خلال انعقاد مؤتمر الثورات العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت الأسبوع الماضي؛ أطلق "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" نتائج الاستطلاع الذي نفذه المركز خلال العام 2015 والذي شمل 18311 مستطلعا من 12 بلدا عربيا وهي: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، مصر ، فلسطين، السودان، لبنان، الأردن، العراق، السعودية، والكويت.
وأوضح الدكتور محمد المصري، منسق وحدة الرأي العام في المركز العربي، أن هذا الاستطلاع هو أضخم مسح للرأي العام في المنطقة العربية، وتمثل بياناته مصدرا مهما لصنّاع القرار والباحثين والمهتمين بشؤون المنطقة العربية.
ويقدّم هذا الاستطلاع معطيات مهمة من المفيد الاطلاع عليها كي نستطيع أن نكوّن صورة عن الواقع العربي، وكيف ينظر العرب إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية، ولا سيما بعد مرور خمس سنوات على انطلاق الثورات العربية.
ومن أرقام هذا الاستطلاع المهم: أن الرأي العام العربي شبه مجمع وبنسبة 89% من المستجيبين على رفض
تنظيم الدولة (داعش) مقابل 7% أفادو بأن لديهم نظرة إيجابية لداعش، وأوضح هؤلاء أن هذه النظرة الإيجابية لا تنطلق بالضرورة من رؤية دينية بل بسبب الأوضاع السياسية في الدول العربية.
وأشار المستجيبون للاستطلاع إلى أن 28% منهم يعتبرون أن التحول الديمقراطي هو الإجراء الذي يجب اتخاذه لمواجهة الإرهاب، وأفاد 18% بأن حل القضية الفلسطينية هو الحل فيما دعا 12% لمعالجة الأزمة السورية لمواجهة الإرهاب.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الرأي العام العربي منقسم تجاه الاتفاق النووي بين 40%، أيدوا الاتفاق مقابل 32%، عارضوه وأن 31% اتخذوا مواقفهم المعارضة بسبب سياسات إيران في المنطقة وتجاه الدول العربية.
وأما على صعيد الأمن القومي فإن 67%، أفادوا بأن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية هما الأكثر تهديدا للأمن القومي العربي، ورأى 10% أن إيران هي الدولة الأكثر تهديدا لأمن الوطن العربي.
وأكد الاستطلاع أن 85% من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بإسرائيل.
وعن الثورات العربية؛ أوضح الاستطلاع أن 59% من المستجيبين اعتبروا أن هذه الثورات سلبية في حين أن 34% عبروا عن مواقف إيجابية من الثورات، وأن الذين عبروا عن مواقف سلبية بسبب التطورات اللاحقة، ومن خلال مقارنة بالاستطلاعات في الأعوام السابقة فإن الذين ينظرون بسلبية إلى نتائج الثورات يزدادون من عام إلى عام.
لكن 48% من الرأي العام العربي الذين يعتبرون أن
الربيع العربي يمر في حالة تعثر هم متفائلون بأنه سيحقق أهدافه في وقت لاحق، في حين أن 34% من المستجيبين يعتبرون أن الربيع العربي انتهى.
وعن الحركات الإسلامية عبر 57% من الرأي العام العربي عن مخاوفهم من ازدياد نفوذ الحركات الإسلامية في حين أن 61% أبدوا تخوفهم من الحركات العلمانية.
وعن الديمقراطية، فقد أبدى 72% دعمهم للديمقراطية مقابل 22% عارضوها.
هذه بعض العينات من الاستطلاع والذي يقدم صورة أولية عن الواقع العربي ومواقف المواطنين العرب تجاه العديد من القضايا السياسية والثقافية والاقتصادية والفكرية، وهو بحاجة لقراءة مفصّلة وعلمية كي يستفيد منه قادة الرأي والباحثون والناشطون السياسيون ومن خلال هذه المعطيات يمكن تحديد أفق الأوضاع العربية في المرحلة المقبلة.
وإذا قارنا هذه المعطيات بالأجواء التي نسمعها في المؤتمرات العربية وخصوصا تلك التي تبحث حول أوضاع التطرف والثورات العربية والمستقبل العربي، فلا بد أن نصل إلى نتيجة واحدة أن الأوضاع العربية ليست على ما يرام اليوم، وأن ما تحقق بعد خمس سنوات من الثورات العربية لم يكن بالمستوى المطلوب، إن لم يكن الواقع اليوم أكثر سوءا من الماضي، وما جرى ويجري في بلاد الثورات العربية: مصر وتونس واليمن وليبيا والبحرين وسوريا، يؤكد أن الصورة قاتمة.
لكن رغم كل هذه المؤشرات السلبية فإنه يظل يحدونا الأمل بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل إذا أدركنا ما يحيط بنا من مشاكل وعقبات وبحثنا بوعي عن الطريق الصحيح لمواجهة هذه المشكلات.