نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب شاهر شاهدسالس، حول الخلافات المحتدمة بين الزعيم الروحي لإيران آية الله
خامنئي ورئيس
إيران الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي يقود اليوم تحالفا يتألف من المعتدلين، ويسمون أيضا البراغماتيين، والإصلاحيين.
ويشير الكاتب إلى تغريدة لرفسنجاني على "تويتر" في 23 آذار/ مارس، قال فيها: "عالم الغد عالم حوار وليس عالم صواريخ"، لافتا إلى أنه قد يكون لهذه التغريدة معنى خاص؛ لأنها جاءت بعد قيام الحرس الثوري في 8 آذار/ مارس بإطلاق تجريبي لصاروخين بالستيين طويلي المدى، تسببا بضجة من السياسيين الأمريكيين.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في خطاب غاضب في 30 آذار/ مارس، هاجم خامنئي رفسنجاني قائلا إن أولئك الذين يظنون أن مستقبل البلد يقوم على المفاوضات بدلا من الصواريخ، إما أن يكونوا "جهلة أو خونة"، حيث فسر عدد من المصادر هذا التصريح بأنه إن كان رفسنجاني جاهلا فهذا يعني أنه لا يصلح لمنصب كبير، وهو الآن يشغل منصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وإن كان خائنا فمعروف كيف يجب أن يعامل.
ويقول الموقع إن تصريحات الزعيم الروحي فتحت هذه الأبواب للمتشددين كي يهاجموا رفسنجاني من كل جانب، حيث قال "رجا نيوز": "قائد التيار الداخلي، الذي يهدف إلى إضعاف القدرات الدفاعية للبلد هو هاشمي رفسنجاني.. انتهى عصر تحمل المتنازلين". أما صادق لارجاني، الذي يرأس الجهاز القضائي، والرجل الذي لديه الفرصة الأفضل ليصبح الزعيم الروحي القادم لإيران، بحسب تقدير المراقبين، فقال: "يجب ألا تكون الساحة السياسية مفتوحة أمام الأشخاص الذين يريدون إضعاف الإمكانيات العسكرية للنظام ومبادئه ومثله أو تدميرها".
ويذكر شاهدسالس أن رفسنجاني راجع تغريدته، وقال إنه لم يعبر جيدا في تغريدته السابقة، وأصبحت التغريدة المراجعة تقول: "عالم الغد عالم خطاب مثل خطاب الثورة الإسلامية، وليس عالم صواريخ باليستية عابرة للقارات وأسلحة نووية"، وأضاف: "لم يكن عندنا وليس عندنا قائد أفضل من آية الله خامنئي".
ويتساءل الكاتب قائلا: "كان بإمكان خامنئي توجيه تحذير سري لرفسنجاني، فما الذي جعله ينقل القضية للنطاق العام ليطلق حكمه القاسي؟".
ويعلق التقرير بأنه بعد 16 سنة من رئاسته، يعود رفسنجاني مثل طائر العنقاء من الرماد، حيث كان عندما غادر كرسي الرئاسة عام 1997 من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية شعبية، واليوم لم يصطف خلفه المعتدلون فقط، بل القاعدة الشعبية للحركة الإصلاحية، وحصل في انتخابات مجلس الخبراء، المجلس المنوط به انتخاب الزعيم الروحي لإيران، في 26 شباط/ فبراير، على 2.3 مليون صوت، وكانت هذه الأصوات أكثر مما حصل عليه أي مرشح، سواء لمجلس الخبراء أم البرلمان في الانتخابات التي أجريت في الوقت ذاته.
وينوه الموقع إلى أن رفسنجاني كان، ولفترة طويلة، على خلاف مع خامنئي حول القيود المفروضة على الحريات الاجتماعية والسياسية، وحول العلاقات مع الغرب وبالذات الولايات المتحدة، كونها دولة عظمى، حيث إنه يرى أن هذه العلاقات ضرورية لاستمرار النظام الإيراني، بينما يرى خامنئي أن هيمنة هذه المدرسة الفكرية تعني القضاء على الثورة الإسلامية التي يرعاها.
