مع كل مرة تفرج فيها
سلطات الانقلاب بمصر عن شخصيات معارضة بارزة من المعتقلات؛ يتجدد الجدل حول وجود "صفقة" بين جماعة الإخوان المسلمين وبين النظام، أو بداية حدوث انفراجة في الأزمة السياسية والحقوقية التي تعصف بالبلاد منذ ثلاث سنوات.
ولكن عددا من المراقبين والمحللين؛ شككوا في صحة تلك التوقعات، التي غالبا ما يتلاشى أثرها بعد أيام، في انتظار إطلاق سراح مجموعة أخرى، ليتجدد الحديث عن تفاهمات أو صفقات مرة أخرى.
وكانت محكمة جنايات شمال القاهرة، أصدرت السبت الماضي قرارا بإخلاء سبيل 10 قياديين إسلاميين متهمين بقيادة "
تحالف دعم الشرعية"، مع "ضمان محل إقامتهم، واتخاذ تدابير احترازية تحددها الشرطة"، وكان آخر المفرج عنهم حتى اليوم الخميس،
مجدي قرقر، القيادي البارز في حزب الاستقلال المعارض.
ويُعد قرقر القيادي الرابع من بين القيادات العشر، حيث أفرج في وقت سابق عن القيادي بالجماعة الإسلامية نصر عبد السلام، والقيادي بحزب الوسط حسام خلف، والداعية السلفي فوزي السعيد.
حق مكتسب
يقول القيادي في حزب البناء والتنمية، أسامة رشدي، إنه "لا توجد أي دلالات سياسية للإفراج عن بعض قيادات أحزاب منضوية تحت مظلة التحالف الوطني لدعم الشرعية، فمعظمهم معتقل منذ عامين، وقد استنفدوا فترات الحبس الاحتياطي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "البعض حاول التلميح لاستنتاجات معينة، وزج باسم حزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية، وكأنها صفقة تستهدف التأثير على مواقفهما، وهذه إشارات أساءت لنا كثيرا"، مشيرا إلى أنه "لم يكن في المفرج عنهم من الحزب سوى الدكتور نصر عبد السلام، الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية، وقد خرج بالفعل أول أمس الثلاثاء، بينما استمر حبس محمد الطاهر، أمين الحزب في الإسماعيلية، على الرغم من قرار
الإفراج عنه، كونه متهما في قضية أخرى".
وتابع: "نحن إذ نتمنى إطلاق سراح كل السياسيين المعتقلين؛ نفرح بالتأكيد لكل قرار يرفع الظلم عن إخواننا وزملائنا؛ لأن ذلك حق لهم، وهو أحد استحقاقات الحركة الحقوقية الواسعة التي تمارس كل ما تستطيع من ضغوط للتعريف بقضايا المعتقلين، وبالمظالم الواقعة عليهم".
إجراءات مهينة
بدوره؛ استبعد المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، وجود صفقة سياسية، أو محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، قائلا: "في نظام الفوضى لا تستطيع أن تنسب الأفعال لمنطق واضح".
واستدرك بالقول إن "ضرورة التحليل تفرض القول بأن كل الاحتمالات قائمة"، مؤكدا أن "افتراض رؤية واحدة، والتعويل عليها؛ أمر غير صائب".
وأضاف لـ"
عربي21" أن عملية الإفراج تمت عبر "إجراء مهين"، وهو "إطلاق السراح بإجراءات احترازية، ما يُلزم المفرج عنه بأن يسلّم نفسه مساء كل يوم لقسم الشرطة التابع له، وللقسم أن يصرفه بعد التمام عليه، أو يحتجزه ليبيت ليلته فيه"، ذاهبا إلى أن إثارة هذه القضية إعلاميا وحقوقيا "أولى من البحث عن العلل السياسية الخاصة بهذا الإفراج؛ في نظام يقوم على الفوضى واللامنطق".
قراءات متعددة
من جهته؛ قال الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، إنه "لا بد من التأكيد أن تلك القرارات بالأساس قضائية، وليست رئاسية، فهذا القرار هو الثالث للمحكمة بشأن إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، حيث استأنفت النيابة للمرة الثالثة؛ إلا أن استئنافها قوبل بالرفض".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذا القرار قد يُقرأ بعدة اتجاهات؛ الأول باعتباره نوعا من صراع السلطات عقب إقالة وزير العدل أحمد الزند، وهو الأمر الذي أثار عددا من القضاة ضد النظام، ودفعهم لاتخاذ موقف، مع شعورهم بأن النظام سيضحي بهم رغم خدماتهم غير المحدودة له".
وتابع: "القراءة الثانية لقرار الإفراج؛ اعتباره محاولة لتمهيد الساحة لمصالحة تبدأ بالتيار الإسلامي العام المتضامن مع جماعة الإخوان من غير الإخوان، باعتبار القرار تهدئة من طرف واحد لتخفيف القبضة على النظام المأزوم، لكن تأكيدات من خرجوا على عدم تراجعهم عن الخط الثوري، وتأكيد قيادات المعارضة لذلك؛ يكشف حالة التخبط داخل النظام".
لا رسائل سياسية
على الجانب الآخر؛ رأى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، أن "الرئاسة ليس لها علاقة بقرار الإفراج؛ لا من قريب ولا من بعيد"، مشيرا إلى أن "المفرج عنهم قضوا الحد الأقصى من فترة الحبس الاحتياطي، ما استلزم الإفراج عنهم بشكل حتمي لا يقبل التأويل".
ونفى لـ"
عربي21" أن تكون هناك رسائل سياسية يراد إيصالها من خلال عملية الإفراج، وقال: "هؤلاء ليسوا قيادات في جماعة الإخوان، وإنما قيادات في أحزاب سياسية أخرى موالية لهم، كالبناء والتنمية، والجماعة الإسلامية، والوسط، وكانوا متهمين بتكوين تحالف لدعمهم".
واستبعد أن يكون القرار استجابة للضغوط الخارجية بعد تنديد البرلمان الأوروبي، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بوضع حقوق الإنسان في
مصر، قائلا: "لا أتصور ذلك، فقيادات الإخوان ما زالت في السجون، وأغلبهم يحاكمون على خلفية قضايا جنائية، وليست سياسية".