نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا حول القلق من توجه الشباب نحو التطرف في
ليبيا، بعد إعلان
تنظيم الدولة بأن أحد الانتحاريين الذين قاموا بالهجوم على مرفأين رئيسين للنفط في ليبيا، كان شابا مراهقا من طرابلس.
ويشير التقرير إلى أنه بعد الكشف عن أن الشاب الليبي البالغ من العمر 15 عاما كان من بين منفذي العملية في 4 كانون الثاني/ يناير، ذكرت تقارير في الصحافة الليبية أن الفتى لم يعد إلى بيته في طرابلس، واختفى قبل أربعة أشهر، بعد أن تم اقناعه في أحد مساجد العاصمة بالأفكار المتطرفة، وكان قد اتصل بعد اختفائه بأهله، وقال لهم إنه انضم إلى تنظيم الدولة في
سرت، بحسب وكالة أنباء الوسط الليبية.
ويذكر الموقع أن معاناة ليبيا خلقت من الاضطرابات بعد ثورات 2011 أرضا خصبة لتنظيم الدولة، وجذبت مقاتلين أجانب وبعض الدعم المحلي. ويسيطر التنظيم على حوالي 300 كم على طول الساحل، بما في ذلك 4 بلدات و 4 قرى.
ويورد التقرير أن التنظيم يقوم بنشر الرعب خارج المناطق التي يسيطر عليها، حتى وصل إلى أكاديمية الشرطة في الزلتان، على بعد 280 كم من سرت، إضافة إلى ميناءي النفط في سدرة وراس لانوف. وتشير الهجمات الأخيرة إلى وجود خلايا نائمة في مدن ليبية أخرى، بحسب ما يقوله السكان المحليون.
وينقل الموقع عن مسؤول من الخمس، التي تبعد 115 كم عن العاصمة، والذي تحدث للموقع بشرط عدم ذكر اسمه، قوله: "تنظيم الدولة يوجد في بلدتنا، بالتأكيد. عددهم قليل، ولكنهم مثل كرة الثلج، إنهم يستهدفون شبابنا، وهكذا تصبح لهم قوة".
ويضيف المسؤول للموقع أنه يتم توزيع فيديوهات
الدعاية على أقراص "دي في دي" بالسر على الشباب، ويقول: "رأيت فيلما دعائيا مصمما لغسل أدمغة الشباب في سن 15 إلى 25 عاما. صدقني لو رأيته لعرفت لماذا ينضم الشباب إلى تنظيم الدولة، أعتقد أنهم استعانوا باختصاصيين نفسيين؛ لأنهم يعرفون جيدا كيف يؤثرون على عقول الشباب".
ويقول المسؤول إن تنظيم الدولة يتصيد الشباب الذين لديهم قابلية والمتدينين وقليلي التعليم، مشيرا إلى أن بعض الشباب تركوا الخمس، ويعتقد أنهم أصبحوا في سرت.
ويضيف المسؤول للموقع: "أظن أنهم ذهبوا لأنهم وعدوا بأموال وفوائد. يبدو أن لدى تنظيم الدولة الكثير من المال للتجنيد، وإن كان الشاب يريد زوجة يعده التنظيم بثلاث زوجات، وإن كان يريد سكينا يعطيه كلاشنكوفا، وإن أراد الذهاب إلى أوروبا، يقول له: لا مشكلة حارب معنا لسنتين فقط، وبعدها يمكنك الذهاب".
وبحسب التقرير، فإن المسؤول يقول إن العائلات التي هربت من بنغازي، حيث يحارب تنظيم الدولة إلى جانب جماعات الثوار وأنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة ضد قوات الحكومة، هم من يقومون بتوزيع تلك الفيديوهات.
ويتابع المسؤول من بلدة الخمس للموقع: "لم يعلن تنظيم الدولة بعد بلدتنا جزءا من دولته، ولكن على الناس أن يفهموا ما هو آت، هناك خلايا نائمة في طرابلس ومصراطة، كما في البلدات الغربية، الزاوية وصبراتة، ولا يمكننا وقف انتشار تنظيم الدولة في ليبيا الآن".
