أصدرت
اللجنة الإدارية العليا لجماعة
الإخوان المسلمين في
مصر، والتي تمثل أحد طرفي الخلافات داخل الجماعة في مواجهة الجبهة المعروفة إعلاميا بالقيادة التاريخية التي يتزعمها القائم بأعمال المرشد
محمود عزت، بيانا مطولا (غير معلن لأنه موجه لأفراد الجماعة)، حصلت "
عربي 21" على نسخة منه، حمل عنوان "تبصرة للصف"، أوضحت فيه وجهة نظرها بشأن ما تم خلال الفترة السابقة في الأزمة الداخلية "الكبيرة" التي تمر بها الجماعة.
وقالت إنها أصدرت هذا البيان لأفراد الجماعة، ليكونوا على "بينة وبصيرة وعلى اطلاع بالأحداث أولا بأول، وأنه يأتي انطلاقا من مفهوم المشاركة الفاعلة ووفق مبادئ الشفافية والموضوعية ووضوح القصد، لنخرج معا من أزمتنا بجماعة واحدة قوية فتية تحقق مراد الله منها".
ونوهت إلى أنه خلال الفترة من كانون الأول/ ديسمبر 2015 وحتى شباط/ فبراير 2016، أعلنت اللجنة الإدارية العليا قبولها لجميع المبادرات "الجادة"، ومنها ما قدمه البرلمانيون، وطلاب الإخوان المسلمين، وقطاع جنوب الصعيد، ومكتب شمال شرق القاهرة، ومكتب الإسكندرية، ومكتب بني سويف، ومبادرات ووساطات من شخصيات ورموز إخوانية وغير إخوانية، وآخرها ما تقدم به قيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية.
وأضافت: "ثم كانت مبادرة فضيلة العلامة يوسف القرضاوي في 26 كانون الثاني/ يناير 2016، والتي أعلنت اللجنة الإدارية العليا ومكتب الإخوان بالخارج في بيان صدر في اليوم نفسه عن قبولهما لهذه المبادرة، وفي خطوة عملية وتنفيذا للمهمة التي أوكلتها الجمعية العمومية للإخوان إلى اللجنة الإدارية العليا بإجراء تعديل لائحي، ومن ثم تقديمه لمجلس الشورى العام، أعلنت اللجنة في تصريح صحفي يوم 3 شباط/ فبراير الماضي عن البدء في هذا الجهد".
وكشفت اللجنة عن أن أكثر من 20 عضوا من أعضاء
مجلس الشورى العام ورؤساء المكاتب الإدارية تقدموا برسالة وصلت إلى القائم بالأعمال وإلى اللجنة الإدارية العليا، وكانت مؤرخة بتاريخ 16 شباط/ فبراير الماضي، يطلبون الدعوة لانعقاد مجلس الشورى العام بهدف "وضع قرارات ملزمة للجميع للخروج من الأزمة، والاتفاق على جدول زمني محدد، وآلية اعتماد التعديلات على اللائحة وإقرارها، ووضع جدول زمني لإعادة بناء جميع مؤسسات الجماعة في الداخل والخارج، وكيفية إعادة السكينة والثقة والطمأنينة إلى قلوب الإخوان ومحبيهم".
وأكدت أنها تواصلت بشكل غير مباشر مع القائم بأعمال المرشد محمود عزت، وذلك لتعذر التواصل المباشر معه للآن؛ لترتيب إجراءات انعقاد مجلس الشورى من حيث: "تحديد جدول الأعمال على ضوء ما ورد في الرسالة، وآلية الانعقاد، وكيفية إعداد القرارات وإعداد الاستمارات، وتحديد الأشخاص الذين سيشرفون على الاجتماع، وذلك لكي يكون هذا الاجتماع مخرجا من الأزمة وليس معمقا لها".
وأشارت اللجنة الإدارية إلى أنها في يوم 6 آذار/ مارس الجاري وصل إليها خطاب القائم بالأعمال، والذي خلص إلى رفض طلب عقد مجلس الشورى المقدم من 21 عضوا، مستندا إلى جملة من الأسباب، مؤكدة أن "عزت" انتقل إلى جانب وصفته بالشكلي والضيق الذي لا تحتمله المرحلة، والجماعة أحوج ما تكون لبذل الجهد لجمعها ولمِّ شملها.
وتابعت: "كنا نأمل في أن يتجاوز القائم بالأعمال والذين معه الجدلية القائمة، وينهض الجميع بدوره التاريخي المرجو في لم شمل الجماعة؛ وأن يعيشوا أنات الثكالى والمعتقلين وملايين من الإخوان ومحبيهم، إذ لم يعد ينسب إليهم إلا قرارت الفصل والإيقاف، فقد أقصوا لجنتين في أقل من ستة أشهر - ومر على قرارات إقصاء اللجنة ثلاثة أشهر- وكأن هناك من يريد ترك الجماعة ومؤسساتها إلى الفراغ، ولا زالوا يرفضون كل المبادرات (أكثر من عشر مبادرات) التي قدمت لهم الواحدة تلو الأخرى، وذلك بمخالفة واضحة وصريحة لكل شيء سواء اللائحة أو الأعراف الإخوانية التي تربي الجميع عليها".
وفندت اللجنة أسباب رفض "عزت"، حيث أوضحت أنه اعترض على بعض مسؤولي المكاتب كونهم غير أعضاء في مجلس الشورى، وأن بعضهم لم ينتخب انتخابا مباشرا وإنما تم اختيارهم فقط، قائلة إن "هذا الكلام مردود عليه من أكثر من وجه، لأنهم منتخبون بالفعل من خلال مجمعات انتخابية، ولعل هذه المرونة في اختيار بدلاء عمن يعتقلون أو يسافرون في المستويات الإدارية بدءا من المكاتب الإدارية إلى مجالس الشعب هي التي أبقت على كيان الجماعة موجودا بقوة في كل محافظات مصر إلى اليوم، ولو كنا اتبعنا السرعة والمرونة نفسيهما في مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام ما وصلنا لهذه الحالة من غياب كامل لمؤسسات الجماعة ندفع فاتورته اليوم".
وأوضحت أن انعقاد مجلس شورى شهر حزيران/يونيو 2015 الذي يُستند له "عزت" دوما، وقام باعتماده سابقا، كان يضم عددا كبيرا من رؤساء المكاتب الإدارية ولم يعترض حينها، بل اعتمد النتيجة بوصفهم مسؤولي مكاتب وأعضاء شورى عام، مضيفة: "والتعلل الآن أن هؤلاء الرجال الذين يتحملون المسؤولية ليسوا رؤساء مكاتب، وإنما نواب أو قائمون بعمل مسؤول المكتب إنما هو قول محبط، وتغير الوصف حسب الحالة لا يجوز ولا ينبغي شرعا ولا إدارة".
وتابعت: "مع الحديث عن المخالفة اللائحية، فإن ثمة مخالفات حقيقية يقوم بها القائم بالأعمال ومن معه، بدءا من تشكيل لجنة تحقيق تتخذ ستة عشر قرارا بعيدا عن مكتب الإرشاد ومجلس الشورى، في مخالفة للمادة 17 من اللائحة المحددة لطريقة تشكيل لجنة التحقيق ومرجعيتها، وكذلك اجتماع الشورى ثلاث مرات دون التفكير في استكمال النقص في أعضاء مكتب الإرشاد بدل من اعتقل أو توفي أو غيرها من الأسباب بما يخالف المادة 7 من اللائحة، حيث قال فضيلته: (ورغم هذه الظروف، إلا أن الله من علينا بفضله كي يجتمع مجلس الشورى العام ثلاث مرات. الأولى كانت في رابعة، والثانية كانت في فبراير 2014، والثالثة كانت في يونيو 2015".
وتساءلت: "هل يصح أن نتحدث الآن ونقول عن الذين قدّموا أنفسهم أمام الدبابات، خاصة في الشهور الأولى، إنهم ليسوا أعضاء شورى، ويأتي من كان مختفيا - مع تقديرنا له - ويتحدث عن لائحة وتنظيم و.. إلخ؟ وكيف نقر لرؤساء المكاتب الإدارية بالحضور في ثلاث اجتماعات شورى، على حد قول القائم بالأعمال، ولا نريد أن نقر لهم بالحضور في هذا الاجتماع، وهل نتعمد أن تبقى الجماعة بلا مؤسسات وأن نستبعد من هم في الميدان؟".
وقالت: "إننا لو سلمنا بعدم إضافة مسؤولي المكاتب إلى الشورى؛ فإن ما سيبقى من العدد الإجمالي للشورى (أكثر من 120 عضوا) سيكون غير صالحا لإصدار أي قرار، وبالتالي تبقى الجماعة بلا شورى عام، فلن يتسنى تعديل اللائحة، إلا إذا كان عدد المجلس 50% +1، وهذا لن يتوفر إلا إذا أُضيف مسؤولو المكاتب الإدارية".
وكشفت اللجنة عن أن واقع مجلس الشورى العام الآن بدون إضافة مسؤولي المكاتب الإدارية هو (15 انتقلوا إلى رحمة الله + أكثر من خمسين معتقلا + قرابة ثلاثين في الخارج + أكثر من عشرة أغلقوا هواتفهم واعتزلوا كل شيء، ولم يبق في الداخل وفي الميدان سوى حوالي عشرين عضوا).
وتابعت: "الواقع الآن بعد رفض التحكيم من قبل د. القرضاوي والثلة المخلصة من أبناء الدعوة والحركة على مستوى العالم، وبعد الاستمرار في رفض جميع المبادرات والمناشدات والرسائل، وبعد عدم الاستجابة لطلبات أكثر من نصف رؤساء - وخلفهم أعضاء - المكاتب الإدارية في مصر، فلابد من الانتقال إلى وسيلة نجمع بها الإخوان ونوحد بها رايتهم انتخابا لمن يمثلهم ويصنع رؤيتهم وينتصر بهم ولهم".
وأكدت أن الحالة القائمة اليوم، وفق اللائحة الحالية، تجعل كل ما يصدر عن القائم بالأعمال غير مشروع، وذلك لأن العدد الموجود حاليا من مكتب الإرشاد أقل من نصف الأعضاء، فاللائحة تنص على وجوب وجود أكثر من النصف عند التصويت على أي قرار، كما أن هذا العدد الموجود (محمود عزت واثنان من أعضاء مكتب الارشاد بالداخل) لا يصلح ليقوم مقام هيئة المكتب والتي تتكون من خمسة من المقيمين في القاهرة (المرشد أو نائبه وأربعة أعضاء)، بحد قولها.
وذكرت اللجنة الإدارية - التي تمثل الجبهة المعروفة إعلاميا بالقيادات المنتخبة أو الجديدة- أن مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام هما أعلى مستوى لقيادة الجماعة ووضعهما الحالي فاقد لكل مشروعية وكل القرارت غير لائحية، كما أن الممارسة على الأرض تخالف كل الأعراف التي تربى الإخوان عليها، والتي هي أقوى من اللوائح، بحسب قولها.
واستطردت قائلة: "ما يفعله محمد عبد الرحمن (رئيس اللجنة الإدارية العليا المؤيد لجبهة محمود عزت) من قيامه بتشكيل لجنة موازية تتجاوز مسؤولي القطاعات المنتخبين من قطاعاتهم، واختيار بعض من يظنهم يوافقوه الرأي، وبعضهم ليس له أي صفة إدارية في مكانه، واستخدام الدعم ورقة في استكمال لجنته الموازية. أليس هذا مخالفا للوائح وأعراف وقيم المؤسسية عند الإخوان؟".
وأردفت: "أليس المخالف للائحة وأعراف الإخوان ما يفعله بعض من ينطلقون داخل الصف- دون أي صفة إدارية أو تنظيمية - ينطلقون تارة باسم القائم بالأعمال وأخرى باسم محمد عبد الرحمن ليصدروا التعليمات وليثيروا البلبلة، بل وكل منهم يتحدث وكأنه النازل من السماء الآمر الناهي؟".
وناشدت اللجنة الإدارية محمد عبد الرحمن بأن يعود إلى لجنته بدلا من "زيادة الفرقة بتكوين لجنة جديدة موازية، هو أول من يعلم كيف يكونها بطرق غير مشروعة"، وفق قولها .
وقالت إن "المخالف لأعراف الإخوان أن نظل نسمع من الأخبار أن فلانا تفاوض أو التقى مع جهة أو أخرى دون الرجوع لأي من المؤسسات المحترمة داخل الجماعة، والتي نرى حرصا مريبا على استبعادها، ولا إلى الصف الكريم المعطاء الذي لم يبخل علي دينه ودعوته وأمته بشيء".
وأضافت: "الآن، وقد قام الجميع بدءا من الصف إلى رموز دعوتنا مرورا بجميع المحبين لنا بدورهم في النصح والمناشدة وطرح الحلول، ثم يقابل إخواننا - القائم بالأعمال والذين معه - بالرفض والتعنت، في مرحلة خطيرة من تاريخ أمتنا ودعوتنا، فقد وجب على كل المخلصين أن يتجاوزوا المناشدات والمبادرات إلى الحلول العملية على الأرض".
وشددت على أن "القائم بالأعمال يستطيع -إن أراد – أن يصغي إلى المبادرات والمناشدات والدعوة لعقد الشورى بشفافية كاملة للنظر في شؤون الجماعة، ولا ندري لماذا لم يقم فضيلته بهذا منذ بداية الخلاف؛ رأبا للصدع، وجمعا للكلمة، وتوحيدا للصف؟ ولماذا كل هذا الانتظار؟"، لافتة إلى أنها "بذلت وتبذل منتهى الوسع في مقابلته ولم تنجح، وأنها لن تقطع تواصلها، رغم أن الكثيرين يتهامسون أنه ربما يكون مغيبا عن عمد".
واستطردت قائلة: "نحن في اللجنة الإدارية العليا نؤكد أننا مؤقتون ولا ننازع أحدا ولا جهة ولا منصبا أو مكانة، وأننا سنسلم الأمر كله إلى المؤسسات التي يبنيها الإخوان ونحب أن نضع إخواننا بشفافية كاملة أمام مسؤولياتهم، فنحن ماضون فيما كلفتمونا بدءا به من مشروع اللائحة والرؤية ومشروع إدارة التغيير، ثم إعادة بناء مؤسسات الجماعة، ونأمل بتعاونكم أن ننجز مهمتنا اليوم قبل الغد، وسنسلم لهذه المؤسسات أنفسنا كأفراد خادمين لديننا ودعوتنتا وفكرتنا وتحت تصرف القيادة الجديدة التي يختارها الإخوان".
وأهابت اللجنة الإدارية العليا بكل أفراد الجماعة التفاعل وإبداء الرأي من خلال الطرق الرسمية، ومن خلال الصفحة الموجودة على الموقع وعلى صفحة المتحدث الإعلامي، وعلى صفحة اللجنة الإدارية العليا، حتى تخلص إلى لائحه قوية، ومن ثم مؤسسات فاعلة.
كما أهابت بمسؤولي المكاتب الإدارية وسائر الوحدات التنفيذية في الجماعة أن يتحملوا مسؤوليتهم وينحوا الخلافات جانبا ويبذلوا كل ما في وسعهم من أجل الانتهاء من إقرار اللائحة والتصويت عليها، حتى تخطو الجماعة خطوة إلى الإمام بإعادة بناء المؤسسات، مؤكدة أنها ستواصل الجهد حتى إتمام التكاليف.
وقالت: "نحن مصممون على الاستمرار في التواصل مع القائم بالأعمال، وما زلنا نتقدم إلى فضيلته والذين معه بيد ممدوة لنتعاون في جو من الحب والحرص على ديننا ودعوتنا وأمتنا لنعمل سويا من أجل الخروج من الأزمة بجماعة قوية متماسكة ومؤسسات تليق بدعوة عظيمة هي اليوم أمل الأمة، ونؤكد أنه لم ولن تنقطع دعواتنا لهم".
واختتم البيان بالقول إن "الإصرار على الجدليات التي لا طائل من ورائها، سوف يوقعنا في الدوران في الفراغ والتسلسل الباطل عقديا؛ فتوقف الأمر على غيره، وغيره على غيره، إلى مالا نهاية.. حرام شرعا، وباطل منطقا، كما أن حجب حق الإخوان لغياب من يمثلونهم، أو عدم رغبتهم في الاجتماع للنظر في شؤونهم، أو منع اجتماعهم لهذا الغرض؛ غير جائز في ظروف الجماعة التي لا تغيب عن كل ذي عينين. وفق الله الإخوان - كل الإخوان - في الرجوع إلى الحق وجمع الشمل والنهوض بالواجب".