أكدت 16 منظمة حقوقية
مصرية أن سجن طرة شديد الحراسة المعروف بـ"
سجن العقرب" تحول إلى مقبرة جماعية للمحتجزين، لافتين إلى أن ما تعرض له الطبيب
أحمد سعيد، والمحتجز حاليا في سجن العقرب، على خلفية مشاركته في تظاهرة سلمية لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود في 19 تشرين الأول/ نوفمبر 2015، يعتبره نموذجا للتعذيب والمعاملة المهينة في السجون.
وأعربوا- في بيان لهم الخميس- عن قلقهم البالغ إزاء الحالة الصحية والسلامة الجسدية للطبيب أحمد سعيد، حيث تم نقله أمس الأربعاء 17 شباط / فبراير إلى التأديب (الحبس الانفرادي) دون إبداء أي أسباب، وتم منع ذويه من زيارته أو إمداده باحتياجاته الأساسية من ملابس ودواء وغطاء وطعام.
وحملت المنظمات الموقعة إدارة سجن العقرب المسؤولية كاملة عن سلامة الطبيب أحمد سعيد، مطالبة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي باستخدام سلطاته الدستورية بالإفراج عن أحمد سعيد وغيره من المعتقلين والمعتقلات المحبوسين على خلفية ممارسة حقهم في التظاهر السلمي، سواء بموجب قانون التظاهر الذي وصفوه بـ"القمعي"، أو قانون التجمهر الذي صدر في عام 1914 بأمر من سلطات الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت، أو بموجب قانون العقوبات.
وذكر البيان أن حالة الطبيب أحمد سعيد تعتبر نموذجا ممثلا لسلسة
الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون السياسيون في مصر، عقابا على ممارستهم لحقهم في التعبير عن الرأي. إذ من المقرر أن يستمر حبس "سعيد" في سجن العقرب الذي قالوا إنه سيئ السمعة لمدة عامين عقابا على المشاركة في وقفة سلمية تخليدا لذكرى ضحايا اشتباكات محمد محمود.
وعلى مدى 90 يوما من الاحتجاز، وردت للمنظمات إفادات عن تعرض سعيد لسلسلة من الانتهاكات، بدأت بتعرضه للتعذيب بالصعق الكهربائي والضرب المبرح في قسم عابدين، مرورا بمنع الأدوية والأغطية والملابس الشتوية لإجباره على وقف إضرابه عن الطعام –الذي بدأه احتجاجا على المعاملة المهينة– في سجن 15 مايو، وصولا إلى “التأديب” والحبس الانفرادي في سجن العقرب، بحسب البيان.
وأحمد سعيد، جراح مصري في الثلاثينات من عمره، شارك بصفته في كثير من المستشفيات الميدانية المواكبة لمجموعة من الأحداث، بداية من ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011. ومنذ نهاية 2012، سافر إلى ألمانيا لاستكمال دراسة الطب والعمل بإحدى المستشفيات، وقد تم القبض عليه قبل يومين من تاريخ انتهاء إجازته السنوية في مصر، حيث كان مقررا أن يعود لعمله في ألمانيا في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
ووجهت نيابة عابدين لأحمد سعيد وأربعة آخرين هم مصطفى إبراهيم محمد أحمد، وكريم خالد فتحي، ومحمد عبد الحميد وجميلة سري الدين، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 اتهامات تتعلق بالتظاهر دون ترخيص، والمشاركة في تجمهر يزيد عن خمسة أشخاص، وعرقلة الطرق العامة، فضلا عن حيازة منشورات من شأنها تكدير النظام العام، وفي 13 كانون الأول/ ديسمبر 2015 صدر حكم ابتدائي من الجلسة الأولى بحبس المتهمين الخمسة لمدة عامين، وأيدت محكمة جنح مستأنف عابدين الحكم في 27 كانون الثاني/ يناير 2016.
وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2015، تم إيداع أحمد سعيد سجن 15 مايو، حيث دخل في إضراب عن الطعام بسبب احتجازه من اليوم الأول في زنزانة التأديب (الحبس الانفرادي)، وحرمانه من الأدوية والملابس الشتوية والأغطية والتمريض، الأمر الذي أدى لتدهور صحته بشكل كبير في السجن، ودفع عددا من أعضاء نقابة الأطباء إلى تقديم طلبات وبلاغات للنائب العام ومساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون لنقله لمستشفى السجن، وتمكينهم من زيارته، ولم توافق إدارة السجن على النقل إلا بعد أن وقع سعيد إقرارا يفيد بوقف إضرابه عن الطعام.
وقامت سلطات السجون بنقل أحمد سعيد ولكن ليس لمستشفى السجن، وإنما لسجن أكثر قسوة هو سجن طرة شديد الحراسة “العقرب” في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2015، والذي استمرت فيه معاناته فيما يتعلق بالزيارة، ودخول الأطعمة والغطاء والأدوية وحتى "الورقة والقلم"، الأمر الذي انتهى بتحويله للتأديب (الحبس الانفرادي) أمس الأربعاء 17 شُباط / فبراير وسط مخاوف حقيقية من احتمالية تعرضه للتعذيب والضرب المبرح، وفقا لبيان
المنظمات الحقوقية.
وفي السياق ذاته، أدانت المنظمات "التعنت غير المبرر من قبل إدارة السجن في تعاملها مع أهالي المحتجزين، حيث منعت عشرات الزيارات للسجن أمس الأربعاء، بعدما اصطف أهالي المحتجزين ساعات أمام أبوابه، وسمحت لعدد صغير بالزيارة التي لم تتجاوز عشر دقائق، فضلا عما يتردد حول التعدي على بعض الأهالي، ورفض تسليم المحتجزين المواد الغذائية واحتياجاتهم الأساسية التي جلبها ذويهم".
وأوضحت المنظمات أن هذه الانتهاكات دفعت عددا من المحتجزين بالسجن للدخول في إضراب عن الطعام؛ احتجاجا على سوء المعاملة، كما دفعت الأهالي لتنظيم وقفة احتجاجية اليوم الخميس أمام نقابة الصحفيين تنديدا بما تعرضوا له.
وأوضح الأهالي، أن لديهم عدد من المطالب وهي: "تحسين الأوضاع داخل سجن العقرب شديد الحراسة، وإدخال الأطعمة والأدوية ومستلزمات المعتقلين الشخصية، وخروج المعتقلين للتريض يوميا لمدة أكثر من ساعة، والسماح بدخول الملابس والمنظفات للمعتقلين".
وردد الأهالي عددا من الهتافات من بينها: "حبسوا إخواتنا في سجن العقرب.. قفلوا عليهم الأبواب.. منعوا عنهم الزيارة.. كدا على طول من غير أسباب"، و"قولوا لإخواتنا في سجن العقرب.. نصر ربنا والله قرب"، و"كبر سجنك واحبس فينا.. عمر سجونك ما تكفينا".
وجددت المنظمات الموقعة على البيان طلبها بتشكيل لجنة مستقلة من الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني لفحص الأوضاع في السجون وبيان صحة ما يتردد حول ممارسات التعذيب والتعنيف الجماعي فيها، لاسيما سجن العقرب سيئ السمعة.
ووقع على البيان كل من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز هشام مبارك للقانون، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ونظرة للدراسات النسوية، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.