نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، قالت فيه إن استهداف السلطات الفرنسية عبد الحميد
أبا عود كان يهدف إلى إزالة شخصية بارزة من صفوف
تنظيم الدولة، حيث جمع بين الخبرة الميدانية في
سوريا وشبكة معارف في أوروبا، ما ساعده على تخطيط واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية في تاريخ فرنسا.
ويكشف التقرير عن أن هذا الشاب البلجيكي كان في سوريا أمير حرب في محافظة دير الزور شرق سوريا، بحسب ناشطين محليين وتقارير إخبارية، مشيرا إلى أن هذه رتبة عالية لمقاتل من أوروبا. ويصفه أصدقاء طفولته في بروكسل في منطقة مولينبيك ذات الغالبية المسلمة، بأنه كان "شخصا لطيفا" يحب لعب كرة القدم.
وتنقل الصحيفة عن المسؤولين الفرنسيين قولهم إن الشاب البالغ من العمر 28 عاما، جمع كما خطيرا من الأسلحة، كان يرغب في استخدامها في ضرب أهداف أكثر، بما في ذلك منطقة لاديفينس التجارية في
باريس، بعد الهجمات التي نسقها ضد استاد رياضي وقاعة حفلات وأماكن أخرى، حيث قتل 129 شخصا.
ويشير التقرير إلى أن قوة تلك الأسلحة كانت واضحة في مواجهة استمرت ساعة كاملة يوم الأربعاء، في مقاومة لمداهمة للبحث عنه في منطقة سان دينس في شمال باريس. وكانت الشرطة الفرنسية تعمل منذ مساء الأربعاء؛ للتأكد إن كان أبا عود قد قتل في المواجهات أم لا.
وتجد الصحيفة أن السهولة التي استطاع فيها أبا عود التحرك بين عواصم أوروبا وميادين القتل في سوريا، تعكس كم تطور تنظيم الدولة من مليشيا تركز على بناء خلافة، إلى مجموعة إرهاب دولي قادرة على إدارة وتوجيه الضربات للغرب من الأراضي التي تسيطر عليها.
ويورد التقرير نقلا عن الباحث في مؤسسة تابعة لـ"تشاتام هاوس" حسن حسن، قوله: "إن (التنظيم) يعمل على الأرض ويخطط للخارج، وقام الآن بالجمع بين منظمة إرهابية عالمية ومشروع بناء دولة أو جيش تقليدي على الأرض".
وتبين الصحيفة أن المسؤولين يقولون إن أبا عود استعان بشبكة كبيرة من المتطرفين قبل هجمات باريس بفترة طويلة، مرشدا المتطرفين، مثل مهدي نيموشي، الذي يقال إنه كان سجانا سابقا لتنظيم الدولة، وعاد إلى القارة بهدف القيام بالاعتداء على المتحف اليهودي في بلجيكا في شهر أيار/ مايو 2014، حيث قتل أربعة أشخاص.
ويلفت التقرير إلى أن نيموشي، الذي حوكم في محكمة في بلجيكا العام الماضي بتهمة القتل في إطار الإرهاب، اعترف بأنه سافر إلى سوريا، ولكنه رفض التعليق على القتل في بروكسل، بحسب محاميه.
وتذكر الصحيفة أن المخابرات الغربية شعرت في الأشهر الماضية بأن أبا عود شكل خطرا كبيرا، فحاولت قتله في غارات جوية، لكن دون جدوى.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن أبا عود وصلاح عبد السلام، المتهم بتوصيل المهاجمين يوم الجمعة، قد حكم عليهما في تهم لا علاقة لها بالإرهاب عام 2010، وتم سجنهما، و"السجن مكان تتم فيه عمليه التحول باتجاه التطرف"، وتم إطلاق سراح الرجلين في كانون الثاني/ يناير من السجن، وقام شقيق عبد السلام، إبراهيم بتفجير نفسه في باريس يوم الجمعة، بحسب ما تقوله السلطات الفرنسية.
