تخمة النفط في السوق التي استمرت لنحو عامين، وتسببت في هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ سبعة أعوام اختفت الآن.. "لقد خرجنا منها"، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح. هذا هو أهم أحداث المرحلة، التي تزينت بالمؤتمر الصحافي والتصريحات التي أطلقها الفالح في هيوستن وطمأنت المراقبين، لا سيما ما قاله في حواره لصحيفة "هيوستن كرونكل" الأمريكية، الذي أجراه في متحف الفنون الجميلة، الواقع على شارع بيسونت في قلب عاصمة النفط الأمريكية هيوستن، حيث التقى الفالح مراسل الصحيفة الذي أجرى معه أول حوار صحافي منذ توليه منصبه في أيار/ مايو الماضي.. "نحن لسنا خائفين، نحن واقعيون، ولهذا ندرك أن النفط سيحصل على حصة مهمة من مزيج الطاقة العالمي في العقود القادمة" قال الفالح الذي كان في هيوستن في ولاية تكساس، لتفقد أعمال "أرامكو السعودية" هناك، إذ تمتلك "أرامكو" من خلال شركتها التابعة "موتيفا" مصفاة "بورت آرثر" في الولاية نفسها، التي تعد أكبر مصفاة في الولايات المتحدة.
ورغم تعافي أسعار النفط أخيرا، إلا أنها واجهت ضغطا جديدا مع هبوط الجنيه الإسترليني تحت تأثير نتائج استفتاء بريطانيا على انسحابها من الاتحاد الأوروبيBrexit ، فانخفض دولارين ونصف الدولار رغم تواصل صعوده. وهي آثار عرضية منها مباشرة وغير مباشرة، وغير المباشرة بسبب تغير قيمة العملات. لكن لا يمكن الجزم بآثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أسواق الطاقة، فالأمر يعتمد على تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع المسألة في المرحلة القادمة، وتأثير ذلك في الأسواق العالمية.
على مدار العامين الماضيين كان صنبور النفط مفتوحا حتى آخره، حتى أن غياب لاعبين كبار من السوق لم يؤثر في وفرة العرض. وقد ضربت وفرة العرض وانخفاض الأسعار بطبيعة الحال ميزانيات شركات النفط والدول النفطية التي يعتمد اقتصادها بشكل رئيس على النفط. لكن الأعراض تتلاشى بسبب الانقطاعات المفاجئة في إنتاج النفط لدول لاعبة كبرى، والاضطرابات السياسية في بعضها الآخر. وقد صرحت الوكالة الدولية للطاقة، الثلاثاء الماضي، أنها تتوقع استمرار التوازن في سوق النفط حتى نهاية العام الحالي، وأن إنتاج العالم للنفط بالكاد يكفي ما يستهلكه، إذ تتوقع انخفاض معدلات الإنتاج بنهاية العام ما يرجح زيادة معدلات ارتفاع أسعار النفط.
لا شك أن الاضطرابات العالمية الجيوسياسية أثرت وتؤثر في معدلات إنتاج بعض الدول للنفط في السوق العالمية، ولعل أبرز تلك الدول نيجيريا وفنزويلا وليبيا وكندا. على سبيل المثال، الاضطرابات في نيجيريا بين أعمال تخريب واستهداف المنشآت النفطية الأجنبية، من قبل مليشيات محلية أخيرا، أسفرت عن تبديد ما يقرب من مليون برميل نفط يوميا في شهر مايو.
لذا؛ فنيجيريا تواجه أزمة ستمتد لفترة طويلة. كذلك فنزيلا التي تقف حائرة أمام أزمات سياسية واقتصادية وخيمة، إذ يتوقع المختصون تعثر ضخها للنفط بدرجة كبيرة بحلول نهاية العام الحالي. يضاف إلى ذلك ليبيا ووضعها السياسي المتدهور الذي انعكس على النفط. كما هو الأمر بالنسبة لكندا وحرائق الغابات فيها التي كان لها أثر بالغ في إنتاج النفط. يتزامن ذلك وانتعاش الطلب العالمي الآن في الهند والصين -ثاني أكبر مستهلك للنفط- والولايات المتحدة.