بحلول شهر تشرين الأول/أكتوبر تحل ذكرى الثورة
الإيرانية التي أطاحت بنظام الشاه بإيران عام 1979، وبرز معها اسم "الإمام
الخميني"، فالثورة التي قامت قبل 36 سنة بإيران وأخذت اسم "الثورة الإسلامية الإيرانية"، قدمت نفسها على أنها ثورة "إسلامية" جاءت للإطاحة بالاستبداد والانتصار للضعفاء والمستضعفين، وأصبحت اليوم ثورة تدافع عن
الشيعة خارج إيران ولو كانوا مستبدين.
بعد نجاح الثورة في إيران وبعدما أصبحت الدولة "جمهورية دينية" ظهر مصطلح
تصدير الثورة، الذي يعني أن تدفع إيران باتجاه قيام ثورات مشابهة للثورة الإيرانية في جميع الدول التي ترى إيران أن أنظمتها استبدادية.
عملت إيران على تأسيس مجموعة من الحركات والأحزاب في بعض الدول العربية والإسلامية، ودعمتها بالمال والسلاح، كمنظمة بدر في العراق وحزب الله في لبنان وحركة الزينبيون في باكستان، وكل هذا من أجل "تصدير
الثورة الإيرانية".
فإيران اليوم تساند نظام بشار الأسد عسكريا ضد المعارضة، وتحاصر المدنيين السوريين بمضايا وغيرها، وتساند الانقلاب الذي يقوده الحوثيون باليمن، وتتدخل بالعراق ولبنان وغيرها من البلدان، فهل هذا هو "تصدير الثورة"؟
هذا التحول في الثورة الإيرانية من شعار "الدفاع عن المستضعفين ضد المستبدين" إلى واقع "الدفاع عن الشيعة"، ولو اقتضى الحال الدفاع عن المستبدين، والذي يظهر جليا في الخطاب الرسمي الإيراني، بدأ منذ السنوات الأولى لنجاح الثورة الإيرانية، حسب الباحث المغربي في الشؤون الاستراتيجية خالد يايموت.
وقال يايموت، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، إن الثورة في عهد الخميني ظهر فيها دور بارز للمثقفين، "قبل أن تتدخل طبقات أخرى مثل طبقة التجار والطبقة العسكرية".
وتابع يايموت، الأستاذ بجامعة ظهر المراز بمدينة فاس المغربية، أن تصور وإيديولوجية الثورة الإيرانية كان "تصورا دينيا مذهبيا خالصا"، واستدرك أن الصراع مع العراق في عهد صدام سمح بوصول "الطبقة العسكرية لقلب النظام الإيراني" وأصبح "في قلب النظام الديني بإيران قوة عسكرية".
وأضاف يايموت أن النظام الإيراني ظل في ظاهره "مذهبيا دينيا" وفي الواقع هو عسكري، فـ"الجيش استفاد من الثورة وأصبح يطبق مرحلة التوسع (تصدير الثورة) وبذلك أصبح يحتل مكانة أكبر".
وتابع الباحث المغربي أن الأحزاب والحركات في العالم الإسلامي التابعة لإيران أو التي تدعمها، ليست إلا تمظهرات لما يسمى في الفكر الإيراني بـ"تصدير الثورة"، إذ إن إيران "استطاعت تأسيس مليشيات حقيقية لها ولاء حقيقي لإيران".
وخلص يايموت إلى أن إيران لا تستطيع الاستمرار في هذا النهج وفتح المزيد من الجبهات، موضحا أنها استطاعت أن "تخلط الأوراق وتصبح فاعلا أساسيا في المنطقة".
لكن الباحث والأستاذ المغربي في العلاقات الدولية خالد شيات، نفى أن يكون قد حدث تحول في الثورة الإيرانية (من الدفاع عن المستضعفين إلى الدفاع عن الشيعة)، مبينا أن فكر الثورة الإيرانية وتصورها مازال على حاله.
وأوضح شيات، الأستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة (شرق المغرب)، أن الزخم الذي صاحب الثورة الإيرانية إبان قيامها، وكونها "شكلت نوعا من استيقاظ الهمم للأمة الإسلامية"، مرده أن "العالم آنذاك منقسم بين التيار الاشتراكي والتيار الليبرالي".
وتابع شيات أنه في ظل هذين القطبين (الاشتراكية والليبرالية) كان المدافعون عن الفكر الإسلامي يحسون بنوع من الغبن، لذلك تعاطفوا مع الثورة الإيرانية، موضحا أن "النظرة إلى الثورة الإيرانية هي التي كانت خاطئة".
وأوضح شيات أن الثورة قامت على مبدأ الإمامة، أي انتظار الإمام المهدي، و"الثورة الإيرانية الإسلامية" هي عبارة عن تدبير للمرحلة التي تسبق انبعاث "الإمام المهدي".
وتابع شيات: "بعد انهيار المعسكر الشرقي، انقلبت فكرة الثورة الإيرانية من المحلي إلى العالمي"، مشيرا إلى أنها "نظرية شيعية شوفينية ضيقة منذ بدايتها، وحينما حازت على وسائل القوة ظهر هذا التحول".
"ليست هناك آلية لتصدير الثورة إلا عن طريق مجموعات إثنية مذهبية"، يقول شيات، ويضيف أن "تصدير الثورة يسبقه تصدير المذهب"، لذلك فإن إيران تدعم كل مجموعة شيعية في العالم الإسلامي، أو قريبة من الشيعة حتى.