الدولية، لكن توجهاته الذاتية تلعب دوراً في هذا الإطار. من ناحية أخرى، تدل الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أن المواقف السياسية خلال الانتخابات لن تكون بالضرورة موضع التزام من الرئيس في حال فوزه".
الرئيس الجديد والقضية الفلسطينية
أفاد مركز "الزيتونة" أن المسافة السياسية الفاصلة بين أي من المرشحين وبين الموقف الإسرائيلي، هي مسافة قصيرة للغاية، وربما تكون قضية الاستيطان هي الأكثر بعدا في هذه المسافة.
واستبعد المركز لجوء أي من المرشحَيْن "للضغط الفعلي" على الاحتلال الإسرائيلي سواء لوقف الاستيطان، أم إلغاء ضمّ القدس، أم تعيين الحدود، أم التعامل مع حركات المقاومة بشكل مباشر.
وتابع المركز: "قد تكون كلينتون هي الأقرب لمحاولة تفعيل المبادرة العربية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، لكنها ستعمل على تكييف بعض بنود المبادرة بشكل يجد قبولاً أكثر من "إسرائيل" للمبادرة، وقد تعمل على زيادة الضغط على دول عربية لمزيد من الانفتاح والتطبيع مع "إسرائيل" لا سيما من قبل بعض دول مجلس التعاون الخليجي".
ورجح المركز أن يعمل ترامب (في حال فوزه) على فرض مزيد من الأعباء المالية على دول الخليج، و"قد يدفعها للتضييق بقدر ما على المساعدات للسلطة الفلسطينية (لدفعها نحو مزيد من التنازلات)، كما سيشدد إجراءات التضييق المالي على حركات المقاومة في غزة".
وتوقع المركز في تقديره الاستراتيجي أن "لن يكون لمجلس الأمن أثر ذو معنى في مشاريع التسوية إذا ما فاز أي من المرشحَيْن، وهو ما يعني ترك الطرف الفلسطيني في مواجهة ميزان قوى مختل تماماً لغير صالحه".
ورأى "الزيتونة" أن "تبقى تداعيات الاضطراب العربي هي الأكثر عناية من الطرف الأمريكي (أيا كان الفائز) على حساب
القضية الفلسطينية، حتى لو تم العودة لها في ظروف ومناسبات معينة".
مرحلة جديدة
في المقابل حذر "الزيتونة" من استمرار الانقسام الفلسطيني، مشددا على أنه "يشكل ثغرة هائلة"، مستدركا أن احتمالات سد هذه الثغرة تبدو ضئيلة للغاية نظرا لتباعد المنظور السياسي للطرفين.
ونصح المركز حركات المقاومة بالابتعاد، إعلاميا وسياسيا، عن أيّ مواقف في الشأن الداخلي لأيّ دولة عربية في الظروف الحالية، و"لا بدّ أن ينعكس ذلك في وسائل إعلامها، خصوصا تجنب بعض المفاهيم والإشارات التي تشي بانحياز لموقف داخلي ما في أيّ دولة عربية وتحديدا مصر وسوريا".
وتابع المركز: "قد تعمل الولايات المتحدة و"إسرائيل" في المرحلة القادمة على إدراج منظمات المقاومة الفلسطينية في قوائم التنظيمات الإرهابية التي قد يبحثها مجلس الأمن الدولي من جديد، وهو أمر لا بدّ من وضعه في الاعتبار، ومحاولة تفاديه من خلال التنسيق مع كل من روسيا والصين في هذا الجانب، ومع القوى العربية والإسلامية والدولية الأخرى".
ودعا إلى "وضع مشروع للتفكير في كيفية وقف الهجرة الفلسطينية في الضفة الغربية من الريف إلى المدينة، والتفكير في كيفية تشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة للريف، إذ إن هذه الظاهرة (الهجرة من الريف للمدينة) تهيئ الوضع لبناتوستانات (المعازل، على غرار جنوب إفريقيا) الذي سيسمح لتيسير الاستيطان في الريف الفلسطيني".