قالت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية، إن السلطات
المجرية اعتبرت امرأة كبيرة ضريرة سورية، وشابا مقطوع السابق "تهديدا أمنيا"، مضيفة أنهما قيد الاعتقال بموجب قانون أقر في أيلول/ سبتمبر الماضي، يعتبر محاولة تجاوز حدود البلاد "عملا جنائيا".
وأوضحت الصحيفة أن المتهمين السوريين، هما فطوم حسون (63 عاما)، وهي ضريرة جزئيا، وتعمل ربة منزل، وغازي حمد (29 عاما) الذي كان طالب أحياء في دمشق، وفقد إحدى ساقيه ويجلس على كرسي متحرك.
وتبدأ محاكمة حسون وحمد الجمعة، مع ثمانية آخرين، بتهمة محاولة تجاوز الحدود المجرية، في مشهد مصغر لما يجري في
أوروبا التي تراجع سياساتها حول اللاجئين، بعد الضغط الكبير الذي تواجهه منهم، بحسب الصحيفة.
وكانت المجر، تحت قيادة رئيس وزرائها فيكتور أوربان الذي حذر من المغتصبين والإرهابيين بين اللاجئين، في جبهة الجهود لإغلاق الحدود الأوروبية، حتى قبل توقيع أوروبا صفقة لإعادة المهاجرين غير الشرعيين عبر بحر إيجة، وقد شددت إجراءاتها وقوانينها كرادع للاجئين.
وقالت حسون لـ"فاينشال تايمز" إنها بالكاد تستطيع السير ولديها مشكلة في التنفس، متسائلة: "كيف لي وأنا أرى بعين واحدة فقط أن أهاجم أي أحد؟"، مشيرة إلى أن حالتها تفاقمت في الستة الأشهر الأخيرة التي وضعت فيها تحت إقامة جبرية في منشأة اعتقال، وتشعر بأنها "تموت" فيها.
وفي الأشهر السبعة الأخيرة، أجرت محاكم المجر ما يقارب الـ2189 محاكمة لجرائم الحدود، وكانت الأحكام سريعة وسارية، إذ أدين من بينهم 2162 أو 99 بالمئة، بحسب الصحيفة، التي أشارت إلى أن المحاكم المجرية تطرد المهاجرين أو تمنعهم من الدخول حال إدانتهم، ما يمنعهم من دخول دول "الشنغن" لسنوات حال إدانتهم.
وفرضت دول أوروبية أخرى عقوبات جنائية لعبور الحدود، لكن القليل اقترب بالكاد من المحاكمات المجرية، بحسب مارتا باردافي، مساعدة "لجنة هلسنكي المجرية"، التي أشارت إلى أن "العقوبات العامة والمباشرة لنسبة 99 بالمئة من المدانين حالة فريدة في المجر"، كما أنها أوضحت أن معظم البلدان تراعي حاجة اللاجئين للحماية عندما يتعلق الأمر بانتهاكات الحدود.
ورغم العقوبات القاسية، فقد رصدت الشرطة حالات متزايدة للمهاجرين الذين يعبرون الحدود، إذ إنه كان هناك 700 حالة الأسبوع الماضي وحده.
وأوضحت "فايننشال تايمز" أن الحادثة التي اتهم بها حسون وحمد وقعت في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، على الحدود مع صربيا، حيث جرح عدد من الجنود بعدما حوصر مئات المهاجرين في الحدود المغلقة، وبدأوا بإلقاء الحجارة وقوارير المياه سعيا للعبور نحو المجر، فتمت مواجهتهم بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه، في حادثة وصفتها الحكومة المجرية بأنها "إرهابية".
وقال الناطق باسم الحكومة زولتان كوفاشس، إن "عبور حدود محمية تقنيا فعل إجرامي"، موضحا أن "الجريمة ليست عبور الحدود، بل الرغبة بانتهاك سيطرة مؤسسات الحدود، بالإضافة لاستخدام القوة ضد الشرطة".
وقال توماس فزيكاس، المحامي الذي يمثل حسون وحمد في "لجنة هلسنكي المجرية"، إنهما كانا ضمن الجموع، ومن أول من تم اعتقالهم بسبب عجزهم البدني، مؤكدا أنهما لم يعبرا الحدود، بحسب مقطع مصور للحادثة.
وقال حمد الذي فقد ساقه بتفجير في
سوريا: "نحن ضحايا مشاكل الآخرين".. بعدما توقفت رحلته التي قطعها عبر القارات وعبر بحر إيجة على كرسي متحرك، حيث يحتجز مع آخرين، يمثلون قسما من الـ1600 طالب
لجوء في المجر، في مراكز استقبال مفتوحة أو "محروسة"، يصفها بأنها "مكان للمجرمين، لا لأشخاص يهربون من الحرب".