أثارت تطورات الأحداث في
اليمن وسوريا، تساؤلات كثيرة عن أسباب، تقدم المقاومة الشعبية في اليمن وتأخر المعارضة السورية في السيطرة على مناطق جديدة يستحوذ عليها نظام الأسد، ففي وقت تقترب المقاومة باليمن من إستعادة العاصمة صنعاء، فقد فقدت المعارضة السورية بعض مواقعها المهمة لصالح الأسد.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية، الجمعة، إن معسكر "فرضة نهم" أوشك على السقوط بأيدي القوات الموالية للشرعية عقب وقوع العشرات من عناصر الحوثي والمخلوع علي صالح في الأسر.
ونقلت وكالة الأناضول عن عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في صنعاء عبد الكريم ثعيل قوله، إن "مسلحي الحوثي وصالح وقعوا في أيدينا بعد مواجهات متقطعة في محيط معسكر فرضة نهم الذي بات تحت مرمى النيران وأوشك على السقوط".
ويحظى المعسكر بأهمية استراتيجية لأنه يطل على مناطق في أطراف صنعاء، ويبعد عن وسط العاصمة اليمنية بنحو 30 كيلومترا.
وأضاف ثعيل أن العشرات من عناصر الحوثي وصالح تم أسرهم بينما استسلم بعضهم، لافتا إلى أن المقاومة عثرت على البعض آخر جرحى منذ ليلة الأربعاء ونقلوهم إلى المستشفيات الميدانية لتلقي العلاج.
وأكد ثعيل أن "معركة تحرير صنعاء وطنية ومحسومة، وأن المسألة مجرد وقت وتكتيك لتخفيف المعاناة المحتملة على المدنيين فيها وما جاورها، ولتحرير اليمن من قبضة الانقلابيين".
تصفيات دولية
وفيما يكاد يقتصر المشهد في اليمن على صراع بين دول الخليج من جهة وإيران ومن تدعمهم في اليمن من جهة أخرى، فإن الأمر في
سوريا، مغاير تماماً، إذ إن الساحة السورية أصبحت مسرحا عالميا للصراع العسكري والسياسي بين القوى العالمية التي تتقدمها
روسيا والإقليمية بوجود
إيران وتركيا في المشهد، في الوقت الذي يرحل عنها جزء كبير من أهلها.
وبات التقدم الذي أحرزته المعارضة السورية بمختلف تشكيلاتها، مهددا اليوم، إذ إن قوات النظام السوري المدعومة بمليشيات حزب الله اللبناني وقوات الحرس الثوري الإيراني تمكنت، الخميس، من فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء، بعد هجوم عنيف مدعوم بغطاء جوي روسي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مجموعات حزب الله والحرس الثوري الإيراني دخلت إلى البلدتين اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية، بريف حلب الشمالي، بعد حصار دام ثلاث سنوات ونصف السنة من الفصائل المعارضة المسلحة وأبرزها جبهة النصرة.
وكانت قوات النظام تمكنت سابقا من الوصول إلى قرى دوير الزيتون وحردتنين وتل جبين ومعرستة الخان، وصولا إلى نبل والزهراء لفك الحصار عنهما.
وأسفرت المعارك التي سبقت دخول النظام إليهما عن مقتل 14 عنصرا إيرانيا و20 مسلحا من البلدتين و22 عنصرا من قوات النظام، وعن مقتل 100 من فصائل المعارضة السورية وجبهة النصرة.
أمن الخليج
من جهته، أفصح الكاتب السعودي علي الخشيمان،في وقت سابق، بمقال نشره بصحيفة الرياض
السعودية، عن تخوفات الخليج من سيطرة إيران على اليمن، بالقول: "إن اليمن تاريخيا شكّل محورا مهما في الحياة السياسية الدولية والعربية، لهذا السبب تساهم الدول العربية في إنقاذ اليمن بشكل مباشر من تدخلات خارجية وتحالفات داخلية سوف تعمل على انهيار اليمن إذا لم تكن هناك عملية بحجم (عاصفة الحزم) تعيد الشرعية لليمن".
وأضاف، أن "الركن البحري للجزيرة العربية الذي يقع فيه باب المندب ويشرف عليه اليمن يشكل محورا اقتصاديا دوليا لا يمكن التغاضي عن محاولات احتلاله من الغرباء وبأي صورة من جماعات تدعمها ايران، التي أصبحت فعليا تشكل أزمة حقيقية في هذه المنطقة، كما أن العالم ودول الخليج تحديدا لن تسمح مهما كان الثمن بأن تتم إدارة باب المندب من طهران التي تظهر في هذه الأزمة مستثمرة معطيات طائفية لتنفيذ مخططاتها".
