كتاب عربي 21

دعوات لرفع الحصانة عن دميرتاش

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
"ماذا كان مصير دميرتاش لو كان في الولايات المتحدة وأثنى على تنظيم القاعدة وأطلق تصريحات مؤيدة لعملياته؟"، و"هل كان يسمح لدميرتاش بممارسة العمل السياسي لو كان في أوروبا يدافع عن الإرهابيين؟".. مثل هذه الأسئلة يطرحها الرأي العام التركي بعد كل تصريحات مثيرة ومستفزة يطلقها دميرتاش.

المقصود في هذه الأسئلة هو رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، الذي صرح قبل أيام بأنه يقبِّل أيدي إرهابيي حزب العمال الكردستاني الذين يحفرون الخنادق ليقاتلوا ضد قوات الأمن التركية في بعض المناطق بالمحافظات الشرقية ذات الأغلبية الكردية. ولم تقف تصريحات دميرتاش عند تقبيل أيدي الإرهابيين، بل تجاوزت إلى الحديث عن الانفصال والحكم الذاتي وإقامة دولة كردستان وتوحيد الكانتونات الثلاثة في شمال سوريا، بالإضافة إلى الزيارة المثيرة التي قام بها لموسكو بعد تأزم العلاقات التركية الروسية بسبب إسقاط الجيش التركي مقاتلة روسية اخترقت أجواء تركيا. وتحدثت التقارير التي نشرتها وسائل إعلام تركية حول طلب دميرتاش من الحكومة الروسية خلال زيارته لموسكو ولقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بتزويد حزب العمال الكردستاني بصواريخ مضادة للدبابات.

الأصوات التي تطالب برفع الحصانة البرلمانية عن رئيس حزب الشعوب الديمقراطي وبعض نوابه بسبب تصريحاتهم ومواقفهم الداعمة لإرهاب حزب العمال الكردستاني تتزايد في الشارع التركي يوما بعد يوم، كما أن هناك أصواتا أخرى تدعو إلى رفع دعوى قضائية لحظر حزب الشعوب الديمقراطي من قبل المحكمة الدستورية.

تصريحات دميرتاش المستفزة ليست وحدها ما يدفع الشارع التركي إلى المطالبة برفع الحصانة البرلمانية عنه وأمثاله، بل إن هناك تقارير حكومية تشير إلى أن الأموال التي تصرفها الحكومة للبلديات التي يرأسها أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي لا تذهب لتمويل المشاريع الخدمية، بل يتم صرفها في خدمة حزب العمال الكردستاني، وأن الآليات والمعدات التي منحتها الحكومة لتلك البلديات تستخدم في حفر الخنادق وعمل السواتر الترابية ليتستر وراءها الإرهابيون خلال الاشتباكات مع الجنود ورجال الأمن.

تركيا تواجه حاليا أزمات عديدة في منطقة تمر بمرحلة خطيرة، وتأتي على رأس تلك الأزمات مكافحة حزب العمال الكردستاني الذي كثَّف في الأشهر الأخيرة هجماته الإرهابية. وفي ظل هذه الظروف، يطالب الشارع التركي الحكومة بمعاقبة الداعمين للمنظمة الإرهابية، سواء كان ذلك الدعم ماليا أم سياسيا أم حتى إعلاميا، بالتوازي مع العمليات التي تقوم بها قوات الأمن التركية لتطهير المدن والبلدات من العناصر الإرهابية.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، في حديثه للصحفيين، وصف تصريحات دميرتاش حول الحكم الذاتي بأنها "جرائم دستورية"، مؤكدا أن العملية التي ستبدأ برفع الحصانة سيكون لها تأثير إيجابي على مزاج البلاد في محاربتها للإرهاب. ومما لا شك فيه أن كلمات أردوغان هذه رسالة واضحة إلى نواب حزب العدالة والتنمية وضوء أخضر لرفع الحصانة عن رئيس حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي.

تركيا منذ أن تولى حزب العدالة والتنمية حكم البلاد قدمت خطوات كبيرة لتعزيز الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وأطلقت مبادرة لتحقيق السلام الداخلي والبحث عن حلول لجميع المشاكل تحت قبة البرلمان. ولذلك يرى الكثير من المحللين أن حظر حزب الشعوب الديمقراطي سيكون تراجعا عن تلك الإصلاحات الديمقراطية، وأن المخرج الأفضل هو رفع الحصانة البرلمانية عن النواب الذين تورطوا في جرائم دعم الإرهاب والتحريض على العنف لمحاكمتهم ومعاقبتهم وفقا للقوانين دون أن يتم حظر الحزب الذي ينتمون إليه، وبذلك يبقى الباب مفتوحا لمن يريد ممارسة العمل السياسي في حزب الشعوب الديمقراطي بعيدا عن العنف والإرهاب، ولا تتم معاقبة الآخرين بسبب الجرائم التي ارتكبها دميرتاش وغيره من قادة الحزب ونوابه.

* كاتب تركي. 
التعليقات (0)