وبحسب الصحيفة، فقد هاجرت عائلة أبا عود من المغرب، ونجحت تجارتهم في بيع الثياب في مولنبيك في بروكسل. وحتى عام 2013 درس أبا عود في كلية سان بيير المرموقة، وكان قريبا من عمل والديه في التجارة، وكان أكبر المشاركين فيها في 2013، وكان يدير اجتماعات مجلس الإدارة. ويصف جار للعائلة عاش بجانبها أبا عود قائلا: "كان شخصا عاديا، وجزءا من المجتمع المحلي".
ويستدرك التقرير بأنه في بداية 2014، سافر أبا عود إلى سوريا، حيث أوكلت إليه وظيفة يدوية، بحسب ضباط استخبارات حاليين وسابقين. وفي بدايات العام الجاري نشرت مجلة إخبارية فرنسية في باريس صورا وفيديوهات صورها متطرفو تنظيم الدولة، وحصل عليها مراسلو المجلة من الثوار السوريين. ويظهر أحد الفيديوهات متطرفا يسوق شاحنة بيك أب نحو قبر، ويجر خلفه حوالي ست جثث.
وتوضح الصحيفة أن السائق قال مبتسما أمام الكاميرا: "كنا نجر الدراجات المائية، والدراجات النارية والدراجات الرباعية والعربات الكبيرة الملأى بالهدايا لقضاء الإجازات في المغرب. والآن الحمد لله نجر من يحاربون ضدنا، الذين يحاربون الإسلام".
وينوه التقرير إلى أنه تم التعرف على السائق لاحقا، على أنه أبا عود، بحسب مسؤول أمني متقاعد. ويقول إن الفيديو ساعد الشاب البلجيكي ليصبح شخصية تمثل التطرف الإسلامي الأوروبي، وبأن يحصل على الاهتمام داخل التنظيم.
وتذكر الصحيفة أنه بعد ذلك بأشهر في صيف 2014، اختفى شقيق لأبا عود في الثالثة عشر من عمره، وظهر بعد ذلك في صورة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يحمل كلاشنكوفا بجانب جهادي بلجيكي آخر، بحسب المخابرات الفرنسية. وقال الوالد عن طريق محاميه إن ابنه قد أخذه أخوه إلى سوريا. وقرر والدا أبا عود مغادرة بلجيكا، بحسب حارس في بيتهما.
وبحسب التقرير، فقد كانت مهمة أبا عود هي جذب جهاديين فرنسيين، ولكنه ارتقى في الرتب في تنظيم الدولة؛ بسبب نجاحاته في العمليات العسكرية في سوريا والعراق، بحسب مقاتلي تنظيم الدولة في دير الزور والناشطين الذين يعيشون هناك.
وتنقل الصحيفة عن ناشط في دير الزور قوله إنه تم تعيين أبا عود قائدا أعلى في المنطقة من أبي محمد العدناني، الذي دعا إلى قتل الأمريكيين والأوروبيين، خاصة "الفرنسيين القذرين". ويقول المسؤولون الأوروبيون إنه أوكلت إلى أبا عود مهمات أكبر، وهي تنظيم مهمات هجومية في أوروبا.
ويورد التقرير أن المسؤولون يقولون إن نيموشي، المحكوم بتهمة الهجوم على المعبد اليهودي، التقى أبا عود في معسكرات تنظيم الدولة، حيث وجهه للقيام بالهجوم في بروكسل. وكانت محكمة في بروكسل حكمت غيابيا في تموز/ يوليو على أبا عود بالسجن 20 عاما بتهمة تجنيد جهاديين.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أنه في آب/ أغسطس، حصلت المخابرات الفرنسية على اعترافات من فرنسي، تم اعتقاله بعد عودته من الرقة، بأنه التقى بأبا عود عدة مرات في السنة الماضية. وقال لهم إن أبا عود أمره بمهاجمة قاعة احتفالات في فرنسا، ولكنه اعتقل قبل القيام بذلك.