كنت أعمد في عهد سابق إلى تسمية جيش مصر الحالي باسم قائده المجرم
السيسي أو بنسبته إلى الشرذمة القذرة التي انقلبت على الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي فرج الله عنه.
كنت أطلق عليه اسم جيش الانقلابيين وجيش السيسي أو جيش الكفتة، كل ذلك مراعاة لمشاعر الإخوة المصريين الذين يسارعون إلى التبرؤ من ذلك الجيش والترفع عن نسبته إلى مصر المبتلاة بذلك الطاعون الفتاك الذي أودى بحياة خيرة أبناء مصر.
ومع مرور الزمن، لاحظت أن البعض لا يصلح معه إلا جرعة مكثفة من التوبيخ عله يستيقظ من سباته فيتحرك التحرك اللائق بذلك المصاب الجلل ويقدم ما يثبت أنه حي يرفض أن يجلل العار مصر وشعبها ببقاء ذلك الجيش يمارس أحط وأخس دور تحت قيادة مجرمة تسوق البلاد والعباد إلى جهنم سوقا بأفعالها القذرة. وهذا ما جعلني أضع التوصيف الحقيقي لذلك الجيش إلى أن يقوم من فيه غيرة وإيمان على تغيير ذلك الواقع البائس الذي لا ينبغي أبدا أن يسود ويبقى.
نسوق ذلك بعد ظهور ذلك المشهد الصادم لأفراد من جيش مصر المرابط على حدود
غزة يطلقون رصاصهم القاتل بسخاء منقطع النظير تجاه شاب أعزل تخطى الحدود اللعينة التي خطها سايكس بيكو ولم تتنزل في كتاب أو سنة ولم يقل بها شرع أو نخوة أو مروءة.
لم يكونوا بحاجة إلى صرخات رجال الأمن
الفلسطينيين الذين حاولوا إيصال رسالة لتلك البهائم البشرية المختبئة داخل جحرها الحجري أن ذلك الشاب لا يعي ما يفعله وأنه لا يشكل أي خطر على أمن مصر القومي أو عجلهم السيسي المقدس.
كان كافيا لمن لديه بقية من عقل أن يحكم على حالة ذلك الشاب حال رؤيته يقتحم الماء عاريا تماما في أشد أوقات العام برودة، وكان كافيا جدا ألا يروا معه أي قطعة سلاح ليمتنعوا عن إطلاق الرصاص الحي من قلوبهم الميتة.
كأني بهم يشتمونه بأقذع المسبات وهم يصوبون رشاشاتهم إليه ويمطرونه وغزة وفلسطين وحماس بأبشع الشتائم وأحطها كتلك التي تم تعبئتهم بها عبر وسائل الإعلام المصرية التي تطفح سما زعافا، وعبر إدارات التوجيه المعنوي داخل جيش مصر التي صنفت أهل فلسطين ألد الأعداء فيما الصهاينة المجرمين جيرانا أحباء!!
كأني بهم بعد فعلتهم الإجرامية تلك قد سارعوا بالاتصال بقيادتهم العليا متباهين بقتله مع فبركة لقصص أسطورية تظهر مدى شجاعتهم ويقظتهم إزاء محاولات حماس المزعومة لزعزعة الأمن المصري وانتهاك السيادة المصرية.. وكأني بهم في اتصالاتهم بالذين يتخذونهم أربابا من دون الله يجددون العهد والقسم بأغلظ الأيمان أنهم لن يسمحوا لفلسطيني واحد مهما كان أن يتجاوز الحدود أو يتخطاها ولو بشبر واحد وأنهم سيضربون بالنار بلا هوادة ولو قتلوا كل أهل غزة دون أن تهتز لهم شعرة واحدة.. أليسوا يسمعون تلك العنتريات من قادتهم وإعلامهم وكبيرهم السيسي الذي علمهم السحر.
