قررت الحكومة
الجزائرية زيادة في
رواتب نواب
البرلمان بغرفتيه، بقرار أثار موجة من
السخط والسخرية، حيث لم يستسغ قطاع واسع من الجزائريين كيف أن حكومة تحذر من مخاطر تراجع موارد الخزينة العامة جراء انهيار أسعار النفط، وبالمقابل، تقر رفع رواتب البرلمانيين.
قرار رفع رواتب برلمانيي الجزائر كشف عنه رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، خلال افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان، الأربعاء 2 آذار/ مارس، على أن تنظم الزيادة بالرواتب بقانون ينتظر أن يناقشه ويصادق عليه النواب أنفسهم خلال الدورة البرلمانية الحالية.
ويتقاضى النائب الجزائري راتبا يقدر بـ3 آلاف دولار، وهو راتب عال بنظر الجزائريين، إذ هناك من يتقاضى بالجزائر 180 دولارا بالشهر. ولم تتحدد بعد نسبة الزيادة بالرواتب بانتظار الإفراج عن القانون المتضمن الزيادة.
وحسب مراقبين، لم يكن قرار الحكومة الجزائرية رفع رواتب البرلمانيين قرارا اعتباطيا، باعتبار أنه اتخذ 24 يوما فقط من
مصادقة البرلمان الجزائري على الدستور الجديد للبلاد، وقبل المصادقة على الدستور سادت مخاوف جمة من قبل دوائر السلطة من أن لا يحظى الدستور بالنصاب القانوني من المؤيدين داخل البرلمان، حيث رفضه 96 نائبا من المعارضة.
ويقول الإعلامي عثمان لحياني، المختص بالشأن السياسي بالجزائر، بتصريح لـ "
عربي21"، الخميس، إنه "ليست المرة الأولى التي ترفع فيها السلطة مرتبات نواب البرلمان، وتعتقد السلطة أن البرلمان خط مشروعيتها السياسي، ومنه تستمد كومة التشريعات التي تؤطر خياراتها السياسية والاقتصادية".
ويضيف لحياني: "هذا جزء من الصورة الخفية عن الفساد السياسي المقنن الذي تمارسه السلطة، وحالة من الإغراء الذي تلاعب به نواب البرلمان، وهو ما يصنف وفقا للمعايير العالمية التي تقيس مستويات الفساد في الدول بأنه جزء من الفساد السياسي".
وفي أيلول/ سبتمبر العام 2008، اقترح الرئيس الجزائري مراجعة دستورية على البرلمان لرفع القيد عن الفترات الرئاسية المقيدة بالدستور السابق بفترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، وصادق البرلمان الجزائري على فتح الفترات الرئاسية مدى الحياة بما تسنى لبوتفليقة الترشح لفترة رئاسية ثالثة.
لكن، وقبل التصويت على هذه المراجعة، حظي النواب الجزائريون بقرار رفع رواتبهم قبل منحهم التزكية لمشروع الرئيس بوتفليقة بأغلبية ساحقة.
بيد أن الظرف السياسي والاقتصادي للبلاد بين 2008 و2016 يختلف تماما، فقبل ثماني سنوات كانت الخزينة العامة بالجزائر مزدهرة جراء عائدات النفط التي عرفت أسعاره مستويات عالية، وتمكنت السلطة بالجزائر، آنذاك، من إقرار العديد من المشاريع الكبرى خاصة فيما تعلق بالسكن والصحة والتعليم، بينما قرار رفع رواتب النواب حينها لم ينل اهتماما لدى عموم الجزائريين.
ونقيض تلك الفترة، فإن الجزائريين، لم يستسيغوا رفعا ثانيا لرواتب النواب في الوقت الذي أقرت فيه الحكومة الجزائرية خطة تقشف صارمة، فرفعت أسعار المواد الاستهلاكية بما فيها الوقود والغاز والكهرباء والمواد الغذائية، وبدأت القدرة الشرائية للجزائريين بالانهيار، في المقابل، يقول المراقبون إن خطة التقشف لم تطل على كبار المسؤولين والنواب، ولكنها طالت فقط الطبقات المتواضعة من الشعب.
ويرى البرلماني المعارض بالجزائر، حبيب زقد، بتصريح لـ "
عربي21"، الخميس، أن "نواب الموالاة شنوا حملة مكثفة من أجل رفع رواتب النواب منذ فترة لكن هذه الحملة تراجعت بعض الشيء خوفا من ردود فعل شعبية مناهضة".
واللافت أن نواب المعارضة بالجزائر، والذين درجوا على انتقاد الحكومة على خلفية ما أسموه "تبذير أموال الشعب" أيام البحبوحة المالية بالجزائر قبل سنوات، لم ينتفضوا هذه المرة ضد رفع أجور النواب، علما أنهم عارضوا الدستور الجديد للبلاد المصادق عليه يوم 7 شباط/ فبراير الماضي.