لخصت أم الطالب الإيطالي المقتول في القاهرة "جوليو ريجيني" قضية ابنها بعبارة تقول "اعتقله الأمن وعامله كما لو كان مصريا"!
التفاصيل مفهومة ضمنا، وهي -في جانب منها- تحيل الجريمة إلى "اختلاف الثقافات" كأنها تقول "إذا كان القمع بالنسبة للمصريين أمرا مألوفا، فإننا لم نربِ أبناءنا على الرضوخ له". و"العسكري الأسود" الذي يعذب المصريين، لسبب ولغير ما سبب، عليه أن يعرف أن جغرافيا الجسد المصري هي الحدود التي يجب عليه الوقوف عندها.
وليس أدل على "اختلاف الثقافات" من "الاستهانة الشديدة" التي مر بها خبر قتل الشرطة لخمسة مصريين، زعمت أنهم عصابة، وأنها ترجح (لاحظ أن مجرد "الترجيح" يكفي للقتل) وجود صلة بينهم وبين مقتل "ريجيني" وهو ما نفته الشرطة نفسها بعد ذلك، لكن مقتلهم مر في مصر من دون أي اعتراض، اكتفاء بأن الشرطة ذكرت -في زعم آخر- تورطهم في جرائم نصب وسرقة أجانب، ولم يسأل أحد: وهل "الإعدام" هو عقوبة النصب والسرقة؟ وهل يعاقب الناس من دون محاكمة؟ وغيرها من الأسئلة التي تفرضها ثقافة من تربوا في مجتمع يعتبر القانون حارس حقوق الإنسان، وليس أداة السلطة لعقاب من تشاء، متى تشاء، وكيفما تشاء.
المنهج نفسه اتبعته السلطات المصرية وهي "تلوث سمعة" ريجيني بالطعن في عرضه تارة، واتهامه بالجاسوسية تارة أخرى، لكنه منهج لم يفلح في إسكات المجتمع الإيطالي، الذي طالب عامته بحق مواطنهم، بينما اكتفت سلطاته بالمطالبة بـ"قصة محبوكة" تبرر ما جرى، وهو ما لم تفلح السلطات المصرية حتى الآن في تقديمه، برغم كل ما قدمته لها السلطات الإيطالية من مساعدات –وتغاضٍ- في هذا الصدد.
صحيفة "تايمز" البريطانية، وفي افتتاحيتها أمس (الخميس) علقت على مقتل "ريجيني" قائلة: "إما أن "السيسي" طاغية، أو أن الأجهزة الأمنية بدأت تخرج عن سيطرته، والحالتان لا توحيان بالثقة في وعوده". لكن، وبرغم هذا الوصف، فإن الجريمة -على الأرجح- ستمر بأقل مقابل ممكن، وسيعوض "تعاون" السلطات الإيطالية، ما "قصرت" فيه نظيرتها المصرية. وربما تجد "روما" الحل في "إعادة تثقيف" مواطنيها المسافرين إلى بلاد القمع، ليتعلموا الرضوخ، خاصة لو كانت حصة إيطاليا كبيرة من الثروات الطبيعية لهذه البلاد، كما هي الحال بشأن حقل الغاز المصري الذي تديره إيطاليا.
عن صحيفة الشرق القطرية
1
شارك
التعليقات (1)
محمود المصرى*ّ ... البلد
الجمعة، 08-04-201612:56 م
مالي بدارٍ خلَتْ من أهلِها شُغُلٌ , ولا شَجاني لها شَخصٌ ولا طَلَلُ ... أبدأ من هذا البيت الجميل رضى الله عن صاحبه وأرضاه , حبيبى الحسن بن هانىء السابق زمنه بأكثر من ألف عام عليه الصلاة والسلام ... وقبل التعليق أود تثبيت بعض الحقائق حتى لا يظن البعض أنه يمكن التغطية عليها بالتجاهل أو بالإغراق فى موجات إلهاء متواصل ... أدعو القارىء الكريم للذهاب للعنوان وإعادة قراءة سورة البلد فى ضوء ما يسره الله فى تعليقى السابق بعنوان "إنت مش إنت ..." لإستيعاب تفسيرها بشكل صحيح ... وفى تعليقين لى سبقاه إشارة للفرق بين مكة زاداها الله شرفاً ورفعة وبين أم القرى التى إستحقت الإنذار هى ومن حولها ... وقبل مغادرة هذه النقطة أود الإشارة إلى الفرق بين مكة وبكة , وكذلك إلى القريتين المذكورتين فى (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ... والى الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) والتأمل فى من هو المخاطب ومعاده ودلائل هذا المعاد , وما هو موقف الزعامات السياسية والدينية وأصحاب القنوات الفضائية من الذِكر المُنزَل ... تفرس فى الوجوه لترى الأسباب الخفية وراء الصراعات والتدافعات فى المنطقة من زاوية مختلفة ولتحدد موقفك أنت أيضاً ... ودعنى أخبرك بأن أصحاب القنوات الفضائية لديهم ما يحرصون على منعه أو نشره فليس كل ما يمنع غير مهم وليس كل ما ينشر مهم وقد جربت ذلك بنفسى ... الآن يمكننى التعليق على المقال وأنا مستريح وفى الحقيقة فإن الأستاذ المحترم محمد القدوسى لم يترك لى كثيراً لأضيفه غير إعلان التعاطف مع أم جوليو ريجينى وكل أمهات من قتلوا ظلما وتعذيبا وإهانة فى السجون والشوارع ... وأذكر بأن الأولويات بعد الثورة كانت إصلاح منظومة القضاء وإعادة هيكلة الداخلية , وهى أولويات لا يمكن تجاوزها , والإخفاق فى ذلك وراء ما يعانيه الآن من كانوا فى السلطة وما تعانيه أم جوليو ريجينى وهى من دولة مؤيدة للإنقلاب ... حتى يكون ذلك فى الحسبان إن عادت الكرة وحدثت ثورة.