كأني بقائدهم السيسي يقودهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون إلى حافة هاوية سحيقة قعرها نار تلظى فالذي يستسهل أمر القتل وسفك الدماء بهذه الطريقة البشعة دون حساب ليوم الحساب فهو يلقي بنفسه إلى تهلكة لا نجاة منها.
إن الذي لا يضع أي اعتبار لدماء ذلك الشاب المسكين كونه فلسطيني ثم كونه غزي ثم كونه مضطرب ذهنيا قد أخطأ الحساب مع الله.. وقد حقت عليه لعنة الله تعالى وغضبه. مهلا.. الأمر لا يتعلق بي كمسألة شخصية، فهذا ابن عمر رضي الله عنه كما ورد في صحيح مسلم أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونَه. وقد جعلوا لصاحبِ الطيرِ كلَّ خاطئة من نِبْلِهم. فلما رأوا ابنَ عمرَ تفرقوا. فقال ابنُ عمرَ: (من فعل هذا؟ لعن اللهُ من فعل هذا. إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعن من اتَّخَذَ، شيئا فيه الروحُ غرضا).
وأولئك اتخذوا من ذلك الشاب غرضا وهدفا لهم ولم يقيموا أي وزن لنفخة الروح فيه وأن الله سائلهم عنه، مثلهم في ذلك كمثل تلك المرأة التي لم تبالي بسؤال الله لها عن حبسها لهرة ضعيفة فدخلت بها النار كما في صحيح البخاري.
وهم وبعد قتلهم له بكل الوحشية والهمجية ظهروا عقب ذلك وهم يرفعون شارات النصر من فتحات جحرهم، والتقطت لهم الكاميرات صورا وهم يشربون الشاي مع "حضرة" الضابط الذي أعطى أوامر القتل والتصفية بدم بارد. كما أنهم ما يزالون يحتجزون جثمانه ليضاعفوا العذاب والمعاناة لأهله المفجوعين بموته. ولأنهم ينتسبون إلى جيش فرعون الخاطئ فلن يهزهم ما جاء في الصحيح أن زوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم.
لن يأبهوا بوعيد الله ونذره لهم في كتابه الخالد: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما). فقد فعلوها من قبل في رابعة والنهضة وأماكن أخرى كثيرة وما يزالون يرتكبون الفظائع على معبر رفح إذلالا لشعب أبيّ حرّ رفض أن يستسلم للمحتلين أو أذنابهم.
في ذاكرة التاريخ صور محفورة كصورة الطفلة الفيتنامية التي التقطت لها وهي تهرول عارية وسط الطريق هاربة من نيران الحرب الأمريكية على فيتنام واعتبرت إحدى أبشع الصور وأكثرها حزنا في القرن العشرين. تلك الصورة التي أفزعت العالم وعجلت بإنهاء الحرب الأمريكية على فيتنام بتجسيدها لمدى بشاعة وفظاعة تلك الحرب ولا إنسانيتها.
فهل ستكون صورة الشاب إسحق خليل حسان الملقى عاريا على بحر رفح مضرجا بدمائه مشيحا بوجهه عن قاتليه من حوله سببا في غضبة عالمية وانتفاضة ضمير إنساني لإيقاف حصار غزة المجرم الذي يمارسه جيش مصر لحساب الصهاينة المحتلين؟
هل ستنهي تلك الصورة معاناة أهلنا في غزة بعد حصار ظالم جائر بغيض؟ أم أن الضمير الإنساني قد اعتاد على تلك المشاهد والصور ولم يعد لها ذلك التأثير على هرمونات الإنسانية أو إنزيمات الرأفة والشفقة أو جينات الرحمة والعطف والحنان؟
لا علينا ألا نعول على ذلك كثيرا، غير أن ما ندخره ونعول عليه تماما هو أن ثقتنا بانتقام الله من القتلة المجرمين لن يتزعزع أبدا، ودعاؤنا عليهم في كل لحظة لن يخبو أبدا، وأن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.. وانتظروا إنا منتظرون.