ويورد التقرير، الذي تردمته "
عربي21"، نقلا عن مسؤول سابق من بلدة النوفلية، التي وقعت تحت سيطرة التنظيم هذا العام، قوله إن مواد دعائية للتنظيم كانت توزع في ليبيا على مدى أعوام، ويضيف: "تم تصوير تلك الأفعال في العراق أو في سوريا، التي تظهر شبابا يذهبون بكل سعادة للقيام بعمليات انتحارية، أو لقطع رؤوس جنود سوريين أو عراقيين. الأفلام منتجة على مستوى عال، وساعدت مع دعوة المتطرفين في المساجد على انضمام الكثير من أبنائنا لتنظيم الدولة".
ويكشف الموقع عن أن قوة ردع خاصة بدأت بتفكيك الخلايا النائمة في طرابلس، وقامت بعدة اعتقالات، وقامت السلطات بنشر فيديو حديث مدته ساعة عن أنشطة تنظيم الدولة في العاصمة، واعترف سبعة رجال معتقلين بانتمائهم لتنظيم الدولة، وأعطوا تفاصيل عن عملياتهم في طرابلس خلال عام 2015، بما في ذلك الهجوم على فندق خمس نجوم وعلى البعثات الدبلوماسية. وقال أحد متطرفي التنظيم إن تلك الهجمات كانت تهدف إلى الحصول على دعاية إعلامية، وإلى عزل ليبيا عن العالم الخارجي.
وينقل التقرير عن المعتقل الأصغر قوله إنه كان قد تدرب في معسكر لتنظيم الدولة في ليبيا، حيث كان معظم المتدربين من مواليد التسعينيات من القرن الماضي، وكانوا أصغر من 25 عاما. وكان من الصعب أن ترى مجندين كبارا من الجنسيات المختلفة، وكان منهم تونسيون وأوروبيون في معسكر التدريب، بحسب قوله.
ويفيد الموقع بأن الرجال كلهم كانوا قبل ذلك في سرت، وهي مركز أنشطة تنظيم الدولة في ليبيا، بعد أن خسر التنظيم السيطرة على درنة، مشيرا إلى أن سرت ذاتها أصبحت شبه معزولة عن العالم الخارجي، بعد أن أغلق تنظيم الدولة شبكات الإنترنت والهاتف؛ وذلك للتحكم في المعلومات الخارجة من البلدة. ولكن السكان السابقين الذين هربوا يقولون إن عدد أعضاء التنظيم في البلدة يصل إلى عدة آلاف، وكثير منهم متطرفون أجانب.
ويلفت التقرير إلى أن الإذاعة المحلية تقوم ببث الدعاية في سرت وما حولها بين السكان والمسافرين، بعد أن سيطر المتطرفون على أجهزة بث. وتقوم محطة البيان بالبث لمدة 24 ساعة، وتغطي الأحداث في اليمن والقوقاز في روسيا، بالإضافة إلى ليبيا.
ويبين الموقع أنه يتم توزيع المواد الدعائية بشكل مستمر على نقاط التفتيش، على امتداد 300 كم من الطريق الساحلي، التي يسيطر عليها التنظيم. وقال رجل الأعمال عبدالله حسن، الذي كان مسافرا من شرق ليبيا إلى العاصمة، إنه صدم بسبب الوجود الملحوظ لتنظيم الدولة على الطريق.
ويضيف حسن للموقع: "بلدة هراوة كانت مهجورة تماما، وجدت خمسة أعلام سوداء لتنظيم الدولة، وقد قام بطباعة شعاره على بنايتين حكوميتين. كنت أعرف أنهم يسيطرون على المنطقة، ولكن رؤية الحقيقة كانت شيئا لا يصدق؛ لأنني استخدمت ذلك الطريق على مدى 40 عاما".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول حسن إن المتطرفين الذين يحرسون إحدى نقاط التفتيش أعطوه منشورا، ويضيف أن "المنشور كان حول تاريخ عائلة قائد التنظيم أبي بكر
البغدادي، يدعي بأن جذور عائلته تنتسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكني لا أصدق ذلك، وأعتقد أنه غسيل دماغ، حتى يتقبل المزيد مصداقيته، ولينضموا إلى تنظيم الدولة".