وأشار الكتاب السعودي إلى أن "الحقيقة المطلقة هي أن دول العالم ودول الخليج تحديداً لن تسمح بعدم استقرار اليمن ولن تسمح كما هو ظاهر بوجود جماعات طائفية أو حتى تحالفات مع مستهدفي اليمن وتحديدا إيران التي لم تستطع إخفاء أهدافها منذ انطلاقة (عاصفة الحزم)، لذلك تبدو هذه العملية صارمة وغير قابلة للتراجع مهما كان الثمن".
وشهدت اليمن، الخميس، انكسار الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في عدد من الجبهات، كان أبرزها التقدم النوعي الذي أحرزته القوات الموالية للحكومة اليمنية، في محافظة حجة (شمال غربي البلاد)، وتكبدت ـ قوات الحوثي وصالح ـ خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأكد قيادي بارز في مقاومة تهامة، أن قوات الشرعية سيطرت على مدينة ميدي، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، بشكل كامل، بعد مواجهات عنيفة مع المتمردين الحوثيين وقوات صالح، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
وقال القيادي الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لـ"
عربي21"، إن "طلائع الجيش الوطني، تخوض معارك ضارية، في مزارع الجزر الواقعة بين ميدي وحرض الواقعة على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية"، حسب قوله.
وأوضح أن "الخط الدولي الرابط بين المنطقتين، بات تحت قبضة رجال المقاومة والجيش، وسط انهيار تام في صفوف المتمردين وحلفائهم".
وقبل يومين، دفع التحالف العربي، بتعزيزات ضخمة إلى لواء عسكري من الجيش الوطني، وعشرات المعدات والآليات المصفحة، بالإضافة إلى كاسحات الألغام إلى جبهتي ميدي وحرض القريبتين من الساحل الغربي للبلاد.
لماذا سوريا؟
وتركت روسيا اليمن ورمت بثقلها في سوريا، وإنها بحلفها العسكري والسياسي لسوريا لأكثر من نصف قرن، أي منذ عام 1956 إبان زمن الاتحاد السوفييتي، فهي تسعى للتبرير لنفسها في أن تكون لاعبا أساسيا وتتدخل بشكل مباشر خلال الحرب بين النظام السوري والعارضة التي قامت في أعقاب اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وكانت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية، أشارت في تقرير سابق لها إلى أن روسيا تساعد في الحفاظ على النظام السوري عبر نقل مئات الأطنان من الأوراق النقدية بواسطة الطائرات، فيما أكدت "قيام مستشارين عسكريين روس بحماية بعض الدفاعات المضادة للطائرات التي أرسلتها روسيا إلى سوريا" بكانون الأول/ديسمبر 2012.
وأضافت، أنه في شهر أيلول/سبتمبر 2015، قامت روسيا بتدخل عسكري مباشر في سوريا عبر القيام بضربات جوية لمواقع المعارضة السورية و "تنظيم الدولة"، وعلى الرغم من أن روسيا أعلنت أن الضربات سيتم توجيهها ضد "تنظيم الدولة"، إلا إن الضربات تم توجيهها للقوى المعادية للنظام السوري، وخصوصًا جبهة النصرة وأحرار الشام.
ومن جهته رأى الكاتب محمد عبد الله في مقال نشره على موقع "شبكة الأخبار العربية"، أن روسيا تدخل حلبة السباق السوري بطريقة براجماتية بحتة، فالروس الذين كانت لهم اليد الطولى في المنطقة، من خلال التحالف مع أهم وأكبر بلدانها (مصر، سوريا، العراق، اليمن)، فقدت بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 هولاء الحلفاء بشكل تدريجي ولم يبق لها إلا حليف أخير وهو النظام السوري.
وأشار إلى أن روسيا تعلم تماما أن فقدانها لسوريا لا يعني فقط خسارة إقليمية وإنما هي خسارة استراتيجية دولية كبيرة، كما أن روسيا تدرك جيدا أن زوال ذلك النظام - بشار الأسد- سيعني فقدانها لتواجدها البحري بقاعدة طرطوس على البحر المتوسط سواء على المدي الطويل أو القصير.
ولفت الكاتب إلى أن ذلك سيؤدي إلى خسارة روسيا لتواجدها البحري في البحر المتوسط، وهو ما يمثل خسارة كبيرة وضربة قوية للنفوذ الدولي لروسيا، ولقدرتها على التأثير في الأحداث العالمية، واختلال موازين القوى السياسية والعسكرية بينها وبين الولايات المتحدة.