ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية على موقعها الإلكتروني أن
حركة الشباب الإسلامية في
الصومال منقسمة حول ولائها، هل هو لتنظيم للقاعدة أم لتنظيم الدولة.
ويقول كونور غافي، في التقرير الذي أعده للمجلة، إن المتحدثين باسم حركة الشباب عادة ما لا يدارون في كلامهم. وكان أبو عبد الله صريحا في بيان أذيع يوم الاثنين، عندما قال: "لو قال أحدهم إننا ننتمي لحركة إسلامية أخرى فاقتلوه في الحال". وكان التهديد بهذه الطريقة غير عادي، خاصة أن الهدف واضح. فالحركة الإسلامية في شرق أفريقيا ظلت تقليديا تقسم الولاء لتنظيم
القاعدة، لكن بعض أفرادها بدأوا في الفترة الأخيرة يغازلون
تنظيم الدولة في العراق والشام ويبايعونه.
وتبين المجلة أن الصعود المغري واللافت للتنظيم، دفع بالعديد من الجماعات المتشددة حول العالم، ومن بينها جماعة بوكو حرام النيجيرية، لتقديم الولاء لـ"الدولة"، وإعلان البيعة لزعيمها أبي بكر البغدادي. وقامت بوكو حرام مثلا، التي ظلت تعمل مستقلة عن بقية الحركات الأخرى، بإعادة تسمية نفسها بولاية غرب أفريقيا للدولة الإسلامية.
ويشير التقرير إلى أنه حتى هذا الوقت حافظ زعيم حركة الشباب أبو عبيدة، المعروف أيضا بديري، على ولائه لتنظيم القاعدة الذي بايعته حركة الشباب عام 2012. ومع ذلك تشهد الجماعة تصدعات داخلية، من خلال انشقاق أفراد في التنظيم إلى تنظيم الدولة، خاصة القيادي عبد القادر مؤمن، وهو الشخصية البارزة في التنظيم في منطقة بونتلاند الصومالية، مع 20 من أتباعه في تشرين الأول/ أكتوبر.
ويلفت الكاتب إلى أن حركة الشباب ردت بملاحقة المتعاطفين مع تنظيم الدولة في داخل صفوفها والتضييق عليهم. ففي منطقة جوبا الوسطى تعرض أحد مسؤولي الشباب البارزين للملاحقة، وقتله أفراد التنظيم في كمين؛ بسبب تعبيره عن مواقف متعاطفة مع تنظيم الدولة.
وتذكر المجلة أن الكثير من التقارير عن اعتقال المتعاطفين مع تنظيم القاعدة داخل الجماعة الصومالية تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يقوم الذراع الامني لها "أمنيات" بقمع المتعاطفين. وأشارت إلى أن أعداد المنشقين لا تزال قليلة، لكنها أول إشارة عن وصول تأثير تنظيم الدولة إلى شرق أفريقيا، وهو ما يمنحه موطئ قدم هناك.
ويورد التقرير أنه بحسب مؤلف كتاب "القرن والساحل والصدع: خطوط التشقق في الجهاد الأفريقي" ستيغ جار يانسن، فإنه ليس من الصعب رصد الإغراء الذي يمثله تنظيم الدولة داخل الحركات الجهادية الأفريقية، وداخل الحركة الصومالية، والمسؤولة عن عدة عمليات، منها قتل 147 طالبا في جامعة غاريسا الكينية بداية العام الحالي.
ويقول يانسن إن "تنظيم الدولة يبدو كمن يعمل الكثير من الأشياء، والكثير من الأمور تحدث على يديه، فعناصره يسيطرون على مناطق، وهم جزء من قصة حول نهاية العالم، وهم جزء من إعادة نشوء الخلافة، وأصبح تنظيم الدولة حديث العالم، أما تنظيم القاعدة فلم يعد".
ويعلق غافي بأن "إغراء تنظيم الدولة الكبير لا يكفي لأن يقنع حركة الشباب الإسلامية بالتخلي عن تنظيم القاعدة، فهناك أسباب قوية تجعلها متمسكة بولائها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، فزعيم الحركة السابق أحمد عبدي محمد (غوداني) قاتل السوفييت بعد احتلالهم أفغانستان، وهو الذي نظم عملية انضمام حركة الشباب لتنظيم القاعدة عام 2012. وتلقى غوداني عام 2010 رسالة شخصية من زعيم تنظيم القاعدة في حينه أسامة بن لادن، يطالبه فيها بإخفاء علاقة الشباب بتنظيم القاعدة؛ لأسباب تتعلق بظروف عملياتية. كما أن لدى تنظيم القاعدة تاريخا طويلا في النشاط والعمليات في شرق أفريقيا. فقبل هجمات 11/ 9 نفذ تنظيم القاعدة عام 1998 تفجيرات في سفارتي الولايات المتحدة في كل من نيروبي ودار السلام، التي قتلت 224 شخصا، وجرحت 4500 شخص".
وتستنتج المجلة أنه بناء عليه، فإن تخلي حركة الشباب عن العلاقات والمصادر المتوفرة لها من تنظيم القاعدة، يعني التخلي عن كل شيء مقابل الحصول على سمعة كونها بايعت تنظيم الدولة، وذلك بحسب الباحث في المركز الدولي لدراسات التشدد والعنف السياسي في كينغز كوليج في جامعة لندن ألكسندر ميلاغورو – هيتشنز.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن ميلاغورو – هيتشنز، قوله: "لا يوجد لتنظيم الدولة أي حضور مهم في شرق أفريقيا، وهو غير مندمج فيها، ولا توجد لديه علاقات وشبكات مثل التي يملكها تنظيم القاعدة. ولهذا فستتخلى حركة الشباب عن الكثير من صلاتها السابقة، ولن يكون تنظيم الدولة قادرا على تعويضها".
ويستدرك الكاتب بأنه مع تركيز التنظيم على العراق وسوريا، إلا أنه يقوم بحملة دعائية لإقناع عناصر الشباب بالانضمام إليه. وأصدر في أيار/ مايو شريط فيديو يظهر مقاتلين صوماليين وهم يحثون أبناء بلدهم على الانضمام لهم. ويقال إن تنظيم الدولة ناشد أبا عبيدة لنشر ملصقات دعائية تحث حركة الشباب على تغيير ولائها، لتصبح فرع التنظيم في الصومال.
وتنوه المجلة إلى أن شريط فيديو أصدرته بوكو حرام في تشرين الأول/ أكتوبر، التي انضمت للتنظيم في آذار/ مارس، حثت فيه زملاءها في شرق أفريقيا للاقتداء بغرب أفريقيا، ومبايعة تنظيم الدولة في العراق والشام. وتفوق تنظيم الدولة على حركة الشباب في جانب مهم، وهو تجنيد الأجانب للتطوع في صفوفه بمن فيهم الصوماليون.
ولاحظ يانسن، الذي يتابع حركة الشباب الصوماليين من بلده النرويج، الذين يغادرون من أجل الانضمام للجماعات الجهادية، أن أيا منهم لم يسافر إلى الصومال منذ عام 2012. ومقارنة بهذا فقد غادر على الأقل سبعة صوماليين النرويج للمشاركة في صفوف تنظيم الدولة. ويقول يانسن إن الصوماليين في أوروبا وشمال أمريكا كانوا يهربون وينضمون لحركة الشباب، لكنهم أصبحوا يسافرون إلى سوريا، و"لهذا هزم تنظيم الدولة حركة الشباب بشكل كامل في مجال تجنيد المتطوعين الأجانب"، بحسب المجلة.
ويفيد التقرير بأن الحال ذاته لاحظه ميلاغورو – هيتشنز مع المتطوعين الغربيين غير الصوماليين، الذين كانوا يرغبون بالقتال مع الجهاديين، ويقول إنه "قبل تنظيم الدولة كانت حركة الشباب الإسلامي أكبر مستقبل للمتطوعين الأجانب من البلدان الغربية، وهذا كله نضب منذ بروز تنظيم الدولة".
وتختم "نيوزويك" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الحالي يبدو انشقاق حركة الشباب عن تنظيم القاعدة بعيدا، مستدركة بأن التركيز الدولي على تنظيم الدولة، خاصة بعد هجمات باريس، يعني أن تهديد الانقسام داخل الحركة قد يزداد بشكل كبير. وسيقول عناصر الحركة: "تنظيم الدولة يعمل، أما تنظيم القاعدة فلا أحد يراه"، بحسب ما يقوله يانسن.