من بين قائمة كبيرة من الشخصيات السياسية ورؤساء الدول والحكومات والمشاهير والمحتالين في عدد من دول العالم، ظهرت في "تسريبات
بنما" حول غسيل الأموال، كان اسم علاء، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك الحالة المصرية الوحيدة، في إطار تسريب يعدّ الأكبر من نوعه في تاريخ الصحافة.
وتضمنت "وثائق بنما" أكثر من 11 مليون وثيقة تم تسريبها من مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا Mossak Fonseca"، المتخصص في تسجيل وبيع الشركات المسجلة في دول منخفضة أو معدومة الضريبة لحساب عملاء من كافة دول العالم. وتظهر التسريبات كيف ساعدت الشركة عملاءها على ارتكاب جرائم التهرب الضريبي وغسيل الأموال.
وبحسب موقع "مدى مصر"، فإن تقريرا أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية العام الماضي، قالت فيه إن الخزانة المصرية تفقد سنويا ما يقدر بخمسة مليارات جنيه مصري من العوائد الضريبية؛ بسبب سماحها بلجوء شركات مصرية إلى استخدام الملاذات الضريبية، أي تحويل أثرياء مصريين لرؤوس أموالهم وأرباحهم التي يتحصلون عليها في مصر إلى خارج البلاد، ثم إعادة استثمارها في مصر في صورة استثمارات أجنبية مجهولة المصدر.
وقد قررت سلطات الجزر العذراء البريطانية تجميد أنشطة الشركة، كما قررت في 2013 فرض غرامة على شركة المحاماة موساك فونيسكا، قدرها 37,500 دولارا؛ بسبب عدم تحققها بشكل صحيح من أموال علاء مبارك، الذي وصفته السلطات هناك بالـ"عميل مرتفع المخاطر".
وقال الموقع إن "المعلومات التي توصل إليها كل من أسامة دياب، مسؤول مكافحة الفساد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ونيكولاس هيليارد، المسؤول بمنظمة كورنر هاوس البريطانية المعنية بقضايا العدالة الاجتماعية، تكشف المزيد من التفاصيل حول طريقة إدارة ملف المال والسياسة في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حكم مبارك، أي منذ تأسيس الشركة في عام 1996".
قبل 25 يناير
يذكر الموقع أن "شركة بان وورلد للاستثمارات تأسست عام 1996، وتم تسجيلها في الجزر العذراء البريطانية British Virgin Islands المعروفة كملاذ سري آمن لكبار الشخصيات السياسية ورجال الأعمال الذين يودون إخفاء أموالهم، إما لحساسية مناصبهم السياسية، أو لأغراض التجنب والتهرب الضريبيين".
وتؤكد بيانات جهاز الكسب غير المشروع عن ثروة آل مبارك، أن "كلا من جمال وعلاء مبارك امتلك تلك الشركة مناصفة، (أي أن الشركة ليست مملوكة لعلاء وحده، كما جاء في موقع تسريبات "وثائق بنما" أمس)".
وحول كيفية قيام جمال وعلاء مبارك، يشرح الموقع أنه جاء "عن طريق الاستثمار في شركات تقوم بدورها بالاستثمار في شركات أخرى، وهكذا، حتى نصل إلى نهاية الحلقة، التي يصعب عندها التعرف على أصحاب الأموال الأصلية أو مصدرها".
ويوضح أنه "خلال الفترة من أغسطس 1996 وحتى يناير 2008، ساهمت بان وورلد انفستمنت المملوكة لعلاء وجمال بنسبة 50% في شركة بوليون Bullion المسجلة في قبرص. وساهمت بوليون القبرصية بدورها بنسبة 35% في شركة استثمار أخرى مسجلة في الجزر العذراء البريطانية تدعى EFG Hermes Private Equity، والتي امتلكت بدورها صندوقين يحملان اسم EFG Capital Partners. يستثمر هذان الصندوقان عن بعد في العديد من الشركات المصرية، من بينها أسمنت السويس والبنك الوطني المصري، ومجموعة طلعت مصطفى القابضة، وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية".
ويلفت إلى أن "EFG Hermes Private Equity" امتلكت صندوقا ثالثا باسم حورس للصناعات الغذائية والزراعية Horus Food and Agribusiness، الذي يقوم بدوره بالاستثمار في شركة إيديتا للصناعات الغذائية، وشركة الوادي القابضة، وشركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية (المصريين)، وغيرها من الشركات. كل هذه الشركات تقبل استثمارات من صناديق تتبع صناديق تتبع شركات وتنتهي جميعا عند بان وورلد، ويحصل جمال وعلاء على الأرباح؛ ليقوما بتحويلها إلى أرصدتهما الخفية خارج مصر.
وحول مالك صندوق مصر المحدود، يقول الموقع إن "45 شريكا يمكن من مراجعة أسمائهم التعرف على علاقتهم الوثيقة بالنظام السابق (وما زال بعضهم يحافظ على العلاقة ذاتها بالنظام الحالي)؛ فمن بينهم أفراد عائلة رجل الأعمال الهارب حسين سالم، التي استثمرت في الصندوق عن طريق شركات أخرى مسجلة في ملاذات ضريبية أيضا، فضلا عن رجال الأعمال: أحمد عز، وأحمد بهجت، وأشرف مروان، ومحمد نصير، وإبراهيم كامل، ومحمد أبو العينين، ومحمد لطفي منصور، ومحمد المغربي، ورؤوف غبور، إضافة إلى شركة أوراسكوم للاستثمار والتنمية المملوكة لعائلة ساويرس، وبنوك مصر والقاهرة والإسكندرية. وتمت تصفية الصندوق في يونيو 2010".
بعد الثورة
يذكر "مدى مصر" في تقريره الذي أعده الناشط حسام بهجت، أنه "في أبريل من عام 2013، قامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنظمة كورنر هاوس البريطانية بمخاطبة المفوضية الأوروبية؛ لإبلاغهم بالمعلومات التي توصل إليها بحثهم، والتي توصلت إلى كل تلك الشركات الموجودة في قبرص، ومطالبة المفوضية بإخضاعها لقرار الاتحاد الأوروبي بتجميد أرصدة آل مبارك وكبار معاونيهم ورجال الأعمال المقربين إليهم. وفي مارس 2014 أرسلت المفوضية الأوروبية ردا كتابيا على البلاغ يفيد بأن الاتحاد الأوروبي قرر تجميد أربعة أرصدة بنكية لجمال مبارك في قبرص ترتبط جميعا بشركة بوليون".
"كما قامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وكورنر هاوس بمخاطبة سلطات الجزر العذراء البريطانية؛ لإبلاغهم بوجود أصول عائدة لآل مبارك لديهم، من بينها شركة بان وورلد انفستمنت. وطالبت المنظمتان بضرورة تجميد تلك الأصول، وفقا للقرار الصادر من سلطات الجزر العذراء بتجميد أموال 19 شخصية مصرية تشمل مبارك وعائلته والمقربين له، ومنهم بالطبع علاء وجمال مبارك. وجاء رد السلطات هناك بأنهم قاموا بفتح
تحقيق في الأصول المذكورة في البلاغ، وأن السلطات ستقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة بمجرد الانتهاء من التحقيق"، كما يذكر الموقع.
ويشير في ختام تقريره أنه: "تأتي التسريبات المنشورة ضمن "وثائق بنما" أمس لتكشف عن المحطة الأخيرة في تاريخ شركة بان وورلد، حيث تظهر تحرك السلطات في الجزر العذراء البريطانية لوقف الشركة وتجميد أموالها، ومعاقبة شركة موساك فونسيكا البنمية للخدمات القانونية؛ لعدم تحققها بشكل صحيح من أموال علاء مبارك قبل تسجيل استثماراته في الجزر".