مع طي صفحة جديدة من اللقاءات الثنائية بين طرفي الانقسام الفلسطيني، حركتي
فتح وحماس، في العاصمة القطرية الدوحة، دون الإعلان عن التقدم خطوة إلى الأمام، يتكرر السؤال المهم: هل يمكن تحقيق
المصالحة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني المتضرر الأكبر من الانقسام منذ تسعة أعوام؟
مأزق الانقسام
واتهمت
حماس، على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، في تصريح صحفي لها السبت، حركة فتح "بإفشال لقاءات المصالحة"، وقال إن وفد فتح "تراجع عما تم الاتفاق عليه سابقا في الدوحة، وانسحب خلال الجلسة الثانية".
لكن رئيس اللجنة الإعلامية في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، منير الجاغوب، نقل في تصريح صحفي له، عن وفد حركته بالدوحة، أن "اللقاءات لم تفشل، وهناك إصرار على إتمام المصالحة".
وتعليقا على ذلك، رأى الخبير السياسي عبد الستار قاسم، أن حركتي فتح و حماس، "لا تريدان الخروج من مأزق الانقسام الفلسطيني، الذي أدى لتدهور القضية الفلسطينية".
وأوضح لـ"عربي21"، أن "الاقتتال الفلسطيني الذي بني في اتفاقية أوسلو لا مفر منه"، معتبرا أن "اتفاق أوسلو هو أفضل وصفة لسفك دماء الفلسطينيين".
وقال قاسم إن تحقيق المصالحة "غير ممكن، طالما أن هناك تنسياق أمنيا بين السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس والاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أنه في حال "تمت مصالحة على حساب اتفاق أوسلو؛ فهذا يعني ذهاب السلطة التي تعتبرها إسرائيل أداة للحفاظ على أمنها"، بحسب تعبيره.
مخطط إسرائيلي
وأضاف قاسم أنه "في ظل الوضع القائم، وعدم تحرك الشعب الفلسطيني"، فإن "الوضع السيئ سيبقى، وتراجع القضية الفلسطينية سيستمر؛ لأن حركتي فتح وحماس غير جادتين في تحقيق المصالحة، وطي صفحة الانقسام الخطير".
وقال: "كل واحد من الطرفين يريد أن يوصل رسالة للشعب الفلسطيني؛ بأنه يريد المصالحة لكن الطرف الثاني هو الذي لا يسعى لإفشالها"، معتبرا أنه "لا فرق بين قيادة فتح وحماس السياسية؛ لأن الجناح السياسي لحماس فتحاوي"، بحسب وصفه.
من جانبه، رأى وزير الثقافة الأسبق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، إبراهيم أبراش، أن هناك "مخططا إسرائيليا كبيرا يسعى لفصل
الضفة الغربية المحتلة عن قطاع
غزة، وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني"، وقال إن "إسرائيل وظفت الخلاف الفلسطيني الداخلي لتنفيذ هذا المخطط".
وأكد لـ"عربي21"، أن "هناك أطرافا فلسطينية، بعضها بوعي والآخر بدون وعي، ساعدت الاحتلال على تنفيذ مخططه بإحداث هذا الانقسام؛ الذي أنتج حالة الضعف والصراع الداخلي، وتآكل المشروع الوطني في كلا جناحيه"، مضيفا: "المقاومة في أزمة وكذلك مشروع التسوية".
وحول ما يمكن فعله، قال أبراش: "القيادات العليا في الحركتين تعلم الحقيقة؛ أنه ليس باستطاعتهم ولن تسمح لهم إسرائيل إعادة توحيد غزة والضفة تحت سلطة واحدة"، لافتا إلى أن "باستطاعة الحركتين إنجاز المصالحة من خلال إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة، ووقف التشهير الإعلامي وإتمام المصالحة المجتمعية، والتفاهم على إدارة المعابر وحل مشكلة رواتب الموظفين وغيرها..".
نخب المصالح
وتابع: "هناك مداخل متعددة يمكن العمل عليها، وليس بالضرورة إنهاء الانقسام، بمعنى أن نرجع لما كنا عليه قبله؛ لأن تسعة سنوات من عمر الانقسام أحدثت متغيرات كثيرة تجعل من الصعب عودة الأمور لما كانت عليه".
واعتبر الوزير الأسبق أن "ارتباط حماس بأطراف خارجية - تركيا وقطر - يؤثر عليها ويجعلها غير متحمسة للمصالحة، كما أن هناك أطرافا داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح؛ ليست معنية بالدخول في معترك استعادة غزة"، بحسب قوله.
واتفق أبراش مع قاسم على أن من يتحمل "المسؤولية الأكبر" تجاه هذا الوضع، هو "الشعب الفلسطيني؛ المتضرر الأكثر من الانقسام ولا يتحرك"، مشددا على ضرورة أن "تتحرك العناصر الواعية داخل حماس لتخرج الحركة من المأزق الذي وصلت إليه، كما يجب أن تتمرد عناصر فتح على الحالة التي هي عليها الحركة والسلطة؛ لإخراج فتح من مأزق اتفاق أوسلو والتسوية".
ورأى وزير الثقافة الأسبق أن "خوف السلطتين الحاكمتين في الضفة وغزة؛ يدفعهما لقمع أي حراك شعبي"، مشيرا إلى أهمية "تحرك الشارع الفلسطيني؛ الذي لم ينتج حتى الآن قوة جديدة يمكن للشعب أن يراهن عليها، من أجل مواجهة نخب المصالح في الحركتين المستفيدة من استمرار الانقسام بالطرق السلمية".