نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب إيشان ثارور، تحدث فيه عن تداعيات
العملية التي نفذها فلسطينيان في
تل أبيب يوم الأربعاء الماضي، وما أعقبها من ردود فعل من النخبة السياسية في
إسرائيل.
ويقول الكاتب إن "الإسرائيليين تظاهروا بعد الهجوم الإرهابي، الذي قام به مسلحان فلسطينيان، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص في قلب تل أبيب، في الوقت الذي اجتمع فيه السياسيون وسكان المنطقة في سوق سارونا، الذي يحتوي على مطاعم راقية، حيث وقع الهجوم ليلة الأربعاء، كان قد تم نشر قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية؛ للقيام بعملية قمع واسعة، وتم إلغاء تصاريح عشرات الآلاف من
الفلسطينيين لدخول إسرائيل".
وينقل التقرير عن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، قوله: "تصرف جيش الدفاع الإسرائيلي بحسم وبسرعة، منذ اللحظة التي علم فيها بالحادث، سنتخذ الإجراءات اللازمة كلها، وهذا ليس وقت إطلاق التصريحات، لا ننوي القبول بالوضع".
وتستدرك الصحيفة بأن "الناقدين للحكومة اليمينية، التي يرأسها بنيامين نتنياهو، وجهوا غضبهم، ليس على المتطرفين الإسلاميين فحسب، حيث تقول السلطات إن حركة حماس تقف خلف الهجمات، لكن على الوضع السياسي الراهن أيضا، وكان أبرزهم عمدة تل أبيب رون هولداي، الذي أشار في مقابلة مع راديو الجيش الإسرائيلي، إلى أن السبب الأساسي للعنف الإرهابي هو
الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية".
ويورد ثارور نقلا عن هولداي، قوله: "نحن الدولة الوحيدة في العالم، التي يعيش فيها شعب آخر بيننا تحت احتلالنا، ونحرمهم أي حقوق مدنية"، مشيرا إلى مناقشة هولداي، البالغ من العمر 71 عاما، انهيار أي معنى للعملية السلمية، بهدف التوصل إلى حل الدولتين، بصفته حلا لصراع عمره نصف قرن، حيث لا يزال هذا الحل هو الهدف المعلن للولايات المتحدة ومعظم المجتمع الدولي.
وأضاف هولداي: "المشكلة أنه عندما لا يكون هناك إرهاب، فلا أحد يتحدث عن الاحتلال، لا أحد عنده الجرأة بأن يتخذ خطوة نحو محاولة التوصل إلى اتفاق نهائي، وقد مر 49 عاما على الاحتلال، الذي شاركت به، وأنا أدرك الواقع، وأعلم القيادات التي تملك الجرأة للتحدث فقط".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن عضو الكنيست العربي أيمن عودة، الذي أدان العنف، ادعى أن تصرفات الحكومة الحالية، التي تحظى بدعم قوي من الإسرائيليين الذين يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية، "لا تؤدي سوى إلى تعميق الكراهية".
وتنقل الصحيفة عن عودة قوله: "أخرجوا المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين كلهم من دوامة الإرهاب وسفك الدم، يجب أن نقاتل سويا لإنهاء الاحتلال، وأن نفعل ما هو صحيح للعدل والسلام لكلا الشعبين"، بحسب ما ذكرته "جيروزاليم بوست".
ويقول الكاتب: "كما ذكرنا زميلي ويليام بوث هذا الأسبوع بأن المسؤولين الكبار في حكومة نتنياهو نفوا إمكانية قيام دولة فلسطينية، واقترح وزير الزراعة يوري أريل ضم أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية،
أما المسؤولون الآخرون فانتقدوا تصريحات هولداي بشدة، حيث قال نائب وزير الدفاع إيلي بن دهان إن العمدة (يهلوس)، ولا يعير اهتماما لتهديد الإرهاب".
ويورد التقرير نقلا عن بن دهان، قوله أمام جمهور في معهد الأمن القومي: "سمعت عمدة تل أبيب يقول إن الاحتلال هو المسؤول عن الحادث، أو أنه بسبب عدم وجود اتفاقية سلام مع الفلسطينيين، وذلك هو سبب وجود الإرهاب، أريد أن أذكره أن الإرهاب كان هنا قبل 100 عام، حيث إنه في عام 1929 تم ذبح اليهود في (الخليل)، ولم تكن دولة إسرائيل موجودة، ولم يكن هناك حتى (احتلال)".
وتلفت الصحيفة إلى أن تعليقات هولداي ربما ترفع السقف داخل المعارضة الضعيفة، حيث ينظر إليه على أنه المنافس المحتمل للرئيس الحالي لحزب العمال إسحاق هيرزوغ، الذي يقول معارضوه داخل اليسار عنه إنه يلتزم بخط نتنياهو في قضايا الأمن والسلام مع الفلسطينيين.
وينوه ثارور إلى أن موقع مجلة "972+" اليساري قال: "يأتي تعليق هولداي في وقت اختفى فيه الاحتلال من ضمير الشعب الإسرائيلي، الذي ينظر إلى العنف الفلسطيني على أنه عشوائي وأخرق، لكنه أيضا يعود بنا إلى وقت كان فيه الزعماء الإسرائيليون والشخصيات العامة قادرين على الحديث بصراحة حول الأسباب التي تدفع بالفلسطينيين للإرهاب والكفاح المسلح".
ويفيد التقرير بأن عمدة تل أبيب، وهي مدينة تعد قلعة لليبرالية في بلد منحاز لليمين، قام بإصدار بيان رصين ليل الأربعاء بعد وقوع الهجوم، قال فيه: "كانت ليلة قاسية في تل أبيب، كان هناك هجوم آخر، حيث كان الإرهابيون يجلسون في مقهى، ويخفون أسلحتهم، وبعدها بدأوا بإطلاق النار عشوائيا".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول العمدة: "نطلب من الشعب أن يبقى هادئا، نحن هنا في تل أبيب هدف للإرهاب، وهم يحاولون تعطيل حياتنا، سنستمر في الاستمتاع بالحياة في مدينتنا، ولن يجعلنا الإرهاب نسلم، وأطلب من الجميع العودة إلى حياتهم العادية غدا".