من المقرر أن تبدأ جولة
المفاوضات الثانية بين الفرقاء
اليمنيين، منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في سويسرا، وسط خلافات يعتقد أنها لاتزال قائمة بشأن طبيعة جدول الأعمال والنقاط الرئيسية التي ستبحثها هذه الجولة، بحسب مصادر حكومية.
وعلمت "عربي21" أن المبعوث الأممي إلى اليمن أبلغ الطرف الحكومي الشرعي في اليمن، في وقت سابق خلال مفاوضاته التمهيدية معه، أن المجتمع الدولي، ممثلا بمجلس الأمن الدولي، "لم يعد متحمسا كما كان في السابق لتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2216"، وهو القرار الذي تمسكت به الرئاسة والحكومة في اليمن، وبضرورة البدء بتنفيذه طوال الفترة الماضية، وخصوصا في جولة المفاوضات السابقة.
ولم تحقق جولة المفاوضات الأولى التي عقدت في جنيف، منتصف حزيران/ يونيو الماضي، أية نتائج إيجابية، ووصفت أنها فاشلة، حيث تصاعدت - عقبها مباشرة - المعارك الميدانية بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساندة ودعم قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية، من جهة، والمليشيات الحوثية وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى.
إعلان جولة جديدة.. وأسماء وفد الحوثيين
ومنذ ذلك الحين، خاض المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مفاوضات جانبية طويلة مع مختلف الأطراف، كل على حدة. وفي السابع من الشهر الجاري أعلن رسميا "أن الفرقاء المعنيين بالنزاع اليمني وافقوا على عقد مباحثات السلام في 15 كانون الأول/ ديسمبر في سويسرا بعد محادثات مكثفة في الأسابيع الماضية"، كما جاء في منشور له كتبه على صفحته الشخصية على موقع "تويتر".
وجاء إعلانه هذا بعد قرابة شهر على إعلان الرئاسة اليمنية، بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، أسماء الوفد الممثل للشرعية في الجولة القادمة.
وفي مقابل ذلك، لم تكن المليشيات الحوثية قد أبدت أية ردود فعل إيجابية، حتى يوم الخميس الماضي، حين أعلن القيادي الحوثي محمد عبد السلام، وهو الناطق الرسمي للمكتب الإعلامي لزعيم مليشيات الحوثي، أنهم سلموا الأمم المتحدة أسماء الوفد الذي سيمثلهم للمفاوضات، دون أن يعلن تلك الأسماء.
وحصلت "عربي21" على أسماء الوفد من مصادر خاصة، وهم: محمد عبد السلام (عبد السلام صلاح) رئيسا للوفد، وعضوية كل من: مهدي المشاط، حميد ردمان عاصم، وسليم محمد المغلس، إلى جانب مستشارين هما: ناصر سالم محفوظ باقزقوز، وعبد الإله محمد حجر.
وكانت بعض المواقع الإخبارية قد نشرت أسماء الوفد الخاص بحزب المؤتمر الشعبي العام/ جناح الرئيس المخلوع صالح، وهم: يحيى دويد، وياسر العواضي، وفائقة السيد، وعارف الزوكا، وأبو بكر القربي، إلى جانب ثلاثة مستشارين هم: طه الهمداني، وطارق محمد صالح، وعبد العزيز الترب.
ولم يتسن لـ"عربي21" التأكد من صحة أسماء ممثلي جناح المؤتمر التابع للرئيس المخلوع. على أن ذلك، حال صحته، من شأنه أن يكشف عن خلافات قادمة، تتعلق بعدد أعضاء الوفد المشارك، حيث يفترض أن يقدم الحوثيون وصالح قائمة واحدة بأسماء ثمانية مفاوضين، إلى جانب أربعة مستشارين. وهو ما أكده موقع مجلس الأمن الدولي، في خبره المنشور في 7 كانون الأول/ ديسمبر، حيث أكد أن الحكومة اليمنية والحوثيين والمؤتمر الشعبي العام التزموا "بالمشاركة في المحادثات، التي سيرأسها المبعوث الخاص بحضور ثمانية مفاوضين وأربعة مستشارين في كل وفد".
أبرز الخلافات
وفي منشور كتبه على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قال الناطق الرسمي للحوثيين محمد عبد السلام؛ إن هذه الخطوة (تسليم أسماء ممثليهم) جاءت "بناء على ما تم الاتفاق عليه مع الأمم المتحدة للوصول إلى وقف العدوان على بلادنا، وفك الحصار واستئناف الحوار السياسي"، بحسب قوله.
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر حكومية لـ"عربي21" وجود خلافات لم تحسم بعد، بشكل نهائي، بشأن "جدول الأعمال"، موضحا أن الجانب الحكومي الشرعي عزم على المشاركة لإنجاح المفاوضات، بعد أن حصل في هذا الجانب على ضمانات. ولم يوضح ممن أو طبيعة تلك الضمانات.
وقالت مصادر أخرى لـ"عربي21" إن الخلافات الرئيسية لازالت تدور حول أحجية "أيهما يوضع أولا: العربة أم الحصان"، في إشارة إلى القرار الدولي 2216، الذي تتمسك الحكومة بتنفيذه أولا، فيما تشدد المليشيات على البدء بوقف الضربات الجوية، وفك الحصار المفروض عليها من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية.
وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، المعين حديثا في هذا المنصب، أكد في تصريحات خاصة لصحيفة الخليج الإماراتية، الأربعاء الماضي، أن الوفد الحكومي ذاهب "إلى مفاوضات جنيف بناء على التزام أممي، بأن تكون المحادثات على أساس تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي2216".
ويتضمن القرار الدولي المذكور دعوة صريحة للمليشيات بإزالة كل ما يتعلق بمظاهر الانقلاب على السلطة الشرعية، وأهمها: سحب قواتها من المدن التي تسيطر عليها بالقوة، وتسليم السلاح المنهوب من مخازن الجيش إلى الدولة.
المخلافي، وهو أيضا رئيس الوفد الحكومي الذي عينه الرئيس منصور عبد ربه هادي قبل شهر تقريبا لخوض جولة المفاوضات القادمة بسويسرا، كان أكد في مقابلة خاصة مع قناة الجزيرة، ضمن برنامج "بلا حدود"، الأربعاء الماضي، أن جولة المفاوضات القادمة في سويسرا ستعقد بين "سلطة شرعية، ومتمردين". وهو ما يرفضه الحوثيون وحلفاؤهم بشدة.
لكن موقع مجلس الأمن، وضمن خبره المنشور بهذا الصدد في السابع من هذا الشهر، أشار إلى أن الهدف من هذه الجولة الجديدة من المفاوضات يتمثل "في وضع خطة لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بما فيها القرار رقم 2216 لإعادة البلاد إلى مسار الانتقال السياسي بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني".
وهي إشارة قد تبدو أكثر وضوحا، لحسم الخلاف القائم بهذا الشأن باتخاذ هذا الإجراء "الوسط" بين مطالبات الطرفين. وهو ما يفترض أن يكون الجانب الحكومي قد وافق عليه "بناء على ضمانات" كما ذهب وزير الخارجية اليمني.
هدنة إنسانية.. وبحث عن سلام
ومساء الجمعة، عقد نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اليمني، خالد بحاح، اجتماعا مع الوفد الحكومي في المشاورات القادمة. وعقب اللقاء كتب بحاح على صفحته الشخصية بموقع "تويتر": "نحن ذاهبون من أجل السلام وإيقاف معاناة شعبنا، واستعادة الدولة".
ومن المقرر أن يترافق بدء جولة المفاوضات القادمة في سويسرا، مع هدنة إنسانية يتم خلالها وقف إطلاق النار، وسماح المليشيات بوصول المساعدات الإنسانية للمدن، وبشكل خاص مدينة تعز التي تفرض عليها المليشيات حصارا مطبقا منذ أكثر من سبعة أشهر.
وهو أيضا ما دعا إليه المبعوث الأممي إلى اليمن، وكتب في السادس من هذا الشهر على صفحته بتويتر؛ داعيا "جميع الفرقاء إلى الالتزام بوقف إطلاق النار اعتبارا من 15 كانون الأول/ ديسمبر؛ لتأمين بيئة مؤهلة للمباحثات وإعطاء الأمل للشعب اليمني".
وبعد ذلك بيوم، كشف نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية ورئيس الفريق الفني للمشاورات القادمة، عبدالله العليمي، عن اعتزام الرئيس هادي "طلب هدنة إنسانية تتمثل في وقف مشروط لإطلاق النار مع بداية مشاورات جنيف" القادمة منتصف الشهر الجاري.
وقال إن "هذا كله مرهون بمدى التزام المليشيات الانقلابية بوقف إطلاق النار ووقف عدوانها وتحركاتها العسكرية واستهداف المدن، وإتاحة الفرصة للإغاثة الإنسانية العاجلة بالوصول إلى المحافظات المحاصرة، وخاصة محافظة تعز التي يعاني سكانها لأشهر من الحصار العدواني اللا إنساني المدمر"، وفق قوله.
وفي حين بات من شبه المؤكد انعقاد الجولة القادمة في سويسرا في موعدها المحدد، منتصف الشهر الجاري، إلا أن الباب سيظل مفتوحا أمام التوقعات كافة بشأن نجاحها أو فشلها، مع أن هناك معلومات تؤكد أن المجتمع الدولي عازم هذه المرة على إنهاء هذه الأزمة وفقا لما يريده، هو وليس كما يسعى الفرقاء اليمنيون إلى تحقيقه.