نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن العجز الذي أبداه
الاتحاد الأوروبي في تهدئة الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط المضطربة، وخاصة في
سوريا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن سوريا هي في حد ذاتها مشكلة أوروبية، وعلى نحو متزايد. كما أن التصويت لصالح انسحاب
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي له أسباب متعددة ومعقدة، وتأتي الاضطرابات الناتجة عن الصراع السوري على رأس القائمة.
فمنذ عامين، يواجه الأوروبيون "أزمة اللاجئين" والتهديد الإرهابي لتنظيم الدولة. ولهذا السبب قررت بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لتنقذ ما يمكن إنقاذه، كما تقول الصحيفة الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخوف من
الهجرة، ورفض تواجد المسلمين، والتهديد الإرهابي، وانتقاد الاتحاد الأوروبي بسبب عجزه في حماية حدوده، هي من أبرز دوافع تصويت البريطانيين لصالح انسحاب بريطانيا من الاتحاد. وهذه الأسباب هي من محركات الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن الصراعات في الشرق الأوسط تقترب على نحو متزايد من أوروبا وتهدد استقرارها. فمنذ الغزو الكارثي للعراق عام 2003، تنامى التطرف، والطائفية والعنف، واشتعلت الحرب الباردة الإقليمية بين السعودية وإيران، وساء وضع سكان المنطقة وشُرد الآلاف منهم.
ومع ذلك، يبقى الصراع السوري منذ عام 2011؛ هو الحرب التي أتت بأكبر تأثير مدمر لسكان منطقة الشرق الأوسط. كما أنه من المتوقع أن تكون لهذا الصراع نتائج وخيمة وتأثيرات سلبية على المجتمعات الأوروبية.
فالصراع السوري أدى إلى ظهور أكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وفضلا عن ذلك، ساهم هذا الصراع في ظهور وانتشار تنظيم الدولة. وما يزيد الأمور تعقيدا، هو عدم تواجد حل في الأفق لهذا الصراع، فيما العوامل المزعزعة للاستقرار في تزايد؛ وتهدد كذلك الاستقرار الأوروبي.
وأمام كل هذه التحديات، أبدى الاتحاد الأوروبي عجزا كاملا عن تهدئة الوضع في سوريا. ومن جهته، يقود الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسة خاطئة تجاه الصراع السوري، ساعدت على تفاقم الوضع، وفق الصحيفة.
وبينت الصحيفة أنه في مواجهة التهديدات الناجمة عن النزاعات في الشرق الأوسط والأساليب المستخدمة من قبل بعض الأنظمة للبقاء في السلطة، اختارت بريطانيا الانعزال لحماية نفسها. كما يبدو أن هذه الظاهرة في طريقها للانتشار بين المجتمعات الغربية، باعتبارها وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس. وزيادة عن ذلك، فإن اتفاقية حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي يمكن أن تكون من الضحايا الأخرى لهذه الصراعات.
وأشارت الصحيفة إلى أن خيار الانعزال وممارسة اللامبالاة تجاه الصراع في سوريا؛ هو خيار يعتقد بعض القادة الأوروبيين أنه سيجنبهم المخاطر السياسية على المدى القصير، لكنه سيكون مكلفا جدا لأولئك الذين يرغبون في تكوين اتحاد أوروبي قوي وقادر على الاستمرار.
وقالت الصحيفة إن المشكلة الحقيقية التي تواجه الاتحاد الأوروبي لا تتمثل في الموجة الحالية من اللاجئين، أو حتى الإرهابيين، إنما تكمن في مواصلة كل من بشار الأسد والجهاديين تدمير سوريا. فسوريا هي مصدر كل الموجات التي تربك الاتحاد الأوروبي. كما أن الأمر المثير للقلق، هو أن الأوروبيين لم يتفطنوا بعد لهذه النقطة الأساسية لإيجاد حلول ومنع العديد من الكوارث المحتملة.