ويبين الكاتب أن شعبية رفسنجاني والأصوات التي حصل عليها، كونه شخصية بارزة في "تيار الاعتدال"، كما يسمون أنفسهم، أثارت قلق تيار المحافظين المنافس بقيادة خامنئي، مشيرا إلى أنه "يمكن لرفسنجاني أن يستخدم شعبيته لتكون أداة لتشكيل فصيل قوي في مجلس الخبراء، ويحصل على الرئاسة في الانتخابات الداخلية للمجلس بعد فوز الإصلاحيين، ولذلك يمكن له أن يؤثر كثيرا على انتخاب الزعيم القادم وعلى توجه البلد، إن مات خامنئي خلال دورة المجلس الممتدة لثماني سنوات قادمة".
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من عملية رفض طلبات الترشح الكبيرة للمرشحين المعتدلين والإصلاحيين، من مجلس صيانة الدستور، إلا أن المحافظين تفاجأوا بأن مقاعد طهران البرلمانية كلها البالغ عددها 30 مقعدا كانت من نصيب تحالف المعتدلين والإصلاحيين.
ويقول الموقع: "لو تركنا ما تقدم جانبا، فإن التوصل إلى الاتفاق النووي (الخطة المشتركة للعمل) شكلت إخفاقا سياسيا لخامنئي، حيث أن الاتفاقية، التي تم التوصل إليها في فيينا في 14 تموز/ يوليو 2015، تجاوزت بوضوح تقريبا الخطوط الحمراء التي وضعها الزعيم الإيراني جميعها، ولا تزال قاعدة مؤيديه تهاجم الصفقة، حيث قال قائد الحرس الثوري الميجور جنرال الجعفري إن الاتفاقية ليست مشرفة للشعب الإيراني والناس قبلوها على مضض".
ويوضح شاهدسالس أن خامنئي كثف من انتقاداته للشخصيتين البارزتين في المعسكر الآخر: رفسنجاني وروحاني، فقام في خطاب رأس السنة الإيرانية في 20 آذار/ مارس، بمهاجمة سياسات ورؤية روحاني، دون تسميته؛ كي يحد من الأضرار التي قد تصيب مكانته نتيجة التوصل إلى الاتفاقية، وواضح أن هذا الخطاب حاز على رضا القاعدة الشعبية لخامنئي.
ويفيد التقرير بأن المعتدلين والإصلاحيين أقاموا وحدة غير معلنة، حيث يقود التيار المعتدل رفسنجاني وروحاني، ويشكل هذا التيار الموجة الثانية بعد بروز الحركة الإصلاحية عام 1997، وتتحدى المؤسسة المحافظة سياسيا.
ويجد الموقع أن موقف آية الله خامنئي الناقد لرفسنجاني لا يرضى المحافظين فقط، بل يسكت الأخير، ويحد من إمكانيات مناورته، وفي الوقت ذاته فإن معسكر المحافظين تحرك لدخول المعترك في مواجهة تيار الاعتدال.
ويذهب الكاتب إلى أن الزعيم الإيراني يريد إيصال رسالة للأجانب، خاصة الأمريكيين، مشيرا إلى أن هذه الرسالة هي من هذا القبيل: "إن كنتم تظنون أن تفاوض المعتدلين معكم، وأن ضحكهم وتجوالهم معكم ومصافحتهم لكم يعني أن سياساتنا وموقفنا المعادي لكم قد تغير، فأنتم مخطئون جدا، وإن كنتم تظنون أن التوصل إلى الاتفاقية سيقود إلى بسط المعتدلين نفوذهم على إيران، فإن عليكم أن تفكروا ثانية".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن حل قضية رفسنجاني سيبقى تحديا لمؤسسة المحافظين لشهور وسنوات قادمة، حيث يتوقع أن تعيد الانتخابات الرئاسية في 2017 الصدامات بين المعسكرين.