أجرت صحيفة لاكروا الفرنسية حوارا مع جيمس ستافريديس، القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو"، تحدث خلاله عن الدور الذي يمكن أن يؤديه
الناتو في الأزمة السورية، واقترح تجربة حلول أخرى، مثل فرض منطقة آمنة في الشمال، أو تقسيم
سوريا كما حصل في جمهورية يوغسلافيا السابقة.
وقال ستافريديس، في هذا الحوار الذي أجرته الصحيفة على هامش مؤتمر ميونخ للأمن وترجمته "عربي21"، إن قرار نشر قوات بحرية تابعة لحلف الناتو في بحر إيجه لمساعدة تركيا واليونان على التصدي لشبكات تهريب البشر، يعد إجراء رمزيا، ولن يكون له تأثير كبير على عمليات تهريب اللاجئين، وهو يهدف فقط إلى إبراز التزام الدول الأعضاء في حلف الناتو بتسخير قواتها العسكرية للمساعدة على حل هذه الأزمة.
وذكر أن سفن الناتو ستكتفي بدعم الجهود التي تقوم بها منذ وقت طويل السفن اليونانية والتركية، التي تترصد المهربين وتقوم بالقبض عليهم، ولذلك فإن قرار الناتو لن يؤدي لوقف تدفق اللاجئين وإن كان سيؤدي إلى تخفيفه.
واعتبر ستافريديس أن السؤال المطروح الآن يتعلق بإمكانية تدخل حلف الناتو بشكل مباشر في الصراع السوري، من خلال القيام بمهام تدريبية واستشارية لقوات الأمن العراقي في مواجهة تنظيم الدولة، أو المشاركة في فرض منطقة آمنة في سوريا لإيواء اللاجئين، وهو ما يجب مناقشته مع
روسيا لتجنب اندلاع مواجهة خطرة.
واعتبر ستافريديس أن إدارة أوباما أخطأت عندما امتنعت عن التدخل في الصراع السوري، وانتظرت أن يأتي الحل مع الوقت، حيث إن الأوضاع ازدادت تدهورا، وواشنطن لم تعد قادرة على فعل الكثير بعد أن مر وقت طويل على بداية هذه الحرب، والآن لم يعد أمامها خيار أفضل من التفاوض مع روسيا حول فرض منطقة آمنة.
وتساءلت الصحيفة عن إمكانية أن تؤدي سيطرة حلف الناتو على منطقة آمنة، في مواجهة منطقة أخرى يسيطر عليها بشار الأسد بمساندة روسيا، إلى تقسيم سوريا، وهو أمر لم يستبعده ستافريديس الذي قال إن يوغسلافيا تم تقسيمها في السابق إلى سبع دول مختلفة، وبالتالي فإن الوقت قد حان الآن للجلوس والتحدث حول إمكانية تقسيم سوريا إلى منطقة تابعة لبشار الأسد يواصل حكمه فيها بدعم من موسكو وطهران، ومنطقة يعيش فيها السنة في الوسط بدعم من التحالف الدولي حتى ينتصروا على المجموعات المتطرفة، ومنطقة كردية في شرق البلاد.
وأقر ستافريديس بأن هذه الفكرة تنطوي على الكثير من الصعوبات والتعقيدات، ولكنه قال إنها تستحق النظر فيها؛ لأن دولة سوريا الحالية هي حدود جغرافية مصطنعة ظهرت على إثر اتفاقية سايكس بيكو، وبالتالي فقد حان الوقت لإعادة النظر في هذه الخطوط التي تم رسمها في ذلك العهد، وبما أن الأوضاع تزداد تدهورا الآن وجميع الأطراف فشلت في التوصل إلى حل، فإن الوقت قد حان لتجربة حلول مختلفة.
وحول مدى ثقة الولايات المتحدة في فصائل المعارضة السورية، أشار ستافريديس إلى أن هذه المعارضة تتضمن طيفا واسعا من المجموعات المختلفة، من الأكثر اعتدالا إلى الأكثر تشددا، ويمكن تمييز تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة باعتبارهما الأكثر خطورة، في مقابل إمكانية العمل مع بقية الفصائل المعتدلة، ولكن في النهاية فإنه يجب تشكيل قوة سنية معتدلة مدعومة من المملكة السعودية وبقية دول الخليج.
وحول تصريحات رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف التي اعتبر فيها أن العالم انزلق نحو حرب باردة جديدة، علق ستافريديس بالقول إن هذه المقارنة ليست في محلها، وتنطوي على تهديدات روسية مبطنة باللجوء للأسلحة النووية، بما أن الحرب الباردة وضعت وجها لوجه خمسة ملايين جندي، وترسانتين نوويتين ضخمتين من كلا الجانبين، وأدت لإلغاء دورتين للألعاب الأولمبية بسبب غزو أفغانستان والحروب بالوكالة التي كانت دائرة.
وأضاف ستافريديس أن الولايات المتحدة لديها خلافات كثيرة مع روسيا خاصة حول أوكرانيا وسوريا، ولكن هنالك أيضا مجالات أخرى للتعاون بين الطرفين، على غرار الملف النووي الإيراني ومكافحة تجارة المخدرات والقرصنة البحرية ومكافحة الإرهاب.
وفي معرض رده على سؤال حول الدور الذي يمكن أن يؤديه الناتو في ليبيا، قال القائد السابق لحلف الناتو: "إن الحلف سيتدخل عاجلا أم آجلا في ليبيا، وهو بصدد الاستعداد لذلك، وستقتصر هذه المهمة على حفظ السلام من خلال تدريب الأجهزة الأمنية ودعم حكومة وحدة وطنية؛ لأن أهم الدروس المستفادة من سوريا، هو أنه يجب التحرك سريعا وعدم الاكتفاء بالمشاهدة".