قالت اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين في
مصر، التي تمثل أحد طرفي الخلافات داخل الجماعة في مواجهة الجبهة المعروفة إعلاميا بالقيادة التاريخية التي يتزعمها القائم بأعمال المرشد
محمود عزت، إن الجماعة في خطر في ظل الخلافات المحتدمة بين طرفي الأزمة التي اشتعلت خلال الفترة الأخيرة.
وشددت- في بيان لها الأربعاء- على أن اجتماع
مجلس الشورى العام للجماعة، والذي أعلن محمود عزت عن انعقاده يوم السبت الماضي، هو اجتماع باطل وغير شرعي أو لائحي ولا يعتد بما نسب إليه، بل يجب – برأيها- أن "يحال للتحقيق من زعم أنه عقد ومن أذاع قرارت باسمه، خاصة في ظل فقدان مكتب الإرشاد ومجلس الشورى نصابه اللائحي وبطلان كل ما يصدر باسمهما".
وقالت اللجنة الإدارية: "نحب أن نتوجه إلى جموع الإخوان المسلمين في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به جماعتنا، وقد هالنا ما فعله عدد من إخواننا الكرام من إعراض غير مبرر عن كل
المبادرات، وما يقومون به من إجراءات لا تؤدي بأي حال إلا إلى شق صف الجماعة وإضعافها".
وأضافت: "إننا آثرنا تأخير ردنا على ما قيل إنه انعقاد لمجلس الشورى العام وما اتخذ باسمه من قرارات في محاولة منا للتواصل مع الدكتور محمود عزت وعدد من إخواننا القريبين منه، لبحث الأمر وإيقاف هذا النزيف، وتضييع الأوقات والجهود، والتركيز في قضيتنا المركزية بمقاومة الانقلاب وتحرير المعتقلين والقصاص للشهداء، ولكن وللأسف الشديد رفضوا جميعا سماع أي صوت، فكان لزاما علينا ووفاء لحق الإخوان علينا أن نعرض على جموع الإخوان بعض الحقائق".
وتابعت: "أكثر من إحدى عشرة مبادرة.. غير رسائل المناصحة في السر من المخلصين والغيورين من الإخوان، والتي بعضها يقطع الأكباد، كلها تم التعامل معها بما لم نعرفه أبدا في تاريخ دعوتنا من الازدراء والتعالي، ولم تلق سوى الإهمال والتنقيص من شأن من تقدموا بها بل والتشنيع أحيانا".
وأضافت:" نرى حرصا شديدا وغير مسبوق على عدم إعادة بناء مؤسسات الجماعة، فمكتب الإرشاد لم يبق منه سوى ثلاثة أعضاء في الداخل ومثلهم في الخارج، مما يجعل كل ما يصدر باسمه باطلا، حيث لا يصح مجرد الاجتماع إلا بحضور النصف + واحد ( أي أحد عشر عضوا)، ورغم اجتماعات الشورى التي قيل إنها عقدت لم يتم اتخاذ أي خطوة لإعادة بنائه".
وتابعت: "أما مجلس الشورى فلم يبق منه في الداخل سوى 32 عضوا منهم 18 عضوا بين معتذر أو معتزل يقينا، ومستبعد تماما منه جميع رؤساء المكاتب الإدارية، مما يجعل جميع ما يصدر باسمه باطلا. أما المكاتب الإدارية والتي تمثل عصب الجماعة وسر قوتها وبقائها علي الأرض فللأسف – ولاندري لمصلحة من- لا يعترف بها وتستبعد من الشورى ولا يستجاب لمبادرتها، بل والأخطر أن ثمة محاولات تبذل لتفتيت بعضها كما يتم الآن مع أربعة مكاتب على الأقل".
وقالت: "إذا علم الإخوان أن القطاعين اللذين منهما عشرة أعضاء للشورى – من الأربعة عشر عضوا وشاركوا في الاجتماع الأخير غير اللائحي-، هذين القطاعين بهما خمسة مكاتب إدارية غير موجودة أو تعاني من مشاكل شديدة، فهل هذا هو النموذج الذي يراد تعميمه علي سائر المكاتب الإدارية؟".
وأضافت: "وبالنسبة للدكتور محمود عزت، فهو الآن يمثل القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، وهو هيئة مكتب الإرشاد ومكتب الإرشاد، وهو مجلس الشورى الذي يقرر من يحضر ومن لا يحضر دون الالتزام بأية لوائح، وهو - لا قدر الله- إذا تم تفكيك المكاتب الإدارية والتفريق بين أعضائها فسيكون هو أيضا المكاتب الإدارية، وكل القرارت تصدر باسمه مخالفا لوائح الجماعة".
وأردفت: "بذلنا على مدار ستة أشهر كاملة كل المحاولات للالتقاء به دون جدوى، وطلب رؤساء المكاتب الإدارية وبعض القطاعات الجغرافية الطلب نفسه ولم يحدث، مما يلزمنا أن نصارح الإخوان أننا لا نستطيع أن نؤكد لهم شيئا يقينيا هل هو موجود أو غير موجود؟ هل هو في مصر أو خارجها؟ ولا عن الظروف المحيطة به رغم كثرة التساؤلات والظنون حول هذه الملابسات، مما يجعل كل ما يصدر باسمه موضع شك ولا يمكن أن نطمئن إليه بحال من الأحوال".
وذكرت: "كما أنه لا يصح دينا ولا من ثوابت الجماعة (شرعا ولا تنظيما) أن تكون كل هذه الصلاحيات في يد فرد كائنا من كان، وهي صلاحيات لم تكن يوما لأي مرشد للجماعة بمن فيهم الإمام المؤسس -رحمه الله- وليس صلاحيات لنائب المرشد، وهل قمنا في وجه الظلم إلا محاربة لحكم الفرد؟ وهل وجدت مؤسسات الجماعة إلا للشورى واحترام الآراء واستثمار الطاقات؟ وهل هذا هو النموذج الذي نريد تطبيقه بعد إزاحة كابوس الانقلاب؟".
وحول انعقاد مجلس شورى الجماعة، قالت: " في 26 شباط/ فبراير الماضي تقدم أكثر من عشرين عضوا من مجلس الشورى العام منهم 14 رئيس مكتب إداري، إلى القائم بالأعمال بطلب لعقد اجتماع لمجلس الشورى العام إعمالا لحقهم في اللائحة، ولكن فوجئوا بأن طلبهم قوبل بالرفض بما يخالف اللوائح – التي لم يستطع أي من المرشدين تجاوزها من قبل – وأن هذا الرفض تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يسلم إلى من تقدموا به وسلموه إلى من يتواصل مع القائم بالأعمال يدا بيد، ثم رفض مقابلتهم".
وتابعت: "في الوقت الذي يتم فيه رفض هذا الطلب الحقيقي من عشرين عضوا من أعضاء مجلس الشورى يتم الزعم وحسب ما تردد في الإعلام أن اجتماعا لمجلس الشورى العام قد عقد وصدرت عنه قرارات، وإن صحت هذه الرواية فهو اجتماع غير شرعي أو لائحي ولا يعتد بما نسب إليه، بل يجب أن يحال للتحقيق من زعم أنه عقد ومن أذاع قرارت باسمه".
وعددت اللجنة الأسباب التي تؤكد – برأيها- بطلان اجتماع مجلس الشورى الأخير، منها أن عدد من وجهت لهم الدعوة من مجلس الشورى العام 32 عضوا فقط والعدد الكلي 122 عضوا، وتم استبعاد جميع رؤساء المكاتب الإدارية بالمخالفة للائحة، رغم إقرارهم بدعوة رؤساء المكاتب الإدارية للمشاركة في اجتماع شورى حزيران/ يونيو 2015 والمطعون فيه.
وذكرت: "واقع الأعضاء المدعوين لحضور الاجتماع، لم يشارك يقينا 18 عضوا (فهم بين معتذر أو معتزل ومغلقة هواتفه منذ فترة طويلة بعد الانقلاب ولا يتواصل مع أحد)، ولم يحضر أي أحد عن مكاتب القاهرة الأربعة أو مكاتب شمال الصعيد الثلاثة أو مكاتب جنوب الصعيد الخمسة، والتي تشمل سبع محافظات".
وأضافت: "المشاركون المحتملون 14 عضوا فقط، هم الدكتور محمود عزت + 10 من قطاعي الدقهلية والشرقية، بهما خمسة مكاتب إدارية غير موجودة أو تعاني بشدة، ومنهم محمد عبد الرحمن المعين رئيسا لجميع اللجان الإدارية + عضو واحد عن البحيرة + عضو واحد عن الإسكندرية + عضو واحد عن المنوفية، ومن قال بغير ذلك فليظهر لنا توقيعات الحضور ولا يعتذر بالظروف الأمنية، فهم من نشروا أسماء الأعضاء المدعوين للحضور".
واستطردت: "هؤلاء الأربعة عشر شكلوا من بينهم لجنة إدارية عليا للجماعة – فرض الدكتور محمود عزت رئيسا لها من قبل الاجتماع المزعوم هو الدكتور محمد عبد الرحمن- ولجنة ثانية للانتخابات، ولجنة ثالثة للرؤية، ولجنة رابعة للتحقيق، كل هذه اللجان من بين أربعة عشر عضوا بعضهم معتذر عن جميع هذه اللجان".
وأكدت اللجنة الإدارية العليا- التي انتخبها الإخوان في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 من المكاتب الإدارية والقطاعات- أن "المشكلة ليست صراعا بين مجموعة فلان أو فلان، فقد تربينا في هذه الدعوة المباركة على الولاء لله ولرسوله، والوفاء لديننا ودعوتنا وبيعتنا، وأن من أراد أن يتأسى فليتأس بمن سبق لأن الحي لا يؤمن عليه من الفتنة، وأن التعصب للأشخاص فتنة للتابع والمتبوع".
واستطردت قائلة: "إنما الخلاف في حقيقته بين المؤسسية والفردية، وفيمن يعيقون مؤسسات الجماعة أن تستكمل، ومن يرفضون مراجعة الوسائل والمناهج والأهداف لتناسب ظروف معركتنا، وفيمن لا يريدون للوائح أن تطور لتناسب المرحلة، وفيمن لا يرغبون لمنهجية الجماعة أن تتطور لتناسب الأحداث والمتغيرات، وفيمن لا يبغون لصناعة القرار أن تعتمد على الشورى والمؤسسية، وأن الحل في إعادة بناء المؤسسات وفق قواعد الشورى التي هي من ثوابت ديننا ودعوتنا".
واستنكرت "إصرار محمود عزت ومن حوله، على عدم بناء المؤسسات بناء صحيحا – خاصة مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد – وفقا للائحة جديدة تعالج القصور وتجبر النقص، وتعيد لحمة الجماعة كما كانت من قبل بل أقوى"، مؤكدة أنها ترفض فرض سياسة الأمر الواقع ومحاولة ترقيع أكبر وأخطر مؤسسات الجماعة، بل السعي لتدمير القائم منها بالفعل، والذي يدير ويقود الصف في المحافظات وهي المكاتب الإدارية.
وقالت: "لا زلنا نتساءل عن أسباب رفض الدكتور محمود عزت التواصل مع إخوانه، على الرغم من المحاولات المستمرة لمقابلته طوال أكثر من عامين، وإن كان هناك من يقابله – كما يزعم – ممن ليس لهم صفة إدارية، فلماذا لم تتح مثل هذه الفرصة لمسؤولي القطاعات الإدارية المنتخبين من مجالس شورية منتخبة، وبطريقة معتمدة؟".
وتابعت: "إننا مستمرون في حمل الأمانة حتى تسليم الراية لقيادة منتخبة من المكاتب والقطاعات، وبحمد الله قطعنا أشواطا كبيرة في ذلك، فقد انتهينا فيها من تعديلات اللائحة كلها وفقا للمقترحات التي تلقيناها من الصف، وسيتم عرضها عليكم للإقرار، ثم يتبعها إعادة بناء المؤسسات وفقا لها، كما سيتم خلال الأيام المقبلة عرض مشروع الرؤية الذي هو في مراحله الأخيرة، والذي بدأت فيه لجان متخصصة منذ فترة، وستنتهي في أقرب وقت لعرضها على مجلس الشورى المنتخب الجديد".
وأردفت: "نؤكد على قبولنا واحترامنا الكامل لجميع المبادرات، ومن أهمها مبادرة فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، وآخرها مبادرة المكاتب الإدارية، حرصا على وحدة الصف، ورأب الصدع، وتغليبا للمصلحة العامة، بل ولقد أخذنا خطوات تنفيذية احتراما لهذه المبادرات منها أننا انتهينا من إعداد مشروع اللائحة العامة للجماعة بالتواصل مع المكاتب الإدارية وعموم الإخوان، والمتخصصين من الإخوان والمحبين لهم في الداخل والخارج تمهيدا لاعتمادها، ثم إعادة بناء المؤسسات وتسليم الأمانة للمؤسسات المنتخبة".
وقالت: "إننا نتوجه بالدعوة إلى باقي المكاتب الإدارية، والتي لم توقع على البيان ولم نستطع التواصل معها أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يسارعوا في الانضمام لمبادرة إخوانهم، والتي وضعت الخطوط العريضة لحل الأزمة، والالتقاء على كلمة سواء".
وأضافت: "ننادي الصف الإخواني كله، أن ابحثوا عن الحقائق واجتهدوا في الوصول إليها، واستمعوا لكافة الأطراف، وابنوا رأيكم على يقين لا يخالطه شك، وعلى حقائق لا تشوبها شائبة؛ فالحكم على الشيء ينبغي ألا يكون وفق مظنة أو تخيل، وإنما ينبغي أن ينطلق من معلومات حاضرة ويقين لا يُرد؛ لأن التميز في التعريف سيؤدي إلى التميز في الحكم".
واختتمت اللجنة بقولها: "نؤكد لجميع الإخوان المسلمين أنه بمجرد انتهاء مهمتنا، سيعود كل فرد منا إلى مكانه في الصف، جنديا عاملا خادما لدينه ولدعوته ولفكرته، وتحت تصرف القيادة الجديدة التي يختارها الإخوان".
وظهرت أزمة جماعة الإخوان الداخلية للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة سلطة الانقلاب وشرعية القيادة في الظرف الجديد.
واشتعلت تلك الخلافات، في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حينما أعلن مكتب الإخوان المسلمين في لندن إقالة محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر) من مهمته متحدثا إعلاميا باسم الجماعة، وتعيين متحدث جديد بدلا منه، هو طلعت فهمي، وذلك في أعقاب خروج مشرف للجنة إدارة الدكتور محمد عبد الرحمن بعدد من القرارات الموقعة منه، التي قال إنها باعتماد من القائم بأعمال المرشد العام للإخوان عزت، التي تقضي بإعفاء بعض حاملي الملفات المهمة وتجميد عضويتهم، وأبرزهم المتحدث الإعلامي محمد منتصر.