نشرت صحيفة "نيويورك بوست" تقريرا للمحلل الأمني إيلي ليك والكاتب جوش روجين، جاء فيه أن"عبد الفتاح
السيسي يقوم بالدوس على حقوق الإنسان وحكم القانون وحرية الإعلام منذ توليه الرئاسة قبل عامين، ومنذ مدة طويلة يطالبه المجتمع الدولي بالتوقف، إلا أن نقاده في واشنطن غيروا من لهجتهم في الفترة الماضية".
ويشير التقرير إلى تصريح للسيسي يوم الأربعاء، الذي قال فيه إنه يجب عدم النظر لوضع حقوق الإنسان في
مصر من "منظور غربي"، وحذر من مخاطر سقوط الدول القطرية في الشرق الأوسط، وصعود الإرهاب، حيث جاءت هذه التصريحات أمام وفد من النواب الأمريكيين، قاده رئيس لجنة الأمن القومي في
الكونغرس ميشيل ماككول.
وتذكر الصحيفة أنه في الوقت الذي كان يجتمع فيه النواب مع القيادة المصرية، كانت الشرطة تعتقل عشرات الصحفيين الذين كانوا يحتجون على اعتقال زميلين لهم.
ويلفت الكاتبان إلى أن زيارة وفد ماككول تعد آخر زيارة من سلسلة زيارات قام بها نواب أمريكيون إلى القاهرة، التي تهدف إلى التحاور بين الكونغرس وحكومة السيسي، ولكسر الجليد في العلاقات التي تأثرت فيما بعد انقلاب السيسي عام 2013، مشيرين إلى أن النواب الذين طالبوا في السابق بتقييد المساعدات الأمريكية، أخبروا السيسي في أثناء هذه الزيارات أنهم مستعدون للعمل معه، رغم مظاهر القلق التي أبدوها حول الطريقة التي يعامل فيها السيسي شعبه.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن ليندزي غراهام، وهو أحد أشد الناقدين لنظام السيسي، ومسؤول لجنة الكونغرس حول الدعم الخارجي، الذي دفع باتجاه قرار يربط الدعم الأمريكي بتحقيق إصلاحات في مصر، قال إنه بعد لقاء مع السيسي استمر ساعتين غيّر رأيه من النظام المصري.
وتنقل الصحيفة عن غراهام قوله: "أعتقد أنه يمكننا التعاون مع السيسي، وأعتقد أنه الرجل المناسب في الوقت المناسب، لكن أفعاله ستحدد فيما إن كنت مصيبا أم مخطئا"، ويضيف: "السيسي ليس رجلا كاملا، إلا أن فشل مصر سيكون كارثة على العالم"، مشيرة إلى أن غراهام غيّر حساباته بسبب تدهور الوضع الأمني في مصر منذ عام 2013، ولأنها بحاجة للدعم في حربها ضد الإرهاب، خاصة في سيناء.
ويورد الكاتبان أن غراهام يدعو الآن لـ"خطة مارشال" في الشرق الأوسط، تتضمن زيادة الدعم الأمريكي لكل من مصر ودول الخليج، لافتين إلى أن رئيس الكونغرس بول رايان قاد وفدا إلى القاهرة في نيسان/ أبريل، وتحدث إلى الصحفيين بعد عودته قائلا إن الوفد طرح موضوع
القمع الأخير ضد منظمات المجتمع المدني، وأضاف: "على كل وفد أمريكي طرح هذا"، مشيرا إلى أن رسالته للرئيس المصري هي "أنك تجعل الأمور صعبة بالنسبة لنا في الاستمرار في دعمك، عندما يكون لديك هذه الانتهاكات الكثيرة لحقوق الإنسان"، ويتابع رايان بأن السيسي أخبر الوفد أن "هدفه الرئيسي" هو تحقيق الاستقرار في مصر، إلا أن رايان رد قائلا: "في الوقت الذي تتبنى فيه الاستقرار، عليك تبني الشعبوية أيضا".
ويفيد التقرير بأن الجيش المصري قام في عام 2011 باعتقال موظفين من معهد الجمهوريين الدولي، كانوا يعملون في مصر، وتم منعهم في عام 2012 من السفر بانتظار محاكمتهم، حيث يتذكر رايان أنه قال للسيسي إن "معهد الجمهوريين الدولي لا يريد إضعافك"، وقال غراهام إن وفده طرح موضوع القمع، وطالب بمعاملة أفضل للمنظمتين اللتين يدعمهما الكونغرس بشكل جزئي، وهما: المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الوطني الديمقراطي.
وتعلق الصحيفة بأن التحول من النقد العام، الذي يقوم به نواب الكونغرس، إلى التفاعل الخاص مع السيسي، يتماشى مع موقف إدارة
أوباما، مشيرة إلى أن وزير الخارجية جون كيري خفف منذ عام 2013 نقده للسيسي، وقال إنه في طريقه نحو إعادة الديمقراطية لمصر، مشددا على أهمية استمرار الدعم الأمريكي له.
وينوه الكاتبان إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية استخدمت في أكثر من مرة إجراءات استثنائية للإفراج عن مليارات الدولارات، التي خصصت لتكون مساعدات عسكرية، رغم أن الحكومة المصرية لم تلتزم بمطالب تحقيق تقدم في ملف حقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن محللين وخبراء يرون أن تخفيف الضغط عن مصر يسهم في زعزعة الاستقرار على المدى البعيد، حيث يقول نائب مدير السياسة في برنامج الديمقراطية في الشرق الأوسط كول بوكينفيلد: "يراقب الناس مصر، ويقولون إن سياسات السيسي تقود باتجاه الانهيار"، ويضيف: "نحن نكرر أخطاء الماضي ذاتها".
ويقول الكاتبان إنه "بعد أربعة أعوام من السياسة المتغيرة، فإن الإدارة الأمريكية والكونغرس قررا أخيرا تبني سياسة واحدة، فرغم دوس السيسي على حقوق الإنسان وعلى شعبه، إلا أنه أفضل من أي خيار موجود".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا تحول من موقف واشنطن الحيوي من التظاهرات قبل خمسة أعوام، حيث إن "الكونغرس والرئيس أوباما يقومان اليوم بدعم سجّان المتظاهرين، الذين تم تشجيعهم ودعمهم